هل يموّل المستثمرون الابتكار؟ اعترافات من CareZone في دبي
ملاحظة من المحرر (ن.ك): أحياناً لا تجد الأفكار الجيدة، التمويل في الإطار الزمني المناسب. وقد يكون السبب إخفاق في التنفيذ أو الفرصة أو الفريق أو المقاربة من جانب المستثمر أو الريادي. وفي حالة "كير زون" ومقرها دبي، لا شيء مما سبق ينطبق فهي فكرة فريدة منفذة بشكل جيد جذبت انتباه العديد من المستثمرين ونالت احترام المجتمع فضلاً عن جائزة في مسابقة نجوم الأعمال من مجلة SME Advisor في الخريف الماضي.
إذاً لماذا لم يستطع المشروع الحصول على التمويل بعد ثلاثة أشهر من تطويره؟ ربما كان من المبكر طرح فكرة المشروع في السوق والتي تقوم على إنشاء منصة للمحمول مصممة لتقدم للمتسوّقين مكافآت على مشترياتهم يمكنهم أن يتبرعوا بها لاحقاً إلى جمعيات خيرية أو أن يستبدلوها بهدايا، وتستهدف المنصة الأشخاص الذين يريدون رد الجميل لمجتمعاتهم. وكان المؤسس ريتش تيلاني الذي تحدث إلى ومضة عن المنصة في عرب نت الماضي، واقعياً حيال عملية بدء الشركة مستثمراً مدخراته الشخصية لبناء منصة المحمول من الصفر.
ولكن هل 6 إلى 9 أشهر هي مدة قصيرة للعثور على تمويل في الشرق الأوسط وشمال افريقيا؟ لم يمر ما يكفي من الوقت كي يصبح المشروع مربحاً والتوسّع الآن هو كمسألة الدجاجة والبيضة للشركة الناشئة. ولكن المستثمرين كانوا قلقين من أن تجد الفكرة سوقاً لها ومن كون الفريق المؤسس يضم شخصاً واحداً. إلاّ أن تيلاني ينوي التوظيف وتكبير الفريق بمجرد الحصول على التمويل. فقد أجرى مسوحاً على الزبائن وقدّم البيانات التي تؤكد حاجة السوق لفكرته ولكنه أجبر الآن على مواجهة حقيقة أن حذر المستثمرين حال دون توسّع الفكرة كما أراد.
ومع نقله المشروع إلى مرحلة أخرى، فكّر بالأسباب التي جعلت من الصعب عليه الحصول على التمويل، والتي قد يكون لدى رياديين آخرين رأي حيالها (شاركونا في التعليقات). إليكم ما قال:
انطلقت "كير زون" في آب/أغسطس الماضي كمنصة لمكافأة الزوار على التسوّق مع شركات تقدم تبرعات لمؤسسات خيرية. وبالإضافة إلى الحصول على مكافآت لأنفسهم، يمكن للمستخدمين أن يختاروا القضايا المفضلة التي يريدون أن تستفيد من أعمالهم الفردية. وقد حصلت على آراء هائلة من مستخدمينا وطلبنا التمويل لتوسيع شبكتنا من التجار وتسويق المنصة مع جمهور أوسع وجعل الخدمة متوفرة على المزيد من المنصات مع خصائص جديدة.
سعيت بنشاط وراء التمويل خلال الأشهر السبعة الماضية وشكّل هذا تحدياً كبيراً جداً، فالأمور تتحرك ببطء في المنطقة إذا ما قارناها بأسواق أخرى، حيث المستثمرون يطيلون عملية الموافقة على منح التمويل والبعض يتصرّف بشكل انتهازي. فعلى سبيل المثال طُلب مني في أول اجتماع مع مستثمر أن أتخلّى عن 70% من الشركة. والبعض الآخر قالوا انهم أحبوا ما رأوا ولكنهم لم يشعروا بأنهم سيلتزمون معي لعدة أسباب. ولكن في الوقت نفسه كان من المنعش رؤية أن هناك مجموعة داعمة من الأفراد في دائرة المستثمرين يهتمون بصدق بتغذية النظام الإيكولوجي الحاضن للشركات الناشئة في الشرق الأوسط وبمساعدة الشركات الفردية إن استثمروا فيها أم لا.
وخلال تجربتي، اكتشفت أن المستثمرين بدوا أكثر نفوراً من المخاطرة مما ظننت وأردت أن أحصل على فهم أفضل لما يبحث عنه المستثمرون. وفيما يشجع الجميع الرياديين في الشرق الأوسط على أن يكونوا مبتكرين وخلاقين، إلاّ أن الإبتكار بحد ذاته يتضمن مخاطرة لأن المفهوم الجديد الهادف لإحداث تغيير في الواقع، لن يتم اختباره بالكامل من البداية. ولدى الرياديين مسؤولية أن يكونوا مبتكرين ولكن ثمة عاملاً مساعداً وهو أن يكون المستثمرون أيضاً يرغبون في تمويل الابتكار.
كنت ولا أزال أركز على تعريف المال الذكي، والبحث عن مستثمرين إقليميين يمكنهم أن يضيفوا قيمة ليس فقط برأس المال بل أيضاً بالمعرفة والخبرة والشبكات. وأصبح واضحاً بالنسبة إليّ أن البيئة الحاضنة تحتاج إلى المزيد من الوسائل لتمويل الشركات الناشئة التي يحركها المغتربون والتي لا تزال في مراحلها المبكرة.
إذا كانت شركتك هي مشروع تكنولوجي أو اجتماعي أو الاثنين معاً كما هي الحال مع "كير زون"، فمن الصعب العثور على مستثمرين لأن الغالبية في المجموعة الصغيرة للمستثمرين الداعمين وأصحاب رأس المال المخاطر في هذا المجال يبحثون عن رهانات أكيدة أو آمنة في هذه البيئة الصعبة. لذلك فقد كان من الأسهل لي أن أستنسخ فكرة سبق أن حصلت على المصادقة في سوق ناشئة أخرى.
"كير زون" هي فكرة فريدة وأصلية لناحية نموذجها العملي ولناحية استخدامها للتكنولوجيا، وهي منتج صلب حصل على المصادقة في السوق، مكتسباً زبائن قادرين على الدفع وجامعاً العائدات مع تقديم مكاسب لعدد من القضايا. فزت بجائزة "أفضل شركة جديد" في مسابقة نجوم الأعمال 2011 من مجلة SME Advisor في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهو كان شرف كبير لنا. وسبق أن فازت GoNabit بالجائزة في السنة السابقة وقد واجهنا منافسة شديدة من لاعبين معروفين أكثر.
ليست "كير زون" الشركة الناشئة المثالية، وكنت مدركاً لقلق المستثمرين من إحتمال أن تكون "كير زو" فكرة من المبكر جداً طرحها في السوق ومن أجل الإثبات بأن المنتج يمكن بناؤه بناء على معايير عالية وبأن لديه سوق، استثمرت مدخراتي الشخصية في بناء النسخة الأولى من المنصة وتطبيق لأنظمة تشغيل "آي". وأنشأت قاعدة أساسية من مستخدمين يقدرون جهودنا لضمان تجربة مميزة للمستخدم. وبعد أن بدأ المستثمرون يعبرون عن قلقهم من مسألة وجود مؤسس واحد، وضعت خطة لتوسيع الفريق المؤسس وهي تتطلب تمويلاً خصوصاً لأن جذب أي موهبة في دبي يصبح صعباً بسبب سياسة تأشيرات الدخول إلى الإمارات. ولكننا اليوم نسعى لتوظف مدير للمبيعات ولتطوير الأعمال وهو أحد الأدوار الرئيسية لضمان أن يكون لدى "كير زون" شبكة مكثفة من التجار المشتركين فيها. وكذلك لدى "كير زون" الآن شخص مخضرم ويحظى باحترام واسع في القطاع كمستشار في الفريق.
ان الشركة الناشئة الناجحة يجب أن تكون مرنة وتتغيّر بناء على الفرص ولن تكون "كير زون" مختلفة عن هذا الواقع. وبناء على مسار الاستخدام وآراء المستخدمين سوف نتطوّر ونغيّر وجهتنا إن استدعى الأمر. والخبر السار هو أننا في النهاية نملك منصة صلبة وقابلة للتوسّع تسمح لنا بفعل ذلك. ولدينا حالياً خطط لفتح واجهة برمجة التطبيقات الخاصة بنا وإعطاء الفرصة لبائعين بالتجزئة على الإنترنت بالاستعانة بـ"كير زون" لمكافأة زبائنهم والتبرّع للمجتمع. وسنقوم ببناء تطبيقات للزبائن مستخدمي المحمول كما نفكر في وضع علامات بيضاء على بائعي التجزئة الأفراد وحددنا عدداً من الأساليب المبتكرة لدمج تكنولوجيات أحدث في منصة "كير زون".
سنواصل المثابرة على أمل أن يأتي الاستثمار لاحقاً. ولكن ما من شركة تتطلب التوسّع يمكنها أن تستمر من دون تمويل وهذا ينطبق على "كير زون" أيضاً. والحقيقة المرة هي أن القرارات الصعبة تحتاج أن تتخذ في المستقبل القريب جداً فيما يتعلق باستمرار "كير زون" إذا لم يتم تأمين التمويل.
أنا أكيد تماماً أن بإمكاننا أن نبني شركات تكنولوجية ناشئة ذات مستوى عالمي هنا في الشرق الأوسط يكون الابتكار لولبها. ولكننا نحتاج أيضاً أن ينضم إلينا مجتمع المستثمرين، نحتاجهم ليشجعونا على التفكير بشكل مختلف والدفع بنا لخلق تكنولوجيات جديدة ونماذج أعمال من أجل تعبيد الطريق للآخرين ليتبعونا.
ـــــ
ريتش تيلاني خرّيج جامعتي وارتون وإنسياد وهو مؤسس "كير زون" (CareZone) ((@carezone وهي منصة تعتمد على تحديد المواقع وتساعد مستخدمي الهواتف الذكية الواعين اجتماعية في التسوّق بشكل أذكى والحصول على مكافآت وفي الوقت ذاته إحداث فرق من خلال إفادة قضايا مفضلة لديهم بشكل مباشر. يعيش تيلاني في دبي ويمكن الاتصال به على تويتر (@rtilani)