عربي

يوريكا: نموذج عن استجابة المنطقة العربية مع التمويل الجماعي

English

يوريكا: نموذج عن استجابة المنطقة العربية مع التمويل الجماعي

مع تحضّر العالم العربي لمفهوم التمويل الجماعي Crowdfunding الذي يقوم على أن يحشد الأفراد مواردهم للتبرّع بها لأفكار الآخرين الرياديّة، نشأ نموذج أكثر تعقيداً في المنطقة هو الاستثمار عبر التمويل الجماعي أو التمويل الجماعي مقابل أسهم Equity Crowdfunding. وعلى خلاف نموذج التبرع البسيط الذي تعتبر كيكستارتر من الشركات الرائدة فيه إضافة إلى إنديجوجو وأفلامنا في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، فإن الاستثمار عبر التمويل الجماعي هو الحصول على الاستثمار من الجمهور أي إنه أخطر ولكن أكثر جدوى.

تصدّر "الاستثمار عبر التمويل الجماعي" العناوين في الولايات المتحدة في نيسان/أبريل، حين وقع الرئيس باراك أوباما قانون "تحريك شركاتنا الناشئة"(JOBS)، ما جعل من الأسهل أن تحصل الشركات الناشئة على رأسمال أساسي عبر استثمارات من الجمهور على الإنترنت نظير حصة من الأسهم. وفي حين أن النيّة نبيلة، إلاّ أن إعطاء الضوء الأخضر للاستثمار عبر التمويل الجماعي، أثار الانتقادات لما يتضمنه هذا النموذج من مخاطر محتملة.

تتلخّص مصادر القلق الرئيسيّة بشكل عام بالأسئلة التالية: هل المستثمرون المحتملون يفهمون حقاً شروط الصفقات والحقوق فيها؟ ما هي الحقوق التي يحتفظون بها في حال أفلست الشركة؟ وإلى أي مدى يجب تكثيف الجهود على المشاريع التي تتطلّع إلى الحصول على استثمار عبر التمويل الجماعي؟ كيف هي بُنية حقوق أًصحاب الأسهم؟ الأسئلة كثيرة ولكن كريستوفر توماس، المدير التنفيذي لـ"يوريكا" (Eureeca) أول منصة استثمار عبر التمويل الجماعي في الشرق الأوسط، يقول إنها تعكس التوتّر في المراحل الأولى. ويضيف "اسمعوا مني: الاستثمار عبر التمويل الجماعي سيكون في المستقبل الآليّة الأساسيّة لجمع المال للمشاريع". ويتوقع أننا "بعد عشر سنوات سنتساءل كيف صمدنا من دونه".

من النظرة الأولى قد يبدو الاستثمار عبر التمويل الجماعي مشابهاً جداً للتبرعات الجماعيّة، فالإثنان يستخدمان التكنولوجيا ذاتها أي الإنترنت. ولكن توماس يقول إن الاختلافات كثيرة بدءاً بمسائل الاستجابة. ويشرح أن "كل ريادي أو صاحب مشروع يتطلع لجمع الأموال عبر "Eureeca" عليه أن يخضع لفحوص الاستجابة. فحين نتلقّى عرض أفكار، نمرره إلى وكالة للتحقق مما إذا كان يستجيب لعدة شروط وهو نموذج غير متوفر في نموذج التبرع. وفي هذا الأخير، أنت تقدم مالك مقابل "تيشرت" أو "سي دي" أو اسماً في الوثائقي التالي. أما في الاستثمار عبر التمويل الجماعي فأنت تملك أسهم مقابل مالك، وهو نقاش أعمق حول الاستثمار القابل للحياة".

أُطلِقَت "Eureeca" بنسخة تجريبيّة في تموز/يوليو ويتوقع توماس الانطلاق الرسمي بحلول تشرين الأول/أكتوبر. وحتى الآن، يقول إن الاستجابة كانت ساحقة فـ"Eureeca" جذبت حتى الآن 110 طلباً من أصحاب شركات يبحثون عن التمويل، وهو أكثر مما كان يتوقع في هذه المرحلة. ويقول إن "التحدي الأكبر للرياديّين هو الوصول إلى رأس المال، فأكثر من 50% من الشركات تفشل بسبب غيابه". وإذ يشير إلى أنه في الولايات المتحدة يستثمر الأصدقاء والأسر 50 مليار دولار سنوياً في شركات جديدة، يقول إن "هذا مجمّع لم يلجه أحد لموارد الاستثمار. فالناس يريدون الاستثمار ولكن لا فرصة لديهم".

رأي المستثمر

يقول فيروز سانولا وهو مستشار سابق في الريادة مع "إنتل كابيتل" يعيش في دبي، إن الموضوع ليس بالضرورة بسيطاً، فثمة سبباً لنجاح التمويل الجماعي. ويشرح أنك "حين تعطي المال تتخلى عنه ولا تتوقع أي شيء في المقابل إلاّ قميص أو فيلم أو ربما المنتج الأول للشركة. وهنا لا يوجد سهم في المقابل، فأنت لا تحصد أرباح الشركة ولكن مجدداً: ماذا لديّ لأخسره سوى المائة دولار التي أهبها. ولكن إن كنت أقدم مالي على أمل الحصول على شيء في المقابل لجهة الأسهم، فالسؤال: كيف تنفذ ذلك؟

أمّا توماس فيشير إلى أن 70% من الطلبات الـ110 التي تلقتها يوريكا حتى الآن، جاءت من شركات في مرحلة التشغيل أو في مراحل التوسّع، لذلك فإن المستثمرين لا يمنحون المال لشركات "غامضة". وأضاف أن"هذا يجعل من الأسهل بكثير اتخاذ قرار الاستثمار هذا". ولا يحصل الرياديّون على مال الاستثمار إلاّ إذا بلغوا 100% من الهدف الذي حددوه للتمويل، ويقول توماس إن هذا أساسي لحماية المستثمر. وبحسب موقع الشركة، فإنه بمجرّد الوصول إلى هدف التمويل، تعيّن يوريكا محامين لضمان نقل الأسهم بشكل قانوني وفعّال. ف"الاستثمار عبر التمويل الجماعي لا ينجح إلاّ إذا أقرّ عدد كاف من الناس بأن الشركة قابلة للحياة لذلك يشجّع هذا على ممارسات صحيّة في الشركات".

تقدّم يوريكا عدة قوالب جاهزة تساعد الرياديّين وأصحاب المشاريع في وضع هيكلية لحقوق أصحاب الأسهم ولوائح الشروط كجزء من عرض المشروع على الاستثمار، ويسمح هذا النموذج أيضاً للرياديّين بنشر الأسهم على مروحة أكبر من المستثمرين. وبإمكان هؤلاء أن يتبرعوا بمائة دولار كحد أدنى ولا يوجد سقف على القيمة التي يمكنهم أن يستثمروها. وبما أنه لا يوجد حدود على عدد المستثمرين الذين يمكن أن تضمّهم الشركة، فهذا يعني أن أصحاب الأسهم لن يكون لديهم حقوق التصويت.

ويشير سانولا إلى أن النموذج التجاري يحشر المستثمرين في قوالب. ولكن يضيف "لا يوجد شيء إسمه قالب لأن كل صفقة تختلف عن غيرها. فبإمكاني أن أضع مائة دولار وغيري يضع ألف وآخر يضع عشرة آلاف، وهنا سيطلب كل منا حقوقاً مختلفة وكل منّا سيتطلّب أوراق وإجراءات مختلفة. ويجب تحديد من يقوم بهذا ومن يتفاوض وهل من المجدي التفاوض على صفقة بمائة دولار حين يكلّف التفاوض أكثر بكثير؟ فالقوالب هي نقاط انطلاق جيّدة ولكن ليست نقاط نهائيّة".

لذا هل يبدو مستقبل الاستثمار عبر التمويل الجماعي واعداً سانولا كما هو لتوماس؟ يجيب الأول "لا يوجد فرصة لأن يصبح الاستثمار عبر التمويل الجماعي الآليّة الأساسيّة التي تتبعها الشركات لجمع الأموال. وفي أحسن الأحوال، ستكون عنصراً مكمّلاً للقطاع. فحشد الاستثمار لا يعني جمع المال بل جمع المال الذكي أو بطريقة ذكية". ويضيف أن "البشر هم العنصر الضروري لصناعة شركات ناجحة. من يفتح الأبواب؟ من يرشد الشركات؟ المستثمرون يفعلون ذلك. وحين تفقد تلك اللمسة ماذا يحصل؟ الشركات تفوز لأن لديها الإرشاد الصحيح والحكم الرشيد بالإضافة إلى الرياديّين الجيّدين والإدارة الجيّدة ".

يقول الكثيرون إن المال لم يعد المشكلة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، بينما الإرشاد هو السلعة النادرة. ولكن التجربة قد بدأت، واليوم سيكون من المثير للاهتمام أن نرى ما إذا كانت الشركات التي تلجأ إلى الاستثمار الجماعي ستعتمد عليه فقط أو ستستخدمه بشكل ناجح كنقطة انطلاق لجمع الاستثمار والإرشاد في المستقبل.

Thank you

Please check your email to confirm your subscription.