شركة فلسطينية تنضم إلى قافلة المنصات العربية للتعليم الرقمي المجاني
سيتمكن أكثر من نصف سكان العالم من استخدام الإنترنت بحلول عام 2017. هذا ما أكده تقرير صادر عن مفوضية برودباند من أجل التنمية الرقمية. كما كشف التقرير أن 40% من سكان العالم يستخدمون الإنترنت في الوقت الحالي فعليًا، بواقع 2.3 مليار شخص، مع توقعات بارتفاع عدد مستخدمي الشبكة ليصل إلى 2.9 مليار شخص خلال 3 سنوات.
كما وكشف تقرير صادر عن "سيرفيس بلان الشرق الأوسط" أن عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي يُقدر بنحو 90 مليون نسمة، ويتوقع أن يتضاعف الرقم ليصل إلى 413 مليونًا بنهاية العام الجاري، مما يعني أن معدل انتشار الإنترنت في العالم العربي يعد أعلى من معدله العالمي بواقع 40,2%.
لعل تلك الإحصاءات، هي ما دفعت عدداً كبيراً من الشركات الناشئة في الشرق الأوسط، لتتبنى نشر ثقافة التعليم الإلكتروني. يأتي ذلك في إطار مساعِ لمواجهة تحديات تتمثل فيتردي مستوى التعليم في الدول العربية والمقترن بالتبعية بارتفاع كبير في معدلات البطالة بين شباب المنطقة.
تمثلت تلك الجهود في ظهور قافلة من ناشري المحتوى التعليمي المجاني العربي على الانترنت خلال العاميّن الماضييّن. تضمن ذلك مواد تخصصية ولغات أجنبية وتسويق وبرمجة وتصميم أهمّها منصة "إدراك" Edraak الأردنية،"وقف أون لاين"waqfonline القطرية، "رواق" Rwaq السعودية، أكاديمية الجيل الجديد New Generation Academy (قناة يوتيوب) السعودية، "أكاديمية ملتقى الدارين"Aldarayn المصرية، "أكاديمية التحرير" Tahrir Academy المصرية، "نفهم" Nafham المصرية، "اتعلم"et3alem المصرية وغيرها.
بشكل عام، تطرح تلك الشركات الناشئة والمبادرات الفردية المحتوى العلمي العربي مجانًا بالاعتماد على الإعلانات لتحقيق النموذج الربحي، أو بدعم من المؤسسات غير المستهدفة للربح.
وفي وقت يولي فيه هؤلاء اهتمامًا بالغًا لتوعية مستخدمي الإنترنت في المنطقة بأهمية استغلال الوقت المهدر على الشبكة في تنمية المهارات والتعلم؛ قررت شركة فلسطينية ناشئة أن تطلق مفهومًا مختلفًا للتعليم الرقمي المجاني من قلب غزة، رغم ما تعانيه البلاد من أوضاع سياسية متأزمة على مدار العام.
تركز "أكاديمية التعليم الحر"FAO Academy على تدعيم ثقافة العمل الحر بطرح مواد تعليمية مجانية تشرح سبل الوصول إلى وظائف حرة في العديد من المجالات عبر الإنترنت، مع شرح للفروق بين المواقع التي تقدم هذا النوع من الخدمات، على غرار "ايلانس"Elance و"أوديسك"Odesk، وآليات تجنب التعرض لعمليات النصب والاحتيال التي يتعرض لها البعض عن طريق مواقع التوظيف الحر.
"نقدم أربعة مستويات تعليمية لأسس البحث عن وظيفة والتقدم بعروض عمل عن طريق الإنترنت، ويشمل ذلك عدة مجالات كالبرمجة والتسويق واللغات وتصميم الجرافيك، وآلية تكوين فريق عمل حر لأصحاب الشركات، ولا يمكن دراسة المستوى الثاني قبل إنهاء دراسة المستوى الأول واجتياز اختبار لتقييم مستوى الدارس، وضمان حصوله على الاستفادة القصوى من الدورة"، هكذا عرّف أمير شراب، رئيس "أكاديمية العمل الحر"، خدمات المنصة.
وفي حديثها مع ومضة قالت حنان خشان، مدير التسويق في "أكاديمية العمل الحر": "رسالتنا هي نشر فكرة التوظيف الحر على الإنترنت لجميع الشرائح العمرية والتعليمية في المنطقة، ونولي اهتمامًا خاصّا لشرح آليات لبحث عن وظائف في مجالات مطلوبة في سوق العمل العالمي كإدخال البيانات والتفريغ الصوتي وتحسين آليات البحث على الإنترنت SEO، وتطوير وتصميم المواقع".
وتوضح خشان: "أي فرد يمكنه الحصول على وظيفة عبر الإنترنت من خلال منظومة التوظيف الحر المتاحة عالميًا وإقليميًا الآن، بصرف النظر عن مهاراته ومؤهلاته، إذ أن أصحاب أشهر قصص النجاح بهذا المجال لم ينهوا دراساتهم الجامعية، فكل المطلوب من الباحث عن عمل أن يجيد استخدام الكمبيوتر ومبادئ اللغة الإنجليزية، ليتمكن من تحصيل دخل قد يصل في المتوسط إلى 5 دولارات في الساعة".
بدأ فريق عمل "أكاديمية العمل الحر" العمل فعليًا منذ 6 أشهر، على سبيل الإطلاق التجريبي. فيما بدأوا الحملات التسويقية المدفوعة على قنوات التواصل الاجتماعي منذ نحو شهريّن.
ومن اللافت أنه برغم استهداف الحملات التسويقية لأهل فلسطين تحديدًا، إلا أنه انضم متدربين أيضًا للأكاديمية من السعودية ومصر، "بمشاركات كثيفة من صحفيات سعوديات"، وفقًا لخشان.
ولتتمكن من تحقيق عنصر الاستدامة رغم نموذج العمل المجاني، تعمل "أكاديمية العمل الحر" بدعم من منظمة "ميرسي كور"Mercy Corps العالمية غير الربحية، وبالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدوليةUSAID.
حددت "ميرسي كور" جذب ألف متدرب خلال ثلاثة أشهر، كمعيار تقييم "أكاديمية العمل الحر"، إلا أن المنصة الفلسطينية تجاوزت خمسة أضعاف تلك المقاييس. "على مدار فترة التسويق القصيرة، انضم للدورات التدريبية على الموقع أكثر من خمسة آلاف وخمسمائة دارس وأنهوا المستوى الأول بنجاح، بل وقدموا بالفعل عروض عمل على مواقع التوظيف الحر، ونتابع باستمرار مع المتدربين على صفحات التواصل الاجتماعي ونقوم بالرد على استفساراتهم بعد إنهاء التدريب"، تقول خشان.
لن تطول فترة الدعم من "ميرسي كور" وUSAID أكثر من عامين، بعدها سيتعيّن على القائمين على الشركة الناشئة، طرح دورات أكثر تخصصية بنموذج مدفوع.
في هذا الصدد تقول تقارير نشرتها منصة "دوكيبو" Docebo، مزود أنظمة إدارة التعلم الإلكتروني السحابية، أن إجمالي عوائد شركات شرق أوسطية من التعلم الإلكتروني بلغت 443 مليون دولار، وأن معدل نمو عوائد الصناعة سنويًا يبلغ 8.6%.
كما تتوقع المنصة أن تبلغ عوائد الشركات العاملة في هذا المجال بالمنطقة 560 مليون دولار بنهاية العام الجاري. تعلل الشركة ذلك بأن الصناعة تشهد دعمًا من الحكومات والمؤسسات العالمية الكبرى ومؤسسات التعليم الخاص على حد سواء. فهل تنتظر المنطقة هذا العام طفرة تنموية وتعليمية كمردود لتطورات العصر الرقمي؟