خذ مثلاً منصة "رواق" التي بعد أن أكملت عامها الأول، أعلن مؤسسوها عن إطلاق منصة تعليمية أخرى. أي جرأة يحملها هذا الفريق؟!

أبطال قصتنا السابقة "رواق" و"جنة" سيحدّثونا اليوم عن منصة مهارة الوليدة الجديدة التي انطلقت بداية هذا العام. تختصّ "مهارة" بتقديم دورات عن كلّ شيء، ويمكن لأي شخص فتح حساب وإنشاء دورة حول أي موضوع وتقديمها للجمهور بالمجان أو بمقابل مادي. خلال مقابلة لنا مع المؤسّس الشريك سامي الحصين، عرّفنا عن المنصة قائلاً: "هي مقدّمة للأفراد والمنشآت التعليمية والتدريبية على حدّ سواء .. كما يمكن للأشخاص الاشتراك فيها".

تعليم جيد يعني اقتصاد جيد

كان أوّل سؤال طرحناه على الحصين هو السبب وراء إطلاق مهارة، فأتى جوابه ليعكس تخطيطًا مُسبقًا. "التعليم أنواع، منها التعليم العامّ والتعليم الجامعي والتدريب على المهارات والشهادات الإحترافية، ونموّ أيّ مجتمع أو اقتصاد يحتاجه كلّه منذ إنشاء أروقة المعرفة." يعلم الحصين حجم الطلب على الدورات في المنطقة فلن تكون مهارة المنصة الأخيرة.
جاءت منصة "مهارة" لتكمّل سابقتها "رواق" وتختصّ بالتدريب على المهارات مثل إدارة المشاريع، والتصميم، وإدارة الشبكات ونظم التشغيل وغيرها. أما رواق فتختصّ أكثر بالمواد الأكاديمية الجامعية، وهما تكمّلان بعضهما لا تتنافسان، بحسبّ قول الحصين. 

يمكن لأي أستاذ أن يقدّم الدورات على المنصتين، كما يمكن لأي شخص أن يعلّم ويتعلّم عبر منصة "مهارة"، بحيث يصبح طالب في دورة معلّمًا في دورة أخرى.

علّم وتعلّم

بهذا الشعار الصغير تحاول "مهارة" أن تُسهّل عملية نقل المعرفة لجميع الناطقين باللغة العربية التي ستكون اللغة الوحيدة للمنصة. "تركّز أروقة المعرفة على تقديم المحتوى باللغة العربية لإثراء المحتوى العربي وضمانة أن يحصل من لا يتحدّث لغة أخرى على فرصته في تلقي التدريب". بحسب المؤسس الشريك، هناك حتى الآن 44 مادة تعليميّة منها دورة أساسيات عن التصوير الفوتوغرافي التي بلغ عدد الملتحقين بها 325 مشترك، وقدِّم خلالها 24 محاضرة وهو ما يعكس الطلب على مثل هذه المهارات. كما هناك دورات عن التجارة الإلكترونية، واللغة الفرنسية، البرمجة، إضافة إلى عدد كبير من الدورات حول مختلف برامج الكمبيوتر. ويخبرنا الحصين إنه لضمان الجودة وتوفّر المادة، فإن المادة لا تصبح متوفرة إلى أن يكتمل العدد.

من أين تأتي أرباح المنصة؟

تخيّر "مهارة" مقدّم الدورة بإما تقديمها مجانًا للجمهور أم مدفوعة. إن كانت مدفوعة، فعليه مشاركة الأرباح مع المنصة. وتختلف حصّة الربح بناء على من يقدّم المادة، أكان منشأة أم شخصًا. "حاليا يتمّ تقاسم العوائد المالية بالمناصفة." تحصل "مهارة" على 50% من قيمة كلّ انضمام للدورة و 50% تعود للمدرّب. سيتمّ تفعيل ميزة الدورات المدفوعة لاحقاً، ويمكن تحصيل المقابل المادي عبر بطاقة الائتمان من خلال الموقع، والتحويل الآلي للحساب البنكي، ونظام سداد - المعمول به في المملكة – و"باي بال"، وفي ما يخصّ أسعار الدورات فسيتم تحديدها من مقدّم المادة.

مليارات الحكومة تُكمل عمل الرياديين

برغم حماس الحصين وشريكه فؤاد الفرحان لهذه المبادرات التعليمية، إلا أنّ الحكومة السعودية تبقى لاعبًا مهمًّا وكبيرًا في قطاع التعليم، حيث تُغدق الحكومة السعودية المليارات على قطاع التعليم وقد بلغ مجموع ما قامت المملكة بصرفه على قطاع التعليم منذ العام 2005 وحتى العام 2015 ما يقارب 1.57 تريليون ريال، بحسب الحصين. كما خصّصت في ميزانية 2015 لقطاع التعليم 217 مليار ريال. الريال يساوي 3.75 دولار وهو ما يعادل ربع الميزانية، وسبق أن أطلقت مشروع الملك عبدالله تطوير التعليم بميزانية إجمالية بلغت 80 مليار ريال، والذي ركّز في أحد بنوده على إدخال التقنية في التعليم، وربط المدارس بالإنترنت، والتعليم الإلكتروني، والفصول الذكية. كلّ هذا الصرف يراه الحصين مُكمّلاً لمبادرتهما. "المبالغ التي تخصّص للتعليم في بلادنا مبهجة ولكن ليست كافية .. في دول العالم بما فيها المملكة، تتكامل القطاعات الأربع المعروفة الحكومية والخاصة والشركات الناشئة وغير الربحية، فنرى أنّنا نكمّل بعضنا. ستكون النتائج أكبر لو تم التنسيق بين هذه الجهات الأربع لخدمة التعليم، فيد واحدة لا تصفّق". ويُفسر الحصين عدم كفاية الدعم الحكومي ويُذكّرنا بالحلول الإبداعية قائلاً: "بحسب إحصاءات الأمم المتحدة، نحن نحاول أن نستوعب الاحتياج المتزايد في العالم للتعليم العالي. نحتاج لافتتاح ٣ جامعات أسبوعياً تستوعب كلّ واحدة ٤٠ ألف طالب خلال السنوات الـ 12 القادمة. وهذا من المستحيل تحقيقه إلا من خلال حلول إبداعية."

فكّر، جهّز، انشر، اربح

دائماً ما يذكر الحصين والفرحان مفردات مثل "النهضة، النموّ، المعرفة، بناء المجتمع. من هذه المفردات تستطيع أن تقرأ الرؤيا بعيدة المدى التي يشتركان في بنائها، لذلك لن تكون مهارة آخر المبادرات فنحن على موعد مع مبادرة جديدة، فاحتفظ بحسابك على رواق لأنك ستحتاجة قريباً لتسجيل الدخول فيه. "تمّ تطوير الخدمة لاستخدام حساب رواق في مواقع أخرى وقد تم توقيع اتفاقية مع العديد من المواقع العلمية في العالم العربي لهذا الغرض وسيعلن عنها قريبًا."