تأثير ستيف جوبز بحسب موظف أردني سابق في أبل
في أعقاب وفاة ستيف جوبز يوم أمس, فاضت شبكة الانترنت بذكريات عن الفترة التي قضاها المدير التنفيذي الأسطوري لشركة آبل ممسكاً عجلة القيادة. ومن خلال سرد ستيفن ليفي من شركة وايرد (Wired) التفصيلي لما كان يجعل جوبز ينبض ويتحمس ووصْف كريس تايلر من ماشبل (Mashable) كيف أن مظهره الخارجي القاسي أخذ يلين ببطء على مر السنين، يتضح ويتبلور ما نحبه في ستيف جوبز.
لا يقتصر الأمر على إنجازاته الهائلة في آبل والتي حوّلت الكمبيوترات والهواتف من مجرد أجهزة لا تحمل أي ملامح جمالية إلى أعمال فنية، فيما كان يبني الشركة الأكثر قيمةً في العالم. ولا يقتصر على المعايير القياسية التي وضعها باندفاعه الذي لا يكل وبعد نظره. بل إنها إنسانية جوبز المطلقة التي جعلت منه أيقونة. كاد شغفه وحيويته أن يكلّفانه شركته. وقساوته نفّرت الموظفين أحياناُ في الوقت الذي كانت فيه معاييره تلهمهم. لم تتوقف صرامته وشدته أبداً بينما كانت قدرته على التجوّل في سروال جينز قصير ترسم الابتسامة على وجوه الصحافيين.
تكلمنا مع المقاول الأردني غيث قعوار، الشريك التأسيسي لوكالة التصميم Zero3Digital واستديو تطوير الألعاب Tak Tek Games عن فترة عمله في أبل من 2004 إلى أوائل العام 2007. خلال تدريبه الموظفين لتعليم الزبائن عن برمجيات التصميم التقني، أدرك في نهاية المطاف أنه هو الذي يتلقى التدريب. حوّلت آبل نظرته حيال كيفية تعاون الناس للخروج بالابتكارات وعلّمته أنه تحت قيادة ستيف جوبز اتحاد الأضداد يصنع المعجزات.
ها هي قصته.
كيف أثرت فيك ثقافة آبل؟
لقد غيرت حياتي. لقد تعملت، بكل بساطة، كيفية التفكير. إن المعرفة العميقة التي اكتسبتها لم تتمحور بشكل أساسي حول الشق التقني للتصميم بل كانت أكثر على مستوى استراتيجي.. تعلمت كيفية التخطيط ، وكيفية التواصل وكيفية الانتباه إلى التفاصيل. لم يكن هناك أي مكان آخر كان يمكنني أن أحصل فيه على هذا النوع من التأثير والتوجيه. خلال معظم الوقت الذي قضيته هناك ، كنت أتعلم أكثر مما كنت أعمل. وعندما خرجت كان قد أصبح لدي نمط مختلف من التفكير .
ما الذي كان يميز ثقافة آبل؟
أدركت منذ البداية أن كل شيء في شركة آبل كان مختلفاً. إجراء مقابلات التعيين لم يكن فقط مع رؤسائي بل أيضاً مع نظرائي والذين سيعملون فيما بعد تحت إشرافي أيضاُ. السيدة التي أصبحت فيما بعد مديرتي شرحت لي ، "تخيل أن آبل أحجية صور مقطوعة ضخمة. وأن لدينا 11000 موظف (حينها) وهناك واحد فقط غير موجود. إن لم تكن مناسباً 100% لهذا الموقع، لن يتم تعيينك. ونحن على استعداد أن ننتظر مطوّلاً حتى نعثر على الشخص الصحيح. "
كيف حددت الرؤية الشخصية لستيف جوبز طبيعة ومسار الثقافة؟
خلال فترة تواجدي هناك، سادت ثقافة هيبية مسترخية في آبل ولا تزال على هذا النحو. الجميع هناك يسيرون عكس التيار المتعارف عليه ومع ذلك يسود جو مهني إلى حد لايصدق. تقام حفلة عصر كل يوم جمعة ولكن يوم الأحد يتواجد الجميع هناك بحلول التاسعة لصنع شتى أنواع الأشياء الجديدة والجنونية.
بالطبع كان لستيف جوبز اليد الطولى في ذلك إذ كان نفسه هيبياً . كان يسير دائما مرتدياً سراويل قصيرة ومنتعلا الصنادل. ولكن حين كان الأمر يتعلق بمسائل جدية، كان يمكن أن يكون صارماً للغاية. لكنه في الوقت نفسه ، كان مرشداً للجميع. حين كان يتعلّق الأمر بالتدقيق في أفكار جديدة محتملة، أحيانا كان يبعث لشخص رسالة الكترونية مباشرة يقول فيها "هذه فكرة مريعة، لمَ خطرت ببالك؟" وفي أحيان أخرى كان يقول، "هذه فكرة عظيمة، مر على مكتبي يوم غد".
إذن، كان يوجد دائما هذا الاتحاد بين الأضداد، كانت ديناميكية العمل تقول، "إياك أن تخفق"، ولكن كان يفترض بك أيضاً أن تقوم بأشياء لم يسبق لأحد أن قام بها.
كيف باعتقادك ستتغير ثقافة آبل بغياب جوبز؟
من السهل أن تنقاد للتفكير أن آبل تتمحور حول قيام ستيف بألعاب خفة على خشبة المسرح. شخصيا لا أعتقد إطلاقاً أن غياب ستيف جوبز يمثل نهاية آبل. حضور ستيف كان ملموساً في كل أنحاء آبل ولكن الشركة لم تكن قائمة على رجل واحد، تلك الصورة لا تعطي كل ذي حق حقه. فكل شخص التقيت به في آبل كان بحد ذاته نجماً.
على سبيل المثال ، ذات يوم على الغداء سألت رجلا اخترته بطريقة عشوائية عما كان يعمل عليه.قال "علييّ أن أخترع أصغر كمبيوتر في العالم في غضون ستة أشهر" ، ثم نشر إعلاناً داخلياً، تبرّعع على إثره 5 أو 6 أشخاص بوقتهم للمساهمة في المشروع فوق ساعات عملهم المعتادة. في ستة أشهر، ابتكروا ال"ماك ميني" مسجلين بذلك رقماً قياسيّاً. كان كل ما لدى هذا الرجل هو الدافع فقط وهذا مجرد مثال واحد، لم يتم كل شيء بإملاءات من ستيف.
كيف أثرت فترة عملك في شركة آبل على طريقة إطلاق مشاريعك؟
أهم شيء تعلمته في شركة أبل، وبغض النظر عن حقيقة أن المطبوعات كانت قد انتهت فعلياً، هو كيفية تأسيس شركة. تعلمت كيفية إنشاء فرق عمل فعالة وتدفق عمل أفقي لتمكين وإعطاء الموظفين قوةً أكبر بدلاً من االإكثار من بناء تسلسلات وظيفية هرمية. في كل من Zero3Digital وTakTek Games اللتين أسستهما في عام ٢٠٠٨ و ٢٠١٠ ، أحاول ترسيخ الاهتمام بالتفاصيل تكرار الهيكلية التي رأيتها في شركة آبل ، مع التشديد على أن كل شخص يملك المشروع الذي يشارك فيه. سنواصل بناء هذه الثقافة فيما نتوسع إقليمياً خلال العام المقبل.
هل من الصعب إنشاء هذه الهيكلية في الأردن؟
أجل. العديد من الموظفين هنا يأتون من شركات ذات إدارات تقليدية حيث على كل موظف تقديم تقرير إلى موظف آخر. والناس هنا مهووسون بالألقاب. إخبار شخص ما بأنه قائد الفريق قد يوهمه بأنه أكثر قوة. علي تدريب الموظفين لحملهم على أن يفهموا أنهم جميعاً متشاركون في مشاريعهم بنفس القدر، وأن الجميع يتحمل مسئولية تأخر صدور منتج. أنا أحاول حثّ الناس على التخلي عن فكرة أن عملهم ينتهي حين يؤدون المهمة الموكلة إليهم. إنها مسألة تغيير طريقة التفكير، تماماً كما غيّرت آبل طريقة تفكيري.