تراجع مجمِّعات مواقع التواصل الاجتماعيّ: سبب فشل موقع باور دوت كوم
شهدت السنوات الخمس الأخيرة دفقاً هائلاً لمواقع التواصل الاجتماعيّ ولمستخدمي هذه المواقع، خاصةً مع ظهور فيس بوك وتويتر. وأصبح للمستخدمين الحاليين خيارات أكثر فأكثر للقاء أشخاص جدد ومناقشة اهتماماتهم. لكنّ نشوء مواقع جديدة كان يعني تعدد لحسابات المستخدمين التي تتنافس للاستئثار بانتباههم المحدود وهي معضلة أدت إلى ولادة ما يسمى بمُجمِّعات مواقع التواصل الاجتماعيّ. ومع ذلك فمن أراد دمج حسابات مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعيّ وإيجاد حلٍ يوفّر عليهم مقدار الانتباه المطلوب قد يرغب في الإصغاء إلى القصّة التحذيريّة وراء أحد أوائل المجمِّعات لمواقع التواصل الاجتماعيّ وهو باور دوت كوم.
في شهر أكتوبر من عام ٢٠٠٨ أظهرت دراسة، أجرتها شركة كومسكور، أنّ ٥٠ مليون مستخدم على الأقل استخدموا موقعي تواصل اجتماعي خلال الشهر. في ذلك الوقت لم يكن هناك طريقة فعّالة لتجميع البيانات والنشاطات من جميع هذه المواقع ضمن نطاق واجهة واحدة. ولتحقيق هذا الهدف ففي أواخر شهر نوفمبر من عام 2008 تمّ إطلاق مشروع رائد مدعوم برازيلياً يحمل اسم باور دوت كوم. شملت الخدمة مواقع تواصل اجتماعي مثل فيس بوك وماي سبيس وبيبو وأوركوت وهاي فايف ونسخة أوّلية من يوتيوب، ووصلت إلى ذروة انتشارها ب5 ملايين مستخدم.
لمحة عن واجهة باور دوت كوم
يتيح لك باور دوت كوم الدخول إلى عدة مواقع تواصل اجتماعي ودمجها في لوحة المعلومات الخاصة بك. بمجرد دخول المستخدمين باور دوت كوم باستعمال كافة المعلومات المطلوبة يصبح بإمكانهم الردّ على المحتوى أو التعليق عليه مباشرة من خلال باور، أو حتّى إرسال تحديثات إلى جميع مواقعهم للتواصل الاجتماعي في الوقت عينه. وبالإمكان أيضاً إرسال رسالة إلى صديق واحد فقط، مع إرسالها إلى جميع مواقعه الاجتماعيّة المختلفة. كانت الفائدة من هذه الخدمة أنّها سمحت للمستخدمين بتتبّع أصدقاء لهم على مواقع تواصل اجتماعيّ ينتمون إليها لكن لا يزورونها كثيراً، وتحديث رسائل حالة الشخص في نفس الوقت على كافة الشبكات، وتحميل صور بسهولة على جميع المواقع. لكن حُكم على باور دوت كوم ألاّ تتابع نشاطها لوقت طويل بسبب مشاكل شروط الاستخدام مع فيس بوك.
باور دوت كوم ضدّ فيس بوك وماي سبيس
في ٣٠ ديسمبر من عام ٢٠٠٨، رفعت شركة فيس بوك دعوى قضائية ضدّ باور دوت كوم بتهمة انتهاك شروط الاستخدام وحقوق النشر والكتابة والعلامات التجاريّة. اتهمت فيس بوك باور دوت كوم بسرقة بيانات المستخدمين من موقعها وتخزينها. بشكل عام تتبع فيس بوك بروتوكولات صارمة بشأن الربط مع مواقع الطرف الثالث (خاصةً من خلال فيس بوك كونكت) لكنّ باور دوت كوم اختارت تجاهل بروتوكولاتها، ممّا أدّى إلى الدعوى القضائيّة. بعد ذلك بشهر، أوقفت ماي سبيس عمل باور دوت كوم أيضاً لأنّها لم تكن تستعمل بروتوكولات التوثيق المناسبة المطلوبة من قبل ماي سبيس. أصبحت هذه بداية النهاية للموقع كونه بدأ علاقات عدائية مع أكبر موقعي تواصل اجتماعيّ في تلك الفترة.
نهاية باور دوت كوم
مع حلول عام ٢٠١١، كانت باور دوت كوم كما نعرفها قد اختفت. بعد التصادم مرّات أكثر من اللازم مع الشبكات الاجتماعيّة الأكبر بسبب شروط الاستخدام ومسائل التوثيق لم يعد الموقع قادراً على المضي قدماً. تمّ الآن استبدال اسم باور دوت كوم بمزاد علنيّ لبيع اسم الملكية ما يتطلّب مبلغاً أقلّه 2.5 مليون دولار. يفكّر مبتكرو الموقع على الأرجح في أساليب لاسترداد بعض من رأسمال ال٦ ملايين دولار الذي جمعه المستثمرون في موقعهم. مع اسم ملكية ذائع الصيت مثل باور دوت كوم قد يتبيّن أنّ هذه فرصة عمل مربحة.
قد يثبت كون مجمِّعات مواقع التواصل الاجتماعيّ أدواتاً مفيدةً جداً، خاصةً في أيّامنا هذه، التي تشهد وفرةً في مواقع التواصل الاجتماعيّ كلّ منها بتفاصيله الدقيقة. فلدينا الآن أدوات مثل هوت سوت وتويت ديك التي نجحت في الاندماج مع تويتر وفيس بوك، كما أن لدينا مجمِّعات مثل فريند فيد التي استطاعت أن تدمج بنجاح عدّة شبكات اجتماعيّة من دون أدنى خلل. مع دخول غوغل بلاس فضاء الشبكات الاجتماعيّة، واختفاء مجمِّعات شبكات اجتماعيّة أخرى مثل ستريمي وأداة تصفّح الشبكات الاجتماعيّة فلوك، ربّما يكون الجوّ مهيّئاً لدخول مجمِّع آخر. ومع ذلك يبقى فشل باور دوت كوم في مجاراة مواقع التواصل الاجتماعيّ الكبرى قصّة تحذيريّة ممتازة لأيّ شخص يسعى إلى دخول هذا الفضاء – القوانين قابلة للتطبيق.