شركة لبنانية ناشئة: "كيوفوكس" لا مواعيد ضائعة
كل ما يتطلبه الأمر أحياناً لتراود فكرة ما بالك هو أن تشهد حادثة بسيطة. إنّ القدرة على رؤية إمكانية التغيير في الحياة اليومية هي ما يميز أصحاب المشاريع الذين يتمتعون بموهبة الخلق والإبتكار عن غيرهم من الناس. وهذا ما حصل بالضبط لمكرم ريدان، وهو مهندس كمبيوتر شاب واستشاري مستقلّ في برمجيات الحاسوب وهو ما دفعه إلى تأسيس شركة كيوفوكس.
كيف كانت البداية؟
جاءت فكرة كيوفوكس بينما كان مكرم ريدان ينتظر دوره في إحدى العيادات، فلاحظ أنّ أحد المرضى فوّت موعده بدون الإعلام بإلغائه لأنه نسي أمر الموعد على ما يبدو. وما صدم ريدان أكثر بعد هو استبعاد مريض جاء بلا موعد لأنّ جدول الطبيب كان ممتلئاً بالمواعيد. هذا ما جعله يفكر في كيفية إيجاد الطرق المناسبة لحلّ مثل هذا النوع من المشاكل خصوصا وإن كلا الطرفين – أي العيادة و المرضى – يتضرران بسببها.
وهكذا وُلدت الفكرة الأساسية لكيوفوكس وهي: لا مواعيد ضائعة.
استخدم ريدان في تصميم كيوفوكس برنامج تويليو (Twilio)، الذي يمكّن المستخدم من إجراء مكالمات هاتفية مستخدماً بروتوكولات الانترنت. تم تصميم كيوفوكس للتواصل مع الزبون من خلال الاتصال الهاتفي أو الرسائل النصية القصيرة أو البريد الإلكتروني لمعرفة ما إذا كان سيحضر الموعد أو سيعتذر عن الحضور. ومن ثم يقوم البرنامج بإبلاغ الشركة بردّ الزبون ممّا يسمح لها بالتعامل مع المواعيد المُلغاة قبل فترة قصيرة وإعادة جدولة المواعيد من أجل استيعاب زبائن جدد.
تمّ تصميم كيوفوكس لخدمة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم بشكل أساسي وترتكز عائداته على رسوم عضوية شهريّة. تتوفّر عدّة برامج يمكن للشركات أن تختار من بينها بحسب حجم استخدامها للبرنامج. فمثلاً في حال تجاوزت إحدى الشركات عدد الاتصالات المخصص لها شهرياً، يمكنها شراء عدد إضافي من الاتصالات، كما أنّه يتمّ ترحيل أي رصيد غير مُستخدم إلى الشهر القادم. يتميّز برنامج كيوفوكس عن منافسيه بسماحه للشركات قبول أكثر من مستخدم وجدول مواعيد ضمن حساب واحد.
النمو والتحديات
يتم استخدام برنامج كيوفوكس بشكل أساسي الآن في أمريكا الشمالية، ولكنّ ريدان يسعى إلى نشر البرنامج في سوق الشرق الأوسط، حيث هنالك طلب كبير عليه. غالباً ما تعاني أنظمة تنظيم المواعيد من الفوضى، ومن هنا تأتي أهمية هذا البرنامج الذي يتيح خيار التنبيهات بالنسبة إلى الكثير من الشركات.
وجد ريدان أنه في ما يتعلّق بالوجود المحلي، كان من الصعب تأسيس شركة مستقلّة ومموَّلة ذاتياً في لبنان، وذلك نظراً لكون القوانين الحكومية اللبنانية لا تدعم أصحاب الأفكار المبتكرة، بسبب التنظيمات التي تشير إلى ضرورة أن تعين الشركات الجديدة محام ومحاسب مرخَّص، وهو ما يرفع من تكلفة إنشاء الشركات. أضف إلى ذلك البطء الشديد في الاتصال بشبكة الانترنت في لبنان - والذي من المفترض أن يتم تحسينه في هذا العام - و الذي يشكل عائقا إضافيا أمام تأسيس الشركات. دفعت هذه العوامل بريدان إلى تأسيس شركته خارج البلاد وتحديداً في المملكة المتحدة.
وعلى الصعيد الشخصي، واجه ريدان العديد من الصعوبات في التوفيق بين عمله كاستشاري برمجيات وعمله على برنامج كيوفوكس، لكنّ هذه الصعوبات بدأت تتلاشى بعد اجتياز مرحلة التطوير الأوليّة. وكانت هناك عقبة أخرى كان عليه مواجهتها مثل التكاليف المرتفعة لرخصة برنامج تيوليو والذي دفعه جديا للنظر في خيارات أخرى لبناء منصة برنامج كيوفوكس.
بالرغم من هذه التحديات، يمضي ريدان قدماً في مشاريعه. فكما قال في مقابلة له مع ومضة السنة الماضية لقد وفّر منصّته التقنية للشركات الراغبة بتطوير نسختها الخاصة من هذا المنتج. كما أن ريدان يسعى إلى تشكيل قوة مبيعات محلية في لبنان تستخدم تقنية المبيعات المباشرة (الباب للباب)، وذلك للوصول إلى العملاء المحتملين. كما أنّه ينوي تعزيز وجوده على الانترنت من خلال مقاطع الفيديو التي توضح كيفية عمل برنامج كيوفوكس، وأيضاً من خلال تحسين قدرته على التكامل مع برامج تنظيم جداول المواعيد الأخرى مثل برنامج آوت لوك من مايكروسوفت وبرامج غوغل.
حلّ المشكلة اتصالاً تلو الآخر
تشكّل قصّة تأسيس كيوفوكس في نهاية المطاف قصّة نموذجية لتأسيس أي شركة. فالحادث الذي ألهم مكرم ريدان كان وقوع مشكلة يمكن حلّها. وتُعنى هذه الفكرة بحاجة اجتماعية أوسع وهي الحاجة إلى تعزيز الإنتاجية والتخفيف من الوقت الضائع بواسطة حلّ بسيط جداً. ومع تحسين البنى التحتية اللبنانية، قد تتوج كيوفوكس بالريادة في سوق جديد.