انتشار مواقع العروض اليومية: سوق ذو انتعاش حقيقي أم حالة لهاث للحاق بالسوق العالمي؟
أظهرت المواقع الإلكترونية للعروض اليومية نمو مذهلا في الشرق الأوسط بنسبة 42% على مدى الشهور الستة الأخيرة من عام 2011، فهل هذا انعكاس لمؤشرات انتعاش حقيقي أم هو لهاث متسارع لإدراك السوق العالمي بعد أن سبقنا بأشواط؟
نحن نحب العروض اليومية
إن مواقع العروض اليومية وجدت لتبقى، فهي تظهر كل يوم قدرتها على الإستمرار وشعبيتها لدى جمهور المستهلكين. ففي كل صباح استيقظ لأجد ما بين 5 إلى 6 رسائل الكترونية تعلن عن العروض اليومية، وتهيم القسائم في فضاءات المواقع الإلكترونية مانحة الجميع فرصة الإستفادة من تخفيضات على السلع والخدمات، مما يمكنهم من ارتياد المنتجعات، وتعلم دروس الرقص وتناول الوجبات في المطاعم المختلفة. قبل سنوات قليلة شهدنا انطلاق موقع GoNabit (المسمى حاليا Living Social) وموقع Cobone. فيما بعد انضمت الشركة العالمية Groupon إلى قائمة مواقع العروض اليومية، ومن بعدها انطلقت غيرها من المواقع مثل DealGobbler، CityLoots، Makhsoom، Joyoffer، Scoupon ،MooSavings ، TheDealSpaceو .HuntUrDeals ورغم أن الأرباح الصافية التي يمكن أن تتحقق للتجار عن طريق هذه المواقع ما زالت مثار شك، فقد تمحورت الأحاديث مؤخرا في كواليس المكاتب عن نشاط ملحوظ للمستهلكين في استخدام القسائم مقابل الحصول على سلع وخدمات.
ويستمر النمو
ذكر موقع TechCrunchمؤخرا أن "798 موقع للعروض اليومية انشأت في آخر ستة أشهر من عام 2011" وإذا ما أمعنا النظر في الأرقام نكتشف أن منطقة الشرق الأوسط تظهر نموا مذهلا بنسبة 42٪، ويبدو هذا منطقيا بالنظر الى تزايد العروض اليومية والذي نلمسه في كل مرة نقوم فيها بتصفح الانترنت.
وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو، ما الدافع وراء نمو أسواق العروض المالية في الشرق الأوسط؟ يعتقد البعض أن هذا النجاح يعود لصغر السوق حجما وعمرا بالإضافة إلى تأخره عن السوق العالمية، مما يجعل معدلات نموه المتسارعة مجرد تعبير عن محاولته للحاق بركب الاسواق العالمية. بينما يظن الغير أن هذا النمو يعود إلى سوق الكتروني منتعش تسهم في ازدهاره الوفرة المالية التي تحققها الاقتصادات النفطية في المنطقة. ولكن من وجهة نظري هنالك سبب ثالث يشرح دوافع النمو في سوق مواقع العروض اليومية في الشرق الأوسط.
من التجارة
التقليدية إلى التجارة عبر الانترنت
(O2O)
تستمر مواقع العروض اليومية في التقدم وحيازة حصة أكبر من سوق
المستهلكين على حساب الأسواق التقليدية. فهذه المواقع تحل الكثير من
المشاكل المرتبطة بالتجارة الالكترونية والتي ذكرتها في مقالي الأخير. فشركات التجارة الإلكترونية تستخدم
نموذجاً يدمج التجارة التقليدية مع التجارة عبر الانترنت (O2O) حيث
تتم عمليات الشراء عبر العالم الإفتراضي في الإنترنت، ومن ثم تحصيل
البضائع والخدمات على أرض الواقع من قبل المشتري.
ويتمخض عن هذا الأمرنتيجتين؛ أولهما أنه في منطقة لديها تاريخ طويل من
نقص الثقة في التسوق عبر الانترنت، فإن هذا الأسلوب يضيف قدرا من
الثقة عند تحصيل المنتج أو الخدمة على أرض الواقع. ومع أن معلومات
الدفع تتوفر عن طريق الانترنت فإن زيارة مكان معروف حيث يتواجد المبنى
الذي يزود المشتري بالخدمة او المنتج يضيف عنصرا من الواقعية على
عملية الشراء، مما سيعزز في النهاية مستوى الثقة الشاملة في مجال
التجارة الإلكترونية كقناة أصيلة لتداول السلع والخدمات. أما النتيجة
الثانية فهي أنه في منطقة تفتقر إلى تواجد مؤسسات الأعمال الصغيرة على
الانترنت (مثل الأدلة التجارية، واستعراض الأعمال التجارية، وغيرها)
فإن مواقع العروض اليومية توفر قناة لم تكن متوفرة سابقا للقيام
بالتسويق الالكتروني والتجارة الالكترونية.ومع نمو نموذج الدمج بين
التجارة التقليدية مع التجارة عبر الانترنت (O2O) سنرى نموا في
التجارة الالكترونية مترافقا مع زيادة الوعي بعالم الانترنت من قبل
التجار والمستهلكين.
ماذا بعد؟
وبالرغم من كل هذه
المزايا فإن هناك تذمرات بخصوص مواقع العروض اليومية؛ حيث يشتكي البعض من
ضرر هذه المواقع على العلامة التجارية، وجذب الشريحة الخاطئة من
العملاء إلى المتاجر، وعدم مساهمتها في زيادة ولاء العملاء للعلامة
التجارية. ومع ذلك يبدو أن أسواق العروض اليومية باقية لزمن طويل.
فرغم أن الركود قد يقضي على بعض من هذه المواقع فإن نموذج الدمج بين
التجارة التقليدية مع التجارة عبر الانترنت (O2O) سيتجدد ويستمر من
خلال ابتكار أنماط جديدة منه والتي ستسمح لهذا السوق الخالي من
الضرائب بحيازة حصص متزايدة من سوق التجارة التقليدي. ومعه سيستمر نمو
سوق الكتروني مربح وفعلي في الشرق الأوسط.