English

تأسيس الشركات الاجتماعية في البحرين

English

تأسيس الشركات الاجتماعية في البحرين

يشهد مجتمع المشاريع الاجتماعية في البحرين نمواً لافتاً.

لقد زرع "بنك الأسرة" Family Bank بذور حركة مشاريع الأعمال الاجتماعية عبر تنظيم أسبوع مشاريع الأعمال الاجتماعية في البحرين Bahrain Social Business Week وهو الأول من نوعه في المنطقة، وذلك بالشراكة مع مجلس التنمية الاقتصادية ووزارة التنمية الاجتماعية و"تمكين" وغرفة التجارة والصناعة البحرينية وبنك البحرين للتنمية.

إنّ الفعالية الثورية التي دامت أربعة أيام وجرت من 16 إلى19 أيلول/ سبتمبر 2012، ضمّت لجنة تشمل البروفيسور محمد يونس المشهور عالمياً والحائز على جائزة نوبل للسلام والرائد في حركة التمويل المصغّر، وهانس ريتز، مؤسس مختبر "جرامين" الإبداعي Grameen Creative Lab، والدكتور عاطف الشبراوي الرئيس التنفيذي لبنك الأسرة الذي يتخذ من البحرين مقراً رئيسياً له، والذي يعتبر مشروعاً اجتماعياً بحد ذاته ويخدم مصالحه الاجتماعية أيضاً كونه أول مؤسسة إسلامية للتمويل مصغّر.

لقد حظيت بشرف سماع البروفيسور يونس من قبل، وكلامه خلال الأسبوع الماضي قد ألهمني كثيرًا. ومن بين أكثر العبارات التي يستعملها هي "اسأل نفسك هل المصارف تستحق الناس أم هل يستحق الناس الائتمان؟" والثانية هي "بذور الفقر تكمن في النظام وليس في الشخص".

أسّس البروفيسور يونس بنك جرامين كمصرف للتمويل المصغّر والتنمية الاجتماعية في ريف بنغلادش، قبل حوالي 40 عاماً بعد أن أعار مجموعة من 42 عائلة، 27 دولار كي يتمكنوا من إعداد أغراض صغيرة للبيع من دون أعباء القروض ذات الفائدة العالية. ومنذ انطلاقه، أقرض البنك 11.3 مليار دولار لـ8.35 مليون مقترض بمعدل سداد للدين معدله 95 %.

لقد قام البنك بتطوير مبدأ التمكين: يملك الفقراء الريفيون الذين يخدمهم البنك القسم الأكبر منه حيث يشكّل المقترضون 90% من أصحاب الأسهم، 96% منهم نساء.  

ويقول البروفيسور يونس، "كلما أرى مشكلة، أبدأ مشروعاً". فمحفظة بنك جرامين للشركات تعالج مسائل تتراوح بين سوء التغذية (بالشراكة مع دانون يوجرت Danone Yogurt) والوقاية من الملاريا (بالشراكة مع عملاق البتروكيماويات "بي آي أس أف" BASF). ويمكنكم الاطلاع على الشركات الأخرى وشراكات القطاع الخاص مع الأعمال الاجتماعية على موقع جرامين.    

ويمكن العثور على نموذج جرامين للمشاريع الاجتماعية في الدول المتقدمة. فعلى سبيل المثال، توظف شركة "سبشلستيرن" Specialisterne الدنماركية أفراداً ماهرين للغاية مصابون بالتوحّد، لتقديم خدمات خاصة بتكنولوجيا المعلومات والبرمجيات في قطاع الأعمال. كما أن "دسكوفرينج هاندز" Discovering Hands في ألمانيا تستفيد من المهارات الحسية التي تتمتع بها النساء الضريرات وتدرّبهنّ على رصد الإشارات المبكرة لسرطان الثدي وإرسالهنّ إلى المستشفيات والمراكز الطبية لنشر ما تعلّمنه.

وهذا ليس سوى القليل القليل من الإمكانيات الواسعة التي تحملها المشاريع الاجتماعية للحكومات التي تحاول تعزيز التنمية الاجتماعية الاقتصادية المستدامة، والشركات التي تسعى إلى استبدال المسؤولية الاجتماعية للمؤسسلات الخيرية بأمر أكثر فعالية، والمنظمات غير الحكومية التي تبحث عن أساليب أفضل لمعالجة المسائل الاجتماعية.

رأسمالية رحومة

حسب تعريف البروفيسور يونس، فإن الشركة الاجتماعية هي شركة لا تخسر ولا توزّع أرباحاً على المساهمين وهي مصممة لتحقيق هدف اجتماعي ضمن سوق اليوم العالي التنظيم.

وللذين لا يدرون الفرق بين الشركة الاجتماعية والمؤسسة الاجتماعية فيمكن القول إنّ الإثنتين تستخدمان أساليب ريادية لمعالجة مشاكل اجتماعية، لكنّ المؤسسة الاجتماعية قد تكون مؤسسة غير ربحية ولا تبغي الربح مدفوعة بمهمة اجتماعية. أما الشركة الاجتماعية ـ التي يمكن أن تعتبر فرعاً من المؤسسة الاجتماعية ـ فيجب أن تسعى إلى تحقيق ربح متواضع يمكن إعادة استثماره من أجل توسيع نطاق الشركة وتأثيرها.

وبهذا المعنى، فإن الشركة الاجتماعية تعتبر مستدامة على كافة المستويات: من حيث تأثيرها المباشر على البيئة الاجتماعية وعلى سلسلة القيمة ومن حيث استقلاليتها المالية. 

أعدّ البروفيسور يونس وهانس ريتز، المؤسس الشريك في مختبر جرامين الإبداعي، سبعة مبادئ توجيهية للشركة الاجتماعية: 

1 ـ يكون هدف الشركة القضاء على الفقر أو على مشاكل (مثل مشاكل التعليم والصحة والنفاذ إلى التكنولوجيا والبيئة) تهدد الناس والمجتمع ولا تسعى إلى زيادة الربحية إلى أقصى حدّ. 

2 ـ يجب أن تكون مستدامة ماليًّا واقتصادياً.

3 ـ سيستعيد المستثمرون قيمة استثمارهم ولن تعطى أية حصص أرباح أكثر من قيمة الاستثمار.

4 ـ حين يعاد دفع الاستثمار، يعاد الاستثمار بربح الشركة من أجل توسيعها وتحسينها.

5 ـ يجب أن تتمتع الشركة بالوعي البيئي.

6 ـ يتلقى الموظفون في الشركة أجور معتمدة في السوق مع ظروف عمل أفضل.

7 ـ يتمّ بناؤها بفرح.

وعلى عكس نظريات حامل جائزة نوبل للعام 1976 والاقتصادي الشهير ميلتون فريدمان، الذي يعتبر أن هدف المسؤولية الاجتماعية للشركة هو زيادة أرباحها بشكل خاص، فإن المبادئ السبعة للبروفيسور يونس ترسم رؤيا عادلة ومتفائلة بالمستقبل.

استوحيت المبادئ السبعة للشركة الاجتماعية أيضاً من المقاربة التي تعتمدها الكثير من المنظمات غير الحكومية التقليدية والمنظمات التي تعتمد على المتبرعين، والتي تجعل بطريقة غير مقصودة المستفيدين يعتمدون على المساعدات بدلاً من بناء حلول مستدامة.

لا تعلّم الشركة الاجتماعية المرء "صيد الأسماك" فحسب، بل تعطيه ملكية قطاع الصيد وتمكّنه من إحداث ثورة فيه.

أسعدتني ثقة البروفيسور يونس بأن البحرين "في موقع جيد يخوّلها أن تصبح مركزاً إقليمياً للشركات الاجتماعية"، وهي تبشّر باقتصادات عربية أكثر تعاونية وإبداعاً تستخدم أساليب ريادية لحل المشاكل الاجتماعية وإنتاج نموّ الاقتصادي في الوقت نفسه.  

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.