English

ماذا نتعلّم من منافسة معهد ماساتشوستس للتقنية في القاهرة؟

English

ماذا نتعلّم من منافسة معهد ماساتشوستس للتقنية في القاهرة؟

بعد اختيارها من بين 5 آلاف متقدم بطلب مشاركة، كان لـ"ميلتو" Melltoo (شركة ناشئة شاركتُ في تأسيسها) الشرف بأن تتأهل إلى النصف النهائي مع 49 شركة أخرى في المنافسة السابعة للشركات الناشئة العربية من منتدى الأعمال التابع لمعهد ماساشوستس للتقنية. وشارك فريقي في المؤتمر الذي جرى في القاهرة ودام ثلاثة أيام واختتم باحتفال نهائي لتوزيع الجوائز يوم 22 أيار/ مايو.

يزداد عدد المنافسات والمؤتمرات الخاصة بالشركات الناشئة في المنطقة والعالم على غرار منافسة منتدى الأعمال التابع لمعهد ماساشوستس. ويسأل العديد من الرواد عن الفائدة من الانضمام إلى مثل هذه المنافسات وما إذا كانت تستحق أن ينفقوا عليها الوقت في أجندتهم الحافلة. من جهتي أقول إنّ قيمة الجائزة البالغة 50 ألف دولار حفّزتنا في البداية ولكن في الواقع، استفدنا من المنافسة بعدة طرق أخرى رغم أننا لم نربح الجائزة الكبرى. 

تعتبر منافسة منتدى الأعمال التابع لمعهد ماساشوستس للتقنية إحدى أهمّ المنافسات في المنطقة، يرعاها المنتدى بالشراكة مع مبادرات عبد اللطيف جميل الاجتماعية. وللمشاركة في المنافسة، يتقدم الرواد بطلبات تتضمن وصفاً لفكرتهم أو لشركتهم الناشئة إذا كانت أصلاً قائمة. ومن مجموعة المتقدمين، تم اختيار 50 للمرحلة النصف نهائية ضمن فئتين (أفكار وشركات ناشئة). وتم اختيار ثلاثة فائزين من كل فئة. وكانت لجنة التحكيم متنوعة، وتراوح أعضاؤها بين رؤساء تنفيذيين لشركات ناشئة ناجحة ومدراء استثمار ومستشارين معروفين في مجال الأعمال. والمؤتمر الذي أجري تضمّن خطابات رئيسية ومسابقات عرض أفكار وجلسات تدريب. وقد تحدث في احتفال توزيع الجوائز، رونالدو مشحور من موقع "سوق.كوم" وأحمد الخطيب من "ماركة في آي بي". 

"ميلتو" هي شبكة اجتماعية للبيع والشراء على المحمول، وسوق للإعلانات المبوبة، لديها مكاتب في دبي. ونحن من بين الشركات الناشئة التي ستأتي من جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال افريقيا بينها السعودية وفلسطين والمغرب ولبنان وغيرها. 

وذهبت الجائزة الأولى عن فئة الشركات الناشئة لشركة "سودا مد" من السودان وهي منصة إلكترونية للمرضى تمنحهم القدرة على الوصول إلى نظام الرعاية الصحية السودانية، وذهبت الجائزة الثانية لـ"المفكرون الصغار" الأردنية وهي منصة إعلامية متعددة الوسائط للمحتوى التعليمي باللغة العربية، والجائزة الثالثة مُنِحت لـ "لوليز بيرلز" Looly’s Pearls المغربية، وهي شركة ناشئة تركز على تسويق مأكولات عضوية محضّرة في المنزل

ورغم أننا لم نربح في المسابقة، إلاّ أننا استفدنا من التجربة وعدنا إلى دبي مع بعض الدروس لنتشاركها معكم:  

الدرس الأول: مضمون عرض الفكرة

أهم معيار للحكم في المنافسات الخاصة بالشركات الناشئة هو عرض المشروع. وكان لدى كلّ منا ستّ دقائق لعرض شركتنا الناشئة وإقناع لجنة التحكيم بأنها تستحق الاستثمار. واسأل أي رائد أعمال وسيقول لك بدون شك أن العرض بالغ الصعوبة، ويتطلب أن يعرض المرء شركة يتم الإعداد لها منذ سنوات أو أشهر خلال دقائق. غير أن الفكرة من العرض ليس عرض كل شيء عن المشروع أو الفكرة. فمدة الست دقائق تجبر رائد الأعمال على التركيز على جوهر الشركة. وتثبت القدرة على ذلك أن الريادي ينتبه جيداً لما يفعل ولا تشتت انتباهه جوانب أقل أهمية في الشركة. فإن كان بإمكانك الفوز بتأييد جمهورك في هذا الوقت القصير، فستسطيع في الوقت نفسه إثبات المفهوم وغظهار أنك قادر على التركيز جيدا في عملك والسير على الطريق الصحيح.   

الدرس الثاني: اختبار المشروع وتعديله 

في كل مرة نعرض فيها مشروعنا، يكون لدينا أمر مختلف نقوله، هذا لأنّ المهم يصبح أكثر وضوحاً مع الوقت. فمثلاً حين أطلقنا "ميلتو" لأول مرة، اعتقدنا أن منصة الدردشة الداخلية هي ما يميزنا. ولكن في الواقع، رغم أن هذه خاصية عظيمة، إلاّ أن ما يميزها هي الخصوصية. ومع خدمة الدردشة الداخلية، لا يضطر المستخدمون إلى تعميم أرقام هواتفهم وعناوينهم الإلكترونية وهذا ما يحافظ على خصوصية المستخدم. 

واعتقدنا أيضاً أنّ خصائصنا الاجتماعية من شأنها أن تساعد المستخدمين عبر السماح لهم بالوصول إلى جمهور أوسع للبيع أسرع. ولكننا أدركنا أن الصفة الاجتماعية لا تعني البيع أسرع بل بناء الثقة في السوق. فحين يكون لدى البائع أو المشتري هوية وتاريخ في المجتمع الإلكتروني، يمكنهما العمل براحة بال أكبر. 

تجبر المشاركة في منافسات من هذا النوع الرواد على التراجع خطوة والنظر إلى المشهد الأوسع من أجل التقدم إلى الأمام. فهم غالباً ما يكونون مشغولين بمهامهم اليومية التي تشتت أذهانهم عن أهم عمل لديهم، وهو تعديل المنتج وتحسينه استنادًا إلى رأي المستخدمين. فالردود من المرشدين وأعضاء لجنة التحكيم والرواد قد تساعد الشركات الناشئة على إعادة التركيز.   

الدرس الثالث: التعرّف على المستثمرين 

يعتقد الكثير من الرواد أنه طالما كان لديهم شركة جيدة وعرضاً رائعاً، سيقدم لهم المستثمرون المال في أول لقاء. ولكن للأسف، ليس الأمر كذلك. فأولاً، يستثمر المستثمرون في الناس لا في الشركات لذلك عليك أن تعرّف عن نفسك جيداً وتتعرّف عليهم شخصيًّا قبل أن تطلب المال.

إحدى الطرق الفعالة للتعريف عن نفسك للمستثمرين هي عبر المشاركة في المنافسات الخاصة بالشركات الناشئة. والمستثمرون هم بشر في نهاية المطاف، وإن اعتقدت مجموعة من الناس أن شركتك جيدة، فهم سيكونون من الرأي نفسه. لذلك فإن المنافسات الخاصة بالشركات الناشئة هي طريقة رائعة للتواصل مع مستثمرين مستقبليين والتعرّف عليهم قبل التطرّف إلى مسألة التمويل. فهل تعطي 250 ألف دولار لشخص تعرفت عليه لتوّك؟ كما أنّ تبادل التغريدات غير كافٍ، يجب أن يكون اللقاء شخصيًّا. 

الدرس الرابع: أهمية البيئة الحاضنة 

اكتشفنا في القاهرة أنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تزدهر في مجال الابتكار والريادة. وكان مثيراً للدهشة لقاء عدد كبير من الناس يقومون بأمور مثيرة للاهتمام في ظروف مختلفة ومع موارد غير متساوية. وجعلنا الأمر نعيد دراسة الموارد المتوفرة وكيفية استخدامها بشكل أكثر فعالية. وأتاح لنا فرصاً أمام إبرام شراكات مع شركات ناشئة أخرى في المنطقة. 

البيئة الحاضنة سريعة النموّ هي بيئة حاضنة داعمة تقدّم المزيد من الموارد والتمويل للجميع. فصناديق الرأسمال المخاطر لا تدخل منطقة ما فيها خمس شركات ناشئة. بل تأتي حين يكون هناك عدد متنامي من الشركات الناشئة الصحية للاستثمار فيها. وكرائد أعمال، لا تكن دائماً في موقع الدفاع وتعتبر جميع الشركات الأخرى منافسة لك ستسرق فكرتك وهي لا تستحق الرحمة. في الواقع، يمكن تعلّم من الرياديين الآخرين. وبالفعل التقينا بعض الشباب الموهوبين جداً في منتدى الأعمال في القاهرة بينهم المؤسسون المشاركون لـ"جي واي إي ام دبي" GYEM Dubai  الذين علمونا أن الشباب يحبون الريادة وحريصون على الالتزام. وقد فتحوا أعيننا على مختلف الطرق التي يمكننا من خلالها جعلهم يشاركون معنا من خلال الشراء والبيع على ميلّتو. وتعلمنا أيضاً عن سوق تطبيقات المحمول في الجزائر من شركة "كويزيتو" Quizzito. وفي المقابل، تعتبر مصر مستعدة لتطبيقات المحمول خصوصاً الاجتماعية كما يمكن أن يشهد  كين ترانس KinTrans  وكراود آنالايزر CrowdAnalyzer. وإذا كان أحد يفكر بإنشاء شركة ناشئة، فالاتجاهات الثلاثة الكبرى بالنسبة لمنتدى الأعمال التابع لمعهد ماساشوستس للتقنية هذا العام هي الشركات التي تقودها نساء والمؤسسات الاجتماعية وتمكين الزبائن. 

غادرنا القاهرة منهكين جسدياً لكن منتعشين ذهنياً ومحمسين على نقل شركتنا الناشئة إلى المستوى التالي. وبالنسبة إلى الرواد الذين ما زالوا يتساءلون ما إذا كانت المنافسات المشابهة تستحق وقتهم، فهي بالفعل كذلك. ومن المهم دائماً الاطلاع على آخر المستجدات لمعرفة ما الذي يجري والتعلّم ومن ثم إعادة التركيز من جديد. فمن دون ذلك، ستخوضون معركة بمفردكم. 

من المقرر إجراء المنافسة الثامنة في المغرب في العام 2015. لا تفاجأوا إذا رأيتم "ميلتو" تتنافس مجدداً. 

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.