English

ما الدروس التي نتعلّمها من موقع للموضة؟

English

ما الدروس التي نتعلّمها من موقع للموضة؟

تبدأ شهد الشهيل (في الصورة أدناه، إلى اليسار) حديثها بالقول: "ثمة قصة وراء كل قطعة ثياب نرتديها. وهل تعلم ما هي هذه القصة؟ في أغلب الأحيان تتعلق هذه القصة بالعبودية في أيامنا هذه وبعمالة الأطفال والممارسات البيئية المدمرة". وتتابع رائدة الأعمال هذه التي وُلدت في السعودية: "هل تعلمون أن هناك حوالى 200 مليون شخصٍ حول العالم يعملون بصورة مباشرة في مجال صناعة المنسوجات والملابس؟ وغالباً ما يتقاضى هؤلاء الناس كسرة أجرٍ ويعملون في ظروفٍ مروعة تسفر على كوارث مثل مبنى "رانا بلازا" Rana Plaza". 

كانت هذه المأساة ما دفع الشهيل التي كانت آنذاك في منتصف برنامج "زمالة أكيومن" Acumen Fellowship في بنجالور في الهند – وصديقتها نتالي جرييون (في الصورة أدناه، إلى اليمين) التي كانت أيضاً في برنامج "زمالة أكيومن" في أوغندا، للتفكير جدياً في الظلم والاستغلال اللذين يسودان صناعة الأزياء. وتؤكد الشهيل: "شعرت أنّه لا بد من وجود طريقة أخرى، طريقة أخلاقية". 

وبعزمٍ على إحداث الفرق، أسست المرأتان "جاست" JUST، وهي مؤسسة اجتماعية تهدف إلى إنشاء سلسلة توريد أزياء شفافة "تقودها القيم وليس الربحية" وذلك عبر ربط المصممين والمصنعين بمورّدين أخلاقيين يوفرون الاستدامة. تستفيد "جاست" من التكنولوجيا لتعزيز الشفافية في سلسلة توريد الأزياء عبر مصادقة الموردين بالاستناد إلى معاييرهم الاخلاقية والمرتبطة بالاستدامة والتعريف عنهم على منصة إلكترونية سهلة الاستخدام للمصممين والمصنعين. 

وتفسّر الشهيل التي تؤدي دور الرئيسة التنفيذية: "لا تقوم منصة "جاست" بخفض تكاليف المشتريات بالنسبة إلى المصممين وتبني ثقتهم في المصادر التي يستمدون منها حاجاتهم فحسب، بل تخوّل المورّدين الأخلاقيين الذين غالباً ما يكونون صغاراً وغير بارعين في أمور التكنولوجيا من الوصول إلى أسواق أكبر". 

لكنّ الأهم من ذلك أنّه "يمكن للمستهلكين معرفة القصة وراء الملابس التي يرتدونها من خلال رموز "كيو آر" QR codes واختيار المورّدين الذين يتمتعون بأخلاق عالية". وبنظر الشهيل، تخوّل "جاست" كلاً من أطراف سلسلة توريد الأزياء أن يحصل على التقدير الكافي وأن ينخرط في العملية، وهي بذلك تشجّع في نهاية المطاف على إحداث نقلة نوعية في من حيث المعايير الأخلاقية في صناعة الازياء وبالتالي على تمكين مجتمعات الموردين اقتصادياً. 

وقد حصدت الشركة الناشئة نجاحات عدة نجاحاً تلو الآخر منذ انطلاقتها في أواخر العام 2013، فقد جذبت أكثر من خمسين مستخدماً للمنصة من مصممين وعلامات تجارية (يعمل معظمها في الولايات المتحدة). وتضيف الشهيل: "نتحضّر لإبرام شراكات مثيرة للاهتمام مع مصممين، لكنّ الوقت ما زال مبكراً جداً للإعلان عن أي شيء من هذا القبيل". وقد تلقت الشهيل أيضاً دعوةً للتكلّم في "مؤتمر هارفارد للريادة الاجتماعية" Harvard Social Enterprise Conference في وقتٍ سابق من هذا العام، وتم اختيار "جاست" في التصفيات النهائية في عدد من المسابقات المرموقة المتعلقة بالشركات الناشئة، بما فيها "منتدى الابتكار من أجل العدالة" Innovating Justice Forum و "قمة الريادة العالمية" Global Entrepreneurship Summit المرتقبين، علماً أنّ الثانية سيستضيفها الرئيس أوباما في المغرب في وقتٍ لاحق من هذا العام. 

إذاً، كيف وصلت صانعتا التغيير الشابتان إلى هنا في مسيرتهما الريادية؟ إليك بعض الأفكار الرئيسية التي استقيتها من حديثي مع شهد الشهيل المفعمة بالحيوية. 

1) ابحث عن هدفك في الحياة واسعَ إلى تحقيقه بحماس

كانت تشعر الشهيل أن التحاقها ببرنامج "زمالة أكيومن" هو الأمر الصائب لها في نقطة معينة من مسيرتها المهنية والشخصية. فتشرح: "شعرت بالحماس والإلهام الفائق بعد قراءة كتاب "السترة الزرقاء" The Blue Sweater لجاكلين نوفوجراتز. اتضح لي أنّ لديها رؤية يجب أن أتعلم منها، وأنني أردت أن أساهم في عمل منظمتها وأن أكون جزءاً منها". وتتابع: "قمت ببعض الخيارات التي تطلبت منّي الشجاعة بعدما أدركت أنني لم أكن أحقق هدفي في الحياة في وظيفتي المعتادة. ونصيحتي هنا هي... ما هي مواهبك؟ لِمَ أنت هنا على الأرض؟ كيف ستترك أثراً لك؟"

2) أمعن النظر قبل أن تقوم بالقفزة

لا يجب أن يتخلى أصحاب المشاريع الناشئة عن وظائفهم اليومية عند العمل على إطلاق شركتهم الناشئة وفقاً للشهيل التي تقدم المشورة أيضاً لمنظمة عالمية غير ربحية بدوام جزئي. وتضيف: "إنّه اختبار فعلي لمدى التزامك ببناء مؤسستك فيما لا تزال تعمل في وظيفتك المعتادة بدوام كامل. لقد كرست أنا ونتالي ساعات لا تحصى خارج إطار الالتزامات الصارمة التي كان يفرضها علينا برنامج الزمالة لكي نحول فكرتنا إلى حقيقة".

3) اثنان أفضل من واحد

وتفصح الشهيل عن مشاعرها بالقول: "أشعر بأنني محظوظة لأنّ لدي شريكة مؤسسة رائعة مثل نتالي. كل منّا يؤدي الدور الذي يتناسب مع نقاط قوته وما يجب فعله وأين يسكن. تركّز نتالي على البيع للمصممين في أمريكا الشمالية وأنا أركز على العلاقات مع الموردين والاستراتيجية والتسويق". ونصيحتها هنا: "إذا كنت تعمل بمفردك وتنوي أن تبقى المؤسس الوحيد، احرص على أن تحيط نفسك بأشخاص سيدعموك وينصحوك ويتحدوك بشكل بنّاء".

4) احصل على ردود الفعل

وتشرح الشهيل: "لا يمكنني التشديد بما يكفي على أهمية صياغة فكرتك بناءً على ردود الفعل. فستتعلق أنت بالفكرة بشكل شخصي وقد تواجه خطر التحيّز لها [إذا لم تحصل على ردود الفعل]".

للتأكد من جدوى فكرتهما، قامت الشابتان باختبار مفهومهما مرة بعد مرة مع أشخاص من قطاع الموضة والأزياء كما ومع أقرانهما ومرشديهما. وتتذكر الشهيل: "لم نصمم خطة عمل تقليدية، بل ابتكرنا لوحة نموذج أعمال، وهو أمر تعلمناه خلال برنامج الزمالة. وأتذكر أننا رفعنا لوحة نموذج الأعمال على جدار فارغ في غرفة غير مستخدمة في مكتب "زمالة أكيومن" وطلبنا من كل من مرّ من هناك أن يلقي نظرة عليها وأن يعطينا رأيه. وقد نجح ذلك!"

4) قم بالأبحاث اللازمة وكن خلاّقاً

وتخبرنا الشهيل: "نظراً إلى ندرة تحليلات السوق المتعلقة بالممارسات الأخلاقية والمستدامة في مجال صناعة الأزياء، اعتمدنا نهجاً خلاقاً للحصول على البيانات من المصادر اللازمة لنستند إليها في افتراضاتنا". لفهم نمو السوق، قامت الشهيل وجرييون بالاتصال بمدارس تصميم كثيرة في نيويورك لمعرفة كم مصمم في الصف الذي سيتخرج يتخذ مساراً مستداماً في عمله ومن ثم قامتا باستقراء هذه الافتراضات للقيام بتوقعات بشأن السوق التي تستهدفانها. وتقول هنا: "لا ينتهي البحث أبداً، فالسوق في تغيّر مستمر. يجب أن تبقى على اطلاع وأن تجد طرق لتخطي مشكلة نقص المعلومات. اتصل بالناس أو زرهم شخصياً وتحدث إليهم بشكل مباشر. لن تكسب شيئاً إن لم تغامر!"

5)آمن بنفسك

على الرغم من بعض ردود الفعل الساخرة التي تلقتها المؤسستان من بعض الأشخاص في مجال صناعة الأزياء، إلاّ أنّهما بقيتا مصرّتين على رغبتهما في إطلاق مشروعهما. وتتذكر الشهيل: "كانت علامات تجارية كثيرة تحبط عزيمتنا وتقول لنا إنّ المستهلكين إما يهتمون للتكلفة أو للاسم التجاري الذي تحمله الملابس، ولا يأبهون بالأخلاقيات. غير أنّنا كنّا نفكر بشكل مختلف وقد دعمت أبحاثنا وجهة نظرنا. من الواضح أنّ ثمة تبدّل في عقليات المستهلكين إذا نظرنا إلى التوجه العالمي المتزايد إلى المأكولات العضوية والمنتجة أخلاقياً". وتختم قائلةً إنّ المثابرة والثقة أمران أساسيان لكي تبقى معنوياتك عالية عندما تواجه الانتقادات اللازمة أو الظروف الصعبة.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.