English

كيف تحقق 'تكوما' المال من الأعمال الفنية المعلّقة على الجدران؟

English

كيف تحقق 'تكوما' المال من الأعمال الفنية المعلّقة على الجدران؟

في حين أثبت الفنّ أنّه يحفّز على الإبداع والتعبير عن الرأي، فإنّ جدران البيوت والمكاتب غالباً ما تكون خاليةً إلّا من اللون الأبيض، إضافةً إلى أنّ الفنّ الحقيقيّ بات يُعتبَر من المستحيلات في عالم اليوم.

شركة "تكوما" Tekuma التي تأسّست في بوسطن عام 2015 على أيدي ثلاثةٍ من خرّيجي الهندسة والتطوير العقاريّ في "معهد ماساشوستس للتكنولوجيا" MIT، تعد بتغيير المساحات عبر تحويلها إلى معارض تفاعلية، وتحويل مالكي العقارات إلى قيّمين على الفنّ بأنفسهم.

من اليسار: نعومي هيبرت، والرئيس التنفيذي مروان أبو ديب،
والمدير التقنيّ ورئيس مجلس الإدارة كون تشيان. (الصور من "تكوما")

الفنّ من الناس إلى الناس

تمكّن "تكوما" المستخدمين من تعلّم المزيد عن الفنّ، والتواصل مع الفنّان في بعض الأحيان، بالإضافة إلى إمكانية شراء العمل الفنّي باستخدام الهواتف المحمولة.

فهي تجمَع الأعمال الفنّية لفنّانين من مختلف أنحاء العالم على منصّتها الإلكترونية، موفّرةً لمالكي العقارات فرصة تحويل مساحاتهم إلى معارض فنّية من خلال تأمين الأعمال الفنّية المناسبة للمكان وعرضها على الجدران. ومَن يريد معرفة مزيدٍ من المعلومات عن الأعمال الفنّية والفنّانين، يمكنه أن يطّلع عليها من خلال مسح رمز استجابةٍ سريعة QR أو رابطٍ يوضع إلى جانب العمل الفنّي.

وفي المقابل، يحصل الفنّانون على فرصةٍ للمزيد من الشهرة وبيع نتاجهم وكذلك إخبار الناس بقصصهم.

يقول الشريك المؤسّس، مروان أبو ديب، في حديثٍ مع "ومضة"، إنّ الأعمال الفنّية في الوقت الحاليّ تقتصر على شراء العمل وتعليقه على الحائط؛ هذا الأمر انتهى".

"ماذا لو أصبحتَ اليوم قيّماً على معرضٍ فنّي وتكون أنت من يمثّل الفنّان؟" يسأل أبو ديب ثمّ يجاوب أنّه إذ كنتَ كذلك "ستشعر بأنّك أنشأتَ قناة بيعٍ جديدةً وساهمتَ في شهرة هذا الفنّان، لأنّه عندما يرى صديقٌ لك عملاً فنّياً ويُعجب به يمكن أن يقدم على شرائه أو الاطّلاع على أعمال أخرى أو حتّى الحديث مع الفنّان".

الفنّان والطالب الجامعيّ، مارتن إليوت، قام بتحميل ما يصل إلى 15 عملٍ فنّيّ على المنصّة، قبل أن يسافر إلى أميركا الجنوبية لإمضاء فصل الصيف. ومع "تكوما"، كان يتلقّى إشعاراتٍ عبر هاتفه المحمول تخبره بأماكن عرض أعماله وبالأشخاص الذين اشتروها، في الوقت الذي كان فيه بعيداً عن موطنه في بوسطن في ولاية ماساشوستس. وبالتالي كانت النتيجة أن باع 5 رسوماتٍ وحصّل مبلغ 144 دولاراً أميركياً.

يرى إليوت أنّ "نشر الفنّ في أماكن تواجد الناس يُعتبَر بمثابة جائزة، خصوصاً إذا ما وُضعَت الأعمال الفنّية في أماكن قد تكون مليئةً بالفنّ لكنّها تخلو من القصص".

 ويشرح أنّ "بعض الأعمال الفنّية التي تمّ شراؤها من أجل ملء المساحات الفارغة على الجدران، إذا اما استبُدلَت بقصصٍ حقيقية، ستُضيف طابعاً محلّياً وأكثر ألفةً على المكان". وبالنسبة إلى عملية البيع، يعتبر أنّها مكافأة إضافية، "لأنّني كنتُ مستعدّاً للقيام بالأمر مجّاناً".

لوحة في إحدى شقق "كومباس" تحمل رابطاً لصفحةٍ تعرض قصّة العمل الفنّي والسيرة الذاتية للفنّان، بالإضافة إلى إمكانية شراء اللوحة من قبل المقيمين.

في الآونة الأخيرة، عقدَت "تكوما" شراكةً مع "كومباس للشقق المفروشة"Compass Furnished Apartments التي تؤجّر شققاً على مدى قصير للشركات والأفراد، بحيث تستضيف شققها الموجودة في مبنى رئيسيّ وسط بوسطن 51 معرضاً صغيراً و51 فنّاناً. وبموجب شراكةٍ حديثةٍ أخرى، سوف تعرض "تكوما" 40 عملاً فنّياً وقصص 10 فنّانين في مبنى آخر للشقق المفروشة في بوسطن.

على صعيد الأرقام، تضمّ "تكوما" حتّى الآن 560 فنّاناً وقد وزّعَت ما يقارب 700 عمل فنّي، في حين وصل ما تقدّمه للفنّانين إلى 15 ألف دولارٍ بالإجمال.

وبالنسبة إلى أصحاب العقارات، تأخذ "تكوما" منهم رسماً يدفعونه مقابل تركيب الأعمال الفنّية وبحسب العدد المطلوب، كما تتقاضى رسماً سنوياً لتغيير هذه الأعمال إذا رغب أصحاب العقارات بذلك. وبالإضافة إلى ذلك، تأخذ الشركة نسبةً مئويةً عن كلّ عملٍ فنّي مباع.

ما بين الغرف المخصّصة للدراسة و"إر بي أن بي"

جاء تأسيس "تكوما" في عام 2015 نتيجة رغبة الفريق في تقدير الأعمال الفنّية للطلّاب. حدث ذلك أثناء عرض أبو ديب لمشروع تخرّجٍ عن إعادة تصميم المشهد الحضري في "معهد ماساشوستس للتكنولوجيا"، حيث فكّر في إمكانية جني المال من النماذج والرسومات والفنون التي ينتجها وزملاؤه أثناء فترة الدراسة.

بعد ذلك نظّم أبو ديب وصديقه عدّة معارض لأعمال الطلّاب في حرم الجامعة، على أمل اهتمام الناس بهذا النتاج. كانت النتيجة إيجابيةً، ولكنّ إدارة "معهد ماساشوستس للتكنولوجيا" أغلقت المعرض الثالث لهما بسبب إقامته من دون إذن.

مساحة العمل الجماعي "إنتي هاوس" في كامبريدج، مشروع حوّلته "تكوما" إلى معرضٍ فنّيّ.

انتقل المعرض مع الأعمال الفنّية ورموز الاستجابة السريعة التي تُعرّف عنها إلى المباني التي توفّر شققاً مخصّصة للدراسة، فتمكّنوا عن غير قصدٍ من تحويل 20 شقّةٍ إلى مساحاتٍ مميّزة، كما باعوا 7 أعمالٍ من أصل 20 وُزِّعَت بين الغرف.

وفيما بعد توجّه أبو ديب وفريقه نحو كنز المساحات العقارية "إر بي أن بي" Airbnb، حيث راسلوا 10 مضيفين وحدّثوهم عن فكرة تحويل مساحاتهم إلى معارض فنّية، فوافق ثمانية منهم.

بعد مرور عامٍ، تمكّنت الشركة من تحويل قرابة 100 مساحةٍ معروضة على "إر بي أن بي" إلى معارض فنّية، بحسب أبو ديب، فيما لا يزال المضيفون الثمانية يعلّقون الأعمال الفنّية على جدرانهم.

قرّر الفريق إجراء اختبار الخيارَين A/B، فقاموا بتأجير شقّتَين تضمّ إحداها أعمالاً فنّيةً من "تكوما" والأخرى لا، واكتشفوا بعد شهرين أنّ الأولى قد حصلت على تقييمٍ أعلى. وبعد الاستمرار بتأجير الشقّتَين لمدّة 18 شهراً، حقّقت الشركة إيراداتٍ تبلغ أكثر من 200 ألف دولار.

إحدى المساحات في كامبريدج التي تؤجّرها "تكوما" على "إر بي أن بي"، والتي استخدمَتها الشركة لتمويل نفسها.

نشر القصص في أماكن جديدة

لا تواجه "تكوما" منافسةً قوية، فهي تتميّز بكونها تدخل مجال التصميم الداخليّ الحديث الذي يدعم أعمال الفنّانين المحلّيين وتوفّر قناةً محتملة لبيع الأعمال الفنّية. كما أنّه من الصعب أن تجد شركةً تجمع ما بين سرد القصص والتكنولوجيا والفنّ والعقارات في الوقت عينه.

"لدينا منافسون نعتقد بأنّهم سيكونون شركاءنا وحلفاءنا"، كما يقول أبو ديب في إشارةٍ إلى مصمّمي الديكور الداخلي وصالات العرض.

في غضون ذلك، بدأت الشركة رسمياً بالاستعداد لجولة تمويلٍ تأمل إغلاقها في شهر تشرين الثاني/نوفمبر. كما وقّعَت مؤخّراً شراكةً مع شركتَي "وان إكس" 1X و"كيريوس" Curioos للتصوير الرقميّ وتنظيم المعارض الفنّية، لتمكّنهما من الوصول إلى آلاف الأعمال الفنّية من مختلف أنحاء العالم. ولكي تبقى وفيةً لما بدأت عليه، أبرمَت "تكوما" شراكةً مع شركةٍ جديدة تٌسمّى "سوبر أركيتكتس"Super Architects تهتمّ بعرض أطروحات الطلّاب.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.