ماذا بعد 'طلبات': مقابلة مع محمد جعفر
نُشرَت هذه المقالة أساساً على "نويت".
بعد أن اعتبُرت "طلبات" Talabat مثالاً فريدًا من نوعه عن صفقات الاستحواذ في المنطقة العربيّة، حيث استحوذت عليها شركة الإنترنت الألمانيّة "روكيت إتنرنت" Rocket Internet بما يفوق الـ 170 مليون دولار، يبدو واضحاً أنّ تنمية شركة ناشئة وبيعها لشركة عملاقة ليست عمليّة يستهان بها.
في هذا الإطار، نسلّط الضوء في هذه المقابلة مع الرئيس التنفيذي السابق لـ"طلبات"، محمد جعفر، على عمليّة التخارج (صفقة البيع والاستحواذ) بحدّ ذاتها وتجربته في البيع وما هو مخططه بعد "طلبات".
"نويت": ماذا تفعل الآن؟
جعفر: بعد عمليّة التخارج التي مرّت بها "طلبات"، عانيتُ كثيراً لمعرفة ماذا سأفعل. ورغم توفّر الكثير من الفرص، كنتُ مصمماً على اختيار فرصةٍ واحدةٍ فقط وألاحق ما أتحلّى بالشغف حياله. كان لديّ خياران؛ إمّا أن أستثمر في شركةٍ ما مرّة أخرى وأستحوذ عليها كما فعلتُ مع "طلبات"، أو أن أغوص في مجال تمويل الشركات الناشئة.
لقد اعتمدتُ الخيار الثاني، وها أنا أؤسس صندوق تمويلٍ بدعمٍ من عائلتي يتوجّه نحو الشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا في منطقة الخليج، على أمل أن ينطلق في عام 2016.
"نويت": عمّا تبحث تحديداً كي تستثمر في شركة ما؟
جعفر: أنظر بشكل أساسيّ إلى من يدير المشروع، إذ أنّ الاستثمار لا يقتصر فقط على الأمور الماليّة. أريد أن أكون موجوداً وأن أقدّم الدعم والنصائح في إدارة الشركة – لا يمكن أن يقتصر الأمر على الأموال فقط بعد الآن.
فيما تتحلّى الشركات الناشئة اليوم بفرصٍ أكبر للوصول إلى الموارد المالية، فهي لا تزال تعاني من صعوباتٍ في الوصول إلى الخبرات والأطر المناسبة التي تساعدها في بناء مشروع ناجح. لذلك، أهدف إلى تقديم خبرتي كعاملٍ في هذا المجال بالإضافة إلى التمويل، وذلك لمساعدة المؤسسين على صقل أفكارهم والتوسّع.
"نويت": أخبرنا عن عمليّة التخارج من "طلبات"، هل كان لديك خطّة؟
جعفر: يجب أن يكون لديك دائماً خطّة للتخارج. هذا لا يعني أنّه يجب أن تدخل إلى المجال بهدف بيع الشركة، بل أن يكون هدفك بناء شيءٍ عظيم.
عندما أخبرتُ عائلتي في عام 2009 بأنني أردتُ أن أستحوذ على "طلبات"، لم يكن لديّ نية لبيعها في نهاية المطاف. ولكّن عندما تركّز على جودة العمل، سوف يأتي إليك مشترون شئتَ ذلك أم أبيت.
حرصتُ في "طلبات" على بناء ثقافةٍ وبيئةٍ تسمح للناس بأن يحاولوا جاهدين تحقيق النجاح لأنّهم يؤمنون بالشركة ويريدونها أن تنمو. كما أنّه من المهم وجود نظام إداري ناجح، فكلّ عمليّاتنا متوفّرة بصيغة مكتوبة – مثل السياسيات والعمليّات والإجراءات.
كافة هذه المعطيات جعلت عمليّة التخارج أسهل عندما بدأ المشترون بالتوافد إلينا، فهي قلّصت عدد الإجراءات المطلوبة للانتقال من إدارةٍ إلى أخرى.
قامت المرحلة الأولى على النظر إلى العاملين لدينا وهيكليّة المنظّمة، وتلاها مراقبة عمليّاتنا ومن ثمّ وضعنا المالي. هل لدينا الموظّفون المناسبون؟ هل حظوا بتدريبات مناسبة؟ هل لدينا نظام عمليّ ناجح؟ كلّ هذه العوامل أثّرت على عمليّة التخارج.
"نويت": هل تطلبّت عمليّة الاستحواذ وقتاً طويلاً؟
جعفر: قاربتنا "روكيت إنترنت" في منتصف عام 2014 وسارت الأمور ببطءٍ في بادئ الأمر حتّى نهاية العام.
علمنا أنّ لاعبين عالميين يسعون إلى توحيد السوق، ولقد تعرّفتُ إلى رؤساء تنفيذيين عالميين ولاعبين دوليين هائلين، وتوقّعنا زيادة في عمليّات الدمج والاستحواذ في السوق، ولكن "هل نريد فعلاً أن نكون جزءاً من هذا النشاط؟"
كان الجواب واضحاً، فمن المنطقي أن ندفع "طلبات"، الشركة التي عملنا بجهدٍ لكي تكبر، لكي تنمني إلى هذه السوق المتغيّرة - وهذا تحديداً الموقع الذي أردناه للشركة.
عندما أخذنا قرار البيع، تطلّبت العمليّة أياماً قليلة. ومجدداً، يعود ذلك إلى النظم الإدارية والمالية الناجحة والموظّفين المناسبين. لذلك، فإنّ بناء شركة عالية الجودة يجعل حياتك أسهل عندما تقرّر البيع.
"نويت": هل كان من الصعب التخلّي عن الشركة؟
جعفر: كان الأمر شخصيّاً وعاطفيًا للغاية. أنصح روّاد الأعمال الطموحين بألاّ يستخفّوا بذلك. فكما تتعلّق بأيّ شيءٍ يعزّ عليك، تتعلّق جدّاً بشركتك وبالناس الذين تعمل معهم يوميّاً، وليس من السهّل التخلّي عن ذلك.
(الصورة الأساسية من "ستارتب ماجازين" Startup Mgzn)