"إيزيكو" التركية تحصل على 13 مليون دولار في جولة تمويل ثالثة
كان بارباروس أوزبوغوتو وتحسين إيسين يحتفلان في اسطنبول في الخامس عشر من تموز/يوليو. فبعد سنوات من البيروقراطية، حصلت شركتهما للدفع عبر الإنترنت، "إيزيكو" Iyzico، أخيراً على ترخيص دفع رسمي. والمفارقة أنه في ذلك المساء ملأت الدبابات ميادين اسطنبول أثناء محاولة انقلاب.
حصلت "إيزيكو" في ذلك اليوم على خمسة دفاتر شروط من مستثمرين كانوا ينتظرون الترخيص.
ويقول أوزبوغوتو إنه بحلول منتصف الليل "كنا أمام شاشة التلفاز وبدأنا نخرج ونسحب النقود من الصرافات الآلية ونشتري الخبز". ويضيف وقد تبدّلت ملامح وجهه: "كان يوماً غريباً".
ولكن يوم الإثنين الذي تلا محاولة الانقلاب: هل بقيت دفاتر الشروط، خمسة؟ يجيب أوزبوغوتو: "بالطبع لا. بقي لديّ دفتران فقط وبالطبع، اختلف تقييم الشركة".
بعد مرور ستة أشهر، يقول أوزبوغوتو إنّ محاولة الانقلاب لم تؤثر على أعمالهما كثيراً. ويضيف بأن "الرقمنة ستواصل السير قدماً، والتجارة الإلكترونية ستستمر في التقدم.. كل شيء سيبقى حاله".
ورغم أن تركيا لا تزال تتخبّط سياسياً، ربما تكون "إيزيكو" الدليل على أن المفهوم الناجح قادر على تجاوز أي شيء تقريباً. وها هي تعلن الخميس حصولها على 13 مليون دولار في جولة تمويل ثالثة Series C، ما يُظهر أنّ عبقرية الفريق لم تكمن في ابتكار فكرة الدفع عبر الإنترنت بل في إنجاحها.
التغلّب على البيروقراطية
ادخل إلى أي متجر في تركيا، ستجد على الأقل ستة أجهزة قراءة آلية للبطاقات، كل واحد تابع لمصرف كبير مع نظامه المغلق الخاص. وللحصول على هذه الأجهزة، على البائع أن يتوجّه شخصياً إلى فرع كل مصرف ويملأ رزمة من الاستمارات والانتظار شهرين على الأقل للحصول على الموافقة. أما "إيزيكو" فقد أنشأت نقطة اتصال واحدة للباعة، حيث تتسجّل الشركات أو المؤسسات عبر ملء بعض الاستمارات وتبدأ بالبيع عبر أي بطاقة تريدها خلال 24 ساعة.
المفارقة أن المؤسسين الألماني والتركي تركا عملين مربحين في أوروبا لإطلاق الشركة في العام 2013. حينها، ظنّ أوزبوغوتو أن إنجاز المعاملات الخاصة بإطلاق "إيزيكو" سيستغرق ثلاثة أشهر. ولكنه احتاج سنة ونصف السنة لإنجاز 45 اتفاقية مطلوبة، على حد قوله.
في ذلك الوقت، جذبت "إيزيكو" 8500 بائع من متاجر أحذية محلية إلى "إنديتكس" Inditex، الشركة الأم لـ"زارا" Zara. وأًصبحت أيضاً مقصداً للشركات الناشئة إذ يقدّر أوزبوغوتو أن 95% من الشركات الناشئة الممولة في تركيا تستخدم الشركة لإجراء عمليات الدفع.
ويوم الخميس، أضيف إلى خزينة "إيزيكو" 13 مليون دولار في جولة تمويل ثالثة قادتها "فوستوك للتمويل الطارئ" Vostok Emerging Finance، (وهي جزء من مجموعة "فوستوك نيو فنتشرز" Vostok New Ventures التي تستثمر بانتظام في المنطقة). وشاركت في الجولة أيضاً "مؤسسة التمويل الدولية" International Finance Corporation وصندوق الاستثمار المخاطر التركي " 212".
التوسّع إلى إيران
هناك مزيد من الدول التي يمكن للشركة استهدافها، مثل إيران التي يقول أوزبوغوتو إن فريقه يخطط للتوسّع إليها قريباً مع إنجاز الاتفاق النووي.
في ظل غياب "فيزا" Visa و"ماستر كارد" Mastercard، يوجد في إيران 231 مليون بطاقة دفع نشطة معتمدة على نظام بطاقات يسمّى "شيتاب" Shetab. ويشير أوزبوغوتو إلى أنه تلقّى رسالة ـ "ومن يبعث رسائل هذه الأيام" يستطرد ممازحاً ـ موضحاً أنها كانت من الشركة الإيرانية للدفع عبر الإنترنت "بيكو" PECCO، تتضمن دعوة لتوقيع شراكة وزيارة إيران.
أمضت "إيزيكو" معظم العام 2016 في تأسيس البنية التحتية الخاصة بالدفع واختبرت منتجها مع لثلاث شركات تركية في إيران. وإذا كتب النجاح للشركة التركية، ستفتح قناة رقمية بين البلدين اللذين يبلغ حجم التجارة بينهما 10 مليارات دولار. وستكون الشراكة أمراً إيجابياً لتركيا، هذا البلد الذي يستورد أكثر مما يصدّر.
الخطوة التالية: موجة الرقمنة
يعتقد أوزبوغوتو بأنه سبق أن وجد حلّاً لمشكلة التجارة الإلكترونية في تركيا. ولكن المشكلة اليوم تكمن في التوسّع وسيحتاج ذلك إلى أكثر من شركة واحدة مثل "إيزيكو". ويقول "نحن بانتظار موجة الرقمنة في تركيا" وبالفعل أنشأت الشركة برنامجاً لتنمية الشركات الناشئة. ويشرح قائلاً: "لن نجري أي عمليات دفع في الأشهر الثلاثة الأولى، بل سنقوم بإرشاد الشركات لمساعدتها على تنمية أعمالها لأننا لا ننمو إلاّ بنموّ الباعة الذين يتعاملون معنا".
استفادت "إيزيكو" بشكل أو بآخر من البنية التحتية البيزنطية. فالحاجز أمام دخول البلاد مرتفع جداً إلى درجة أدت إلى انتفاء المنافسة من لاعبين دوليين، فبقيت "باي بال" PayPal اللاعب الأساسي الوحيد وقد انسحبت من تركيا في منتصف العام 2016. غير أن أوزبوغوتو يرغب في المزيد من المنافسة، ويوضح أن "العقلية السائدة في تركيا تعتبر أنه يجب أن يكون هناك شركة واحدة تهيمن على السوق، ولكن ما نراه في الواقع هو منتجات غير جيدة نتيجة غياب المنافسة". لذلك يحاول أن ينقل شيئاً من العقلية التنافسية الألمانية إلى قطاعه.
وعلى عكس العديد من الشركات الناشئة، يقول أوزبوغوتو إن "إيزيكو" لا تهدف إلى جعل العالم مكاناً أفضل. ويكشف أن "الأمر برمّته يتعلق بمغامرة تأسيس شركتنا الخاصة". غير أنه يرى أنه بدءاً من تمكين الشركات الصغيرة وصولاً إلى الثقافة المرنة الخاصة بـ"إيزيكو"، "نحن نغيّر الكثير من الأمور هنا... هذا نوع من التأثير الذي لم نكن ندركه وهو جيّد من جهة، ومن جهة أخرى يضع على عاتقنا مسؤوليات كبيرة".