شابات سعوديات اخترن إنارة طريق الإبداع بـ'نقش الضوء'
لم تجد فاطمة الدبيسي فرصةً للعمل في المجال الإبداعي في السعودية، فقرّرت شق طريقها بنفسها وتأسيس شركتها الخاصة "نقش الضوء" Light Studio لتكون بوابتها نحو العمل الإبداعي.
انطلقت "نقش الضوء" في أواخر العام 2015 لتعمل في السنة الأولى على 14 مشروع مختلف من تطوير البرامج إلى الرسم والتحريك والتصميم الداخلي. كما عملت أخيراً على تطوير لعبة "وجدان" Wojdan، التي تمكّنت من نشرها على منصة "ستيم" Steam في كانون الأول/ديسمبر الماضي. وفي عامها الثاني، العام تعمل الشركة على ستة مشاريع حى الآن.
تنفيذ الأفكار
ترى الدبيسي التي درست علوم الحاسوب أنّ "الوظائف ليست متوفرة بكثرة للإناث (في السعودية)، وشركات تطوير البرمجيات قليلة جداً، وإذا وجدت وظيفةً فهي تدفن طموحك وإبداعك. من أجل ذلك أردت أن أبدأ شيئاً من الصفر".
في حديثها مع "ومضة"، تلفت الشابة السعودية إلى أنّ فكرة إطلاق شركة متخصصة بالمشاريع الإبداعية راودتها أثناء دراستها الماجستير في الولايات المتحدة فطرحتها على شقيقتها ليلى وصديقتهما زينب أبو عبدالله في السعودية اللواتي أبدين حماسة وبدأن على الفور العمل كفريق. في العام 2014، وبينما كانت الدبيسي في الولايات المتحدة، أنجزت مع شريكاتها أول عملٍ مشترك، وهو فيديو رسوم متحركة عن القراءة شاركن به في مسابقة "أقرأ" من شركة "أرامكو" Aramco.
في بداية العام 2015، عادت الدبيسي إلى السعودية بعد التخرّج وبدأت بالعمل على الإجراءات القانونية والمالية لإنشاء استوديو "نقش الضوء". وبالفعل "في نهاية هذا العام، وبالاعتماد على مالنا الخاص، استأجرنا مكتباً مع أثاث بسيط وبدأنا العمل"، على ما تقول لـ"ومضة" .
مواهب مختلفة في فريق واحد
بعد تأسيس الاستوديو، عملت "نقش الضوء" على عدة مشاريع تحريك صغيرة، وخدمات رسمٍ للقصص، ومشاريع تصميم داخلي، كما أنشأت موقعاً إلكترونياً لمؤسّسة "القصور الهوائية".
وهذه الخدمات المتنوّعة لم تكن ممكنة لولا تنوّع اختصاصات أعضاء الفريق واجتماعهنّ على حبّ الفنّ والإبداع. ففاطمة الدبيسي خريجة علوم حاسوب، واختها ليلى مهندسة تصميم داخلي، وزينب أبو عبدالله مبرمجة ورسامة. كما انضمّ إلى الشريكات الثلاث صديقتان هما زينب الجشي كرسامة واختصاصية تحريك، وحميدة حمادة رسامة ومصممة شخصيات.
منذ إطلاق الشركة وبموازاة تقديم الخدمات للعملاء، عملت الشابات على لعبة "وجدان" التي تعتمد على قصة ولد مريض يختفي طبيبه في ظروف غامضة. وتشرح الدبيسي أنّ سبب اختيار منصة "ستيم" لإطلاق اللعبة يعود لكونها "أصبحت ناشراً لألعاب الحاسوب، كما سيساعدنا هذا على معرفة ما إذا كان اللاعبون سيحبّونها، تمهيداً لإطلاقها على منصّات أخرى".
تذكر الدبيسي أنّ شركتها تحقق عوائد مالية وفق نموذج عمل يقوم على تقاضي رسوم مقابل الخدمات والمنتجات الفنية، وتشير إلى أنّ العائدات لا تزال "لا تزال غير قادرة على سد تكاليف الإنتاج والتشغيل". كما يوجد على موقع الشركة أيضاً متجرٌ إلكتروني بسيط، تذكر الدبيسي أنّهنّ يعملنَ على تطويره.
يمكن للعمل الإبداعي الرقمي أن يتوسّع على الإنترنت من دون الحاجة إلى التواجد في الأسواق المستهدفة، لذلك تسعى الشابات إلى تعزيز التواجد على الشبكة من خلال منصات التواصل على سبيل المثال. وللبروز أكثر، يعمدنَ إلى المشاركة في فعالياتٍ متخصّصة بهذا النوع من الإبداع، مثل "كوميك كون" Comic con في دبي، و"بيهانس" Behance في الخُبر.
بالإضافة إلى ذلك، توضح الدبيسي أنّ "إتقاننا لعملنا ساهم في عودة العملاء إلينا، وكذلك التوصية بنا إلى عملاء آخرين".
لا مفر من وجود عقبات
تعتقد الدبيسي أنّ "أول التحدّيات التي نواجهها كشركة ناشئة هو التمويل، لذلك فنحن نعتمد حتى الآن على التمويل الذاتي. ثمّ تأتي الأمور القانونية التي لا تكون واضحة مثل عدم وجود تراخيص وتعريف للعمل الإبداعي". أضف إلى ذلك أنّه لا يمكن للنساء إنجاز المعاملات بأنفسهنّ في الكثير من الإدارات الرسمية في المملكة.
العقلية السائدة أيضاً جزءٌ من المشكلة، بحسب الدبيسي. فالعملاء يريدون رسوماً متحركة animation في وقتٍ قصير وبأسعار مخفضة، من دون أن يعرفوا أنّ "دقيقة الرسوم المتحركة تتألّف من 60 ثانية أي 60 رسمة، وأنّ ذلك يتطلب مجهوداً ووقتاً".
يمكن أن تستغرق مواجهة هذه التحديات في السعودية وقتاً طويلاً وتتطلب جهداً كبيراً من مؤسِّسات "نقش الضوء"، ولكن مثل هذه الأعمال ستنير حتماً طريق نساء مبدعات أخريات.