English

الصين في البحرين: ريادة الأعمال تبني مصالح مشتركة

English

الصين في البحرين: ريادة الأعمال تبني مصالح مشتركة

ليست التجارة بين الصين والبحرين وليدة الأمس بل هي قصة بدأت قبل قرون حين كان التجّار يسلكون ما يعرف بـ"طريق الحرير". وكانت البحرين في الماضي تتاجر باللؤلؤ والتمر والنحاس، وتستورد الحرير وعبير المسك من الصين.

أمّا اليوم، فجددت الصين اهتمامها بالبحرين وبمنطقة الخليج ككل عبر استراتيجيّتها "حزام واحد طريق"  One Belt One Road (OBOR).

تعيد هذه المبادرة توجيه القدرة الإنتاجية الفائضة ورأس المال الصيني إلى الخارج. وتتوقّع "وحدة إيكونوميست للمعلومات" Economist Intelligence Unit أنّ يكون للصين بحلول العام 2020، حصّة الأسد من صادرات دول مجلس التعاون الخليجي المقدّرة بـ160 مليار دولار. فتجارة دول مجلس التعاون الخليجي مع الصين نمت ما بين عامي 2010 و2013 بشكل أسرع من أي شريك تجاري مهم آخر وذلك بنسبة 30% للصادرات و17% للواردات.

يقول خالد الرميحي، الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية، إنّ "البحرين كانت لآلاف السنين قاعدة تجارية على طريق الحرير تصل بلدان الخليج بالعالم. ويمكن رصد هذه العلاقة التجارية بين البحرين والصين في العديد من المواقع الأثرية في المملكة".

الوجود الصيني في البحرين والخليج  

أطلق عدد كبير من الشركات الصينية عمليّات في البحرين ومنها شركة "هواوي" Huawei التي اتخذت من هذا البلد مقرّها في الشرق الأوسط. ولدى الشركة اليوم 500 موظّف في مكتبها في البحرين حيث استثمرت 28 مليون دولار.

من جهة أخرى، يسعى المجمّع التجاري الصيني الهائل في البحرين، "دراجون سيتي" Dragon City، الذي تبلغ مساحته 115 ألف متر مربع ويضم أكثر من 780 متجراً، إلى تحسين سمعة السلع الصينية في منطقة مجلس التعاون الخليجي. وتتراوح هذه المتاجر بين تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والمقاهي وتجذب معظم زوّارها لا سيما من السعوديّة.

ولكن لا تعدّ البحرين البلد الخليجي الوحيد المهتمّ بالتجارة الصينية. ففي العام 2010، فاز متعهد صيني بمناقصة لبناء السكّة الحديدية في مكّة المكرّمة،  وهو مشروع يحلّ مشكلة النقل بالحافلات في موسم الحجّ. وقد استحدث هذا الاستثمار وظائف لحوالي 30 ألف مواطن سعودي.

في الواقع، تحدد الصناعة الصينية المعيار العالمي للصناعة في السنوات الماضية، ومن المرجّح أن تصبح فعالية الصينيين في الإنتاج ركيزة للسوق البحرينية. ومن المتوقع أن تستمتع الشركات البحرينية بآثار ذلك، ويستفيد المستهلكون من باقة أوسع من الخيارات.

الوصول إلى سلسلة التوريد الصينية

يعتبر ياسين أبو داوود، مدير عمليات التوزيع التجاري في "برينك" Brinc الصينية لتسريع تطوير الأجهزة، أنّ الصلة مع الصين قد تعود بالمنفعة على الصانعين المحليين من حيث التكلفة والوقت والجودة.

ومن شأن وصول مسرّعة على غرار "برينك" إلى الخليج، أن يحدث ثورة في البيئة الريادية هناك. فالدخول إلى قطاع تصنيع الأجهزة في الصين سيشجّع الابتكار في تطوير الأجهزة. كما ستحفّز هذه الصلة الشركات المحليّة على التكيّف والانخراط في نقل المعرفة وبالتالي رفع معاييرها.  

تشجّع جهود "صنع في الصين 2025" Made in China 2025  المستوحاة من خطّة " الصناعة 4.0" التي اعتمدتها الحكومة الألمانية، الابتكار والتحوّل الذي يحرّكه التصنيع الذكي المتوازي مع التوريد الذكي.

وفي حين تقدّر "ماكينزي" McKinsey أن تصل قيمة سوق إنترنت الأشياء إلى 33 تريليون دولار على المستوى العالمي بحلول العام 2025؛ يرى أبو داوود إمكانيات هائلة لأجهزة إنترنت الأشياء في المنطقة.

في بلدان مجلس التعاون الخليجي خصوصاً، تدفع التوجّهات الطبية الحالية، مؤسسات الرعاية الصحية للإنفاق والاستثمار في إنترنت الأشياء. فبحسب "آي دي سي هيلث انسايتس" IDC Health Insights، كان من المتوقّع أنّ يتخطّى إنفاق مؤسسات الرعاية الصحية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في إنترنت الأشياء 500 مليون دولار في العام الماضي، وأن ينمو بمعدل سنوي مركّب يساوي 18.7% ما بين 2016 و2020.

تساهم التطورات في البيئة الريادية في البحرين في جعلها منافساً قويّاً للشركات الناشئة الأجنبية الساعية إلى الاستفادة من منافع عودة السياسة الصينية للتجارة على طريق الحرير، وذلك بالرغم من أنّها لم تشهد بعد نشأة أيّ شركات ناشئة في مجال الأجهزة.

في المقابل، يقول أبو داوود إنّ "الاستثمار في الشركات الناشئة التي تعاونت مع مسرّعة لتطوير الأجهزة مثل ’برينك‘ هو بمثابة الحصول على بوليصة تأمين". فالعمل مع روّاد الأعمال عن قرب في مجال تطوير الأجهزة لطالما ساهم في ولادة قصص نجاح.

بناء مصالح مشتركة   

لا شكّ أنّ تاريخ الصين حافل بالتصنيع، من الألعاب إلى الأجهزة الإلكترونية. وستستفيد البحرين من هذا العملاق الآسيوي عبر استثمارات كثيفة في البنية التحتية لإنترنت الأشياء، والتي ستغذّي التوريد وتحفّز نمو سلسلة التوريد.

ومن المتوقع أن تساهم مبادرة "إنترنت بلاس" Internet Plus الصينية، في تجديد السياسات التجاريّة والعلاقات بين الصين والبحرين بالكامل.

الصورة الرئيسيّة من "ويكيميديا كومونز".

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.