دروس مفتوحة المصدر تعلّمك الحماية من الهجمات الإلكترونية
أصبحت قرصنة حسابات المنظمات الإنسانية وجمعيات حقوق الإنسان شائعة جداً خلال السنوات الست الأخيرة. ومن أحدث الأمثلة على ذلك، هجوم "نايل فيش" Nile Phish الإلكتروني الذي استهدف ثماني جمعيات مصرية لحقوق الإنسان في شباط/فبراير الماضي. ولكنّ هذه التهديدات الرقمية التي تستهدف منظمات المجتمع المدني، ليست من نوع الرسائل غير المرغوب فيها أو رسائل الابتزاز المالي التي تصل إلى الحواسيب الشخصية عادة، بل تتميّز بالاستمرارية وتستهدف جهة محددة كما لديها دوافع سياسية.
وبالفعل كانت منظمات المجتمع المدني في العام 2015 الأكثر عرضة لتهديدات من هذا النوع، بحيث استهدفتها 19.5% من الهجمات تلتها المؤسسات الأخرى من سياسية ورياضية ودينية وغيرها. وفي العام 2016، تصدّرت المؤسسات السياسية اللائحة بنسبة 25.3% تلتها منظمات المجتمع المدني مباشرة بـ13.8%.
ولكن رغم تعرّض الكثير من الحكومات والشركات لهجمات رقمية تهدد بياناتها، إلّا أنّ لدى هذه المؤسسات البنى التحتية اللازمة للتصدي لها على عكس مؤسسات المُجتمع المدني التي تنقصها أدوات الحماية.
لذلك يعتبر الجهل الرقمي أحد الأسباب الرئيسية التي تُعرّض الناشطين لخطر الهجمات الإلكترونية، وهذا بالضبط ما تُحاول "أدفوكاسي أسيمبلي" Advocacy Assembly تغييره.
تقول إسراء حيدر، مُحررة التواصل الاجتماعي لدى "أدفوكاسي أسيمبلي"، إنّ الجهل الرقمي لا يسيء إلى المؤسّسات فحسب بل قد يؤذي العاملين فيها أيضاً. وتوضح في مقابلة مع "ومضة" أنّه "إذا أردت أن تصبح صحافياً أو أن تدير حملة إلكترونية من دون أن يكون لديك إلمام بأدوات الحماية الرقمية، ستعرّض كلّ شيء من حولك للخطر بما في ذلك البيانات والأشخاص الذين تعمل معهم".
دروس إلكترونية مخصصة للناشطين
توفّر "أدفوكاسي أسيمبلي"، المنصّة الجماعية مفتوحة المصادر MOOC، دروساً مجانية في مجالات حقوق الإنسان والصحافة الرقمية، بثلاث لغات هي الإنجليزية والعربية والفارسية.
تأسّست المنصة في العام 2015 تحت مظلة مؤسّسة "سمول ميديا" Small Media البريطانية، ومنذ ذلك الحين استطاعت جذب طلّاب من بلدان عدّة من ضمنها إيران، والولايات المتحدة، وسوريا، والسعودية، وجنوب إفريقيا، والعراق.
يمكن اعتبار المنصّة جزءاً من التكنولوجيا المدنية التي عادة ما توفر المساحة والأدوات التي تهدف إلى تمكين المواطنين وسدّ الفجوة بينهم وبين حكوماتهم عن طريق تثقيفهم وتمثيلهم، بالإضافة إلى تشجيعهم على المشاركة الإيجابية في عملية اتخاذ القرار.
محتوى حسب الطّلب
ليست الدروس الجماعية مفتوحة المصدر جديدة على المنطقة فلدينا أمثلة مثل "إدراك"، و"رواق"، و"مينافيرستي" Menaversity التي أثبتت وجود حاجة إلى هذا النوع من التعلم خصوصاً مع وصول "إدراك" إلى مليون طالب.
ولكن ما يميّز "أدفوكاسي أسيمبلي"عن المصادر الأخرى هي المواضيع المُختارة والجمهور المُستهدف. فعلى عكس المنصات الأخرى التي توفر دروساً متنوعة جداً لجمهور واسع يضم أمّهات ومدراء وطلاب هندسة، تركّز "أدفوكاسي أسيمبلي" على مواضيع مُحددة تتعلق بالناشطين والصحافيين الرقميين وتستهدف كذلك الفئات المُهتمة بهذه المجالات.
وبحسب حيدر، تُحاول المنصة قدر المستطاع أن تربط المواضيع بالمنطقة لأنّ "طريقة تعليم الحماية الرقمية، على سبيل المثال في الولايات المتحدة يختلف كثيراً عن طريقة تعليمها في العالم العربي، وذلك لأنّ الجهل الرقمي منتشر أكثر في المنطقة العربية ممّا يحتم إضافة أساسيات ممكن الاستغناء عنها عند مخاطبة الجمهور الأميركي".
أمّا الدروس التي تضمّ الخصوصية الرقمية، والصحافة، والقانون، وإنتاج الفيديوهات، فتدرّسها وتحضّر مناهجها تسع مؤسّسات معنية تتعاون معها "أدفوكاسي أسيمبلي"، بينها "إنفوتايمز" Infotimes المصرية و"تبادل الإعلام الاجتماعي" اللبنانية.
يعتقد عمر العراقي، وهو صحافي بيانات ومؤسّس موقع "إنفوتايمز" لنشر رسوم البيانات، أنّ التدريب الإلكتروني المجاني مناسب جداً للصحافيين، بخاصّةٍ وأنّ الكثيرين منهم ممنوعون من السفر أو لا يملكون القدرة المالية لحضور الدورات المُكلفة.
ووفقاً للعراقي: "يتحكّم الإعلام الرقمي بحياتنا، لذلك على الصحافيين أن يتعلموا الأدوات الأساسية لنشر قصصهم؛ فالأمر لم يعد مهماً فقط بل أصبح حاجة ماسة".
قد تُعدّ الدروس الجماعية مفتوحة المصدر إحدى الوسائل لتهيئة منظمات المجتمع المدني للتصدي للهجمات الإلكترونية، ولكنها عاجزة أن تحدث فرقاً جذريّاً لوحدها.
ويوضح رونالد ديبارت، مدير "مختبر المواطنين" Citizenlab المعني بدراسة تقاطع تكنولوجيا المعلومات مع حقوق الإنسان والأمن الدولي، أنّ منظمات المجتمع المدني تلعب دوراً مهمّاً في إدارة المساحات الرقمية. لذلك عليها أن تطوّر استراتيجية مُتكاملة "تعالج التهديدات بمهارة الحكومات والشركات الكبيرة.. وتحافظ في الوقت نفسه على الشبكات المفتوحة التي توفر للمستخدمين قنوات معرفة وتواصل".
الصورة الرئيسية من "بيكساباي" Pixabay.