English

قصة من نيجيريا: التكنولوجيا في خدمة المجتمعات الأكثر حرمانًا

English

قصة من نيجيريا: التكنولوجيا في خدمة المجتمعات الأكثر حرمانًا
العلم النيجيري (الصورة عبر بيكساباي Pixabay)

يعمل وولي فرعون، وهو أحد رواد الفضاء الإلكتروني في نيجيريا، والمؤسس والمدير الإداري لشركة "نت بلاس دوت كوم" NetPlusDotCom على مساعدة الشركات في أسواق دول جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، من خلال إطلاق منتجات إلكترونية، مثل "ويب مول" WebMall، وهو سوق رقمي يساعد الشركات على التواجد وبيع المنتجات عبر الإنترنت. واليوم، تستفيد أكثر من ٥ آلاف شركة في نيجيريا من هذه الخدمات والمنتجات.

كما تمتلك شركة "نت بلاس دوت كوم" منصة خدمات تحت اسم "نت بلاس باي" NetPlusPay، التي تمكّن الشركات الجديدة من تطوير وسيلة ميسرة لقبول المدفوعات الإلكترونية.

وفي هذا اللقاء، تحدّث فرعون، الذي يحمل درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة وارتون في بنسلفانيا، إلى «ومضة» عن تأسيس المشاريع التجارية في نيجيريا، وتحديات أسواق جنوب الصحراء الكبرى، وما يغيب عن اهتمامات المستثمرين الأجانب، ومنظوره الحالي للشركة الناشئة الواعدة.

ومضة: ما هي أبرز التحديات التي واجهتها حين أسست شركة "نت بلاس دوت كوم" عام ٢٠١٢؟ هل كانت تلك التحديات محصورة بالبلد الذي عملت فيه؟

وولي فرعون. (الصورة من لينكد إن)

فرعون: لقد أطلقنا عملياتنا التجارية عام ٢٠١٢ على ضوء إصدار الحكومة لتشريع يدعم إنشاء مجتمع «غير نقدي»، وهو ما هدف بالأساس إلى تقليل الاعتماد على التعاملات المالية وتوفير قنوات أكثر للتعاملات الإلكترونية. وفي ذلك الحين، انطلقنا من اعتقادنا بأن ذلك سيتيح الفرص لشركات التكنولوجيا مثل شركتنا لتجسير الفجوة بين الجهات المعنية في مجال الخدمات المالية وبين المستخدمين، وبالتحديد التجّار منهم. ونحن اليوم نتعاون مع الكثير من الجهات الفاعلة في هذا المجال، وتمكنّا الآن من توسيع عملياتنا لنصل إلى غانا، وسنصل قريبًا إلى دول أخرى في غرب أفريقيا لتقديم خدماتنا هناك. وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجهها أي شركة ناشئة في جنوب الصحراء الكبرى، فثمة تحديات مشتركة بين كافة دول المنطقة، كما توجد تحديات خاصة ببعض الأسواق على وجه التحديد. ومن بين التحديات المشتركة في كافة الأسواق، محدودية الوصول إلى رأس المال المغامر، والافتقار إلى البنية التحتية الذي يؤدي إلى ارتفاع كبير في تكاليف العمليات، والبيئة التشريعية (التي تكون ضعيفة للغاية في بعض الأحيان، وصارمة جدًا أحيانًا أخرى). أما في نيجيريا على وجه الخصوص، فثمة تحديات تتعلق بسلوك المستهلك، وهي تؤدي في بعض الأحيان إلى انخفاض تبني المنتجات. كما يعتبر الوصول إلى رأس المال من التحديات حيث أن هذا الوصول محدود في الغالب، على الرغم من أننا شهدنا بعض حالات الاستثمار في شركات ناشئة في دول جنوب الصحراء الكبرى الإفريقية خلال السنوات القليلة الماضية. ومن التحديات كذلك عملية بناء فريق العمل، حيث يعتبر استقطاب المواهب والاحتفاظ بها عملية باهظة الكلفة في ضوء ضعف قدرة الشركات الناشئة على المنافسة في هذا المضمار.

ومضة: عملت سابقًا كمدير للمنتجات في اثنتين من كبرى شركات البرمجيات في نيويورك، وكنت مسؤولًا مصرفيًا قبل ذلك. ما الذي دفعك إلى دخول مجال التجارة الإلكترونية في نيجيريا؟

فرعون: كنت أسعى دائمًا إلى حل المشاكل بحكم طبيعة شخصيتي، بصرف النظر عن الوضع القائم. وعندما كنت على مقاعد الدراسة الجامعية وكان عمري 18 عامًا، بدأت أوّل عمل تجاري لي، تمثّل في تأجير الأفلام بهدف جني الإيرادات. وفي ضوء ذلك، وحيث كان لدي شغف كبير  بالتكنولوجيا، نجحت من خلال التكنولوجيا والابتكار في حل المشاكل، وتجاوز التحديات التي تواجهها المشاريع التجارية. أما انتقالي للعمل في الولايات المتحدة فكان من باب تحقيق التطور المهني في إحدى مراحل حياتي، لكنني كنت على يقين بأنّه ثمة الكثير من التحديات في بلدي التي يمكنني معالجتها بالاعتماد على خلفيتي وخبراتي.  

ومضة: ما هي أكثر شركة ناشئة حازت على اهتمامك في نيجيريا، ولماذا؟

فرعون: عدا "نت بلس"؟ (يبتسم). أعتقد أنها شركة "واكاناو.كوم" Wakanow.com للسياحة والسفر. تمّ إطلاقها قبل نحو ١٠ سنوات ونجحت كثيرًا في استخدام التكنولوجيا لتعزيز قطاع السياحة والسفر. كما تمكّنت هذه الشركة من التوسّع إلى خارج نيجيريا وإطلاق عملياتها في دول في غرب وشرق أفريقيا.

ومضة: برأيك، كيف يمكن إقناع مستثمر أجنبي بالاستثمار في نيجيريا؟

فرعون: السوق النيجيري كبير، وهو كبير بما يكفي لتحقيق عائد استثمار ضخم للمستثمرين. ولكن، ونظرًا لتحديات السوق (التكلفة المرتفعة للقيام بالأعمال التجارية، والبيئة التشريعية غير المستقرة والصارمة، والتحيزات الثقافية التي قد تؤدي إلى انخفاض تبني المنتج، وانخفاض انتشار التكنولوجيا، ...إلخ)، فإن تحقيق أهداف المستثمرين قد يشكل تحديًا. وعليه، قد يلجأ المستثمرون أحيانًا لدراسة الاستثمار في أسواق بديلة ومشابهة من حيث الاقتصاد، قبل التفكير في نيجيريا... [مثل] البرازيل، وجنوب أفريقيا، وأوروبا الشرقية. مع ذلك، أعتقد أن الشركات الناشئة التي تستطيع حلّ المشاكل في مختلف الأسواق والمناطق، ستتمكن من جذب المستثمرين الأجانب قبل تقييم العمل والحلول، ثم تنطلق خارج السوق المحلية. فعلى سبيل المثال، طوّرت "نت بلاس" بالتعاون مع "ماستر كارد" MasterCard حلًا للتحديات المرتبطة بخيارات الدفع عند التوصيل، بالنسبة للتجارة الإلكترونية في نيجيريا. لكن بكلّ تأكيد، كما يمكنك أن تتخيل، يمكن لهذا الحل أن يُستغلّ في عدد من الأسواق والمناطق الناشئة في جميع أنحاء العالم. وحاليًا، ثمة محادثات جارية مع التجار في دول مجلس التعاون الخليجي، وأوروبا الشرقية، وآباك [آسيا والمحيط الهادئ]، ونحن متحمسون جدًا بشأن عولمة حلّنا هذا. وبذلك، يقيّم المستثمرون المحتملون فرصة الاستثمار في مشروعنا التجاري خارج نيجيريا.

ومضة: أنت حائز على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة "وارتون" في بنسلفانيا، فما هي الدروس التي تعلمتها خلال دراستك الجامعية والتي تطبقها حاليًا في مسيرتك المهنية في مجال الشركات الناشئة؟ وهل ساعدتك هذه الدروس على تفادي الأخطاء؟

فرعون: كانت إحدى المساقات التي درستها في السنة الأولى هي «إدارة الناس في العمل»، وقد تبين لي فائدتها العظيمة بالنسبة لمجالي المهني حتى هذا الوقت، وأنها ستكون مفيدة أيضًا في المستقبل. لقد ارتكبنا أخطاء كثيرة منذ أن بدأنا في عملنا، لاسيما عند وضع الافتراضات بشأن سلوك المستهلك وتبني الحلول التي نقدّمها. وباعتقادي، فإنّ أيّ شركة ناشئة ناجحة يجب أن تكون على استعداد لوضع مثل هذه الافتراضات المدروسة، لكن عليها في الوقت ذاته أن تتحضّر للتغيّر بسرعة بناء على بيانات السوق الفعلية فور ظهورها.

ومضة: كيف تصف مشهد الشركات الناشئة في جنوب الصحراء الكبرى الإفريقية منذ خمس سنوات؟

فرعون: تعتبر منظومة الشركات الناشئة في الوقت الحالي مفعمة بالكثير من المواهب العظيمة التي تسعى لوضع حلول لتحديات السوق. ويمكننا القول إنّ الأفريقيون يحاولون كتابة قصصهم بأنفسهم، وخلق الفرص للأجيال القادمة. أعتقد أن قصص النجاح التي ستكتب من أفريقيا ستجعل المستثمرين والمؤسّسات الرائدة حول العالم تنظر إلى الفرص المتاحة في الفضاء الأفريقي، وسيكون من شأنها زيادة احتمالات الاستثمار في سوقنا الإفريقي، وهو ما سيؤدي بالتالي إلى دفع الموجة التالية من المشاريع في المنطقة.

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.