English

الحاضنة التي ترعى رواد الأعمال الاجتماعيين في الشرق الأوسط

الحاضنة التي ترعى رواد الأعمال الاجتماعيين في الشرق الأوسط
آنّا-ليسا جوجز

تواجه الكثير من الحكومات في الشرق الأوسط صعوبة في تقديم الخدمات الأساسية وضروريات الحياة، مما يدفع رواد الأعمال إلى أخذ زمام المبادرة وتأسيس شركات لتقديم حلول لمشكلات مثل نقص الماء والكهرباء والبطالة.

تركّز هذه الشركات التي تُعرف باسم «الشركات الاجتماعية» على إحداث أثر إيجابي في قطاعها وفي المجتمع ككل. ويعتبر احتضان هذه الشركات مهمة صعبة نسبياً في المنطقة، وذلك لأن الغالبية العظمى من المستثمرين يضعون نصب أعينهم الأرباح العالية والإيرادات السريعة.

قررت آنّا - ليسا غوغز وشريكتها ميديا نوتشنتيني تأسيس شركة «Consult and Coach for a Cause (C3)»  (قدموا المشورة والتدريب من أجل قضية) "سي 3" في 2012، وهي حاضنة أعمال تركز على الشركات الاجتماعية بهدف المساعدة في ازدهار هذا النوع من الأعمال.

وتقول غوغز إن "رواد الأعمال الاجتماعيين لا يختلفون عن غيرهم من ناحية حاجتهم إلى العملاء وإلى القدرة على التوسّع وتبنّي استراتيجية ناجحة".

وبالرغم من صغر حجم الحاضنة، فقد حصلت على الدعم من مجموعة كبيرة من الشركات في أنحاء المنطقة والتي تهدف بدورها لحل مشكلات اجتماعية ضخمة على نطاق واسع.

وحتى الآن، نظّمت حاضنة "سي3" ست فعاليات اشتملت على ورش العمل وبرامج إرشاد وتوجيه وتقديم النصح والمشورة. وتستقبل الحاضنة الشركات من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قاطبة، وقد تعاونت مع «غزة سكاي غيكس Gaza Sky Geeks» في فلسطين، إلى جانب حاضنات ومسرّعات أعمال أخرى في عُمان ومصر. كما تعاونت منذ إنشائها مع أكثر من 250 رائد أعمال، و1000 خبير، و10 مؤسسات شريكة.

تستقبل الشركة حالياً طلبات المشاركة في الفعالية المقبلة التي ستركّز على الشركات في عُمان والكويت ومصر والإمارات العربية المتحدة. وفي هذه الدورة، سيتم اختيار في المرحلة الأولى 100 رائد أعمال اجتماعي من بين جميع المتقدمين، سيتأهّل منهم 20 رائد أعمال إلى الدور النهائي لحضور الفعالية في دبي في شباط/فبراير من العام المقبل. أما الـ80 الباقون، فسيتلقون الدعم عبر مؤتمرات إلكترونية (webinar) لمساعدتهم في التطور. ويُشترط أن يكون المتقدمون مساهمين في أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.

ستستمر هذه الفعالية التي ستقام بالشراكة مع بنك "إتش أس بي سي" HSBC لمدة ثلاثة أيام حافلة بورش عمل وتجارب محاكاة لاجتماعات مجالس إدارة، إلى جانب تقديم العروض أمام مستثمرين في الأثر الاجتماعي والبيئي مقابل جوائز نقدية. وسيتلقى المشاركون كذلك 10 ساعات من الدعم الفردي من الخبراء على مدى شهرين. أما الفائز بالمرتبة الأولى فسيتلقى جائزة نقدية بقيمة 10,000 دولار.

يختلف مشهد الشركات الاجتماعية بين بلدان المنطقة؛ فبينما تركز بعضها على إتاحة الوصول إلى المياه النقية وتوفير التعليم الأساسي في دول مثل مصر وفلسطين، تركز أخرى في دول مجلس التعاون الخليجي مثلًا على تطوير المهارات أو معالجة مسألة الأمن الغذائي.

وتعلّق غوغز قائلةً: "نجد في مصر قاعدة شعبية كبيرة وتعداداً سكانياً ضخماً حيث يجد الناس حلولاً لمشكلات لا تقوم الحكومة بحلها. ولا يعني ذلك أن الشركات الاجتماعية لا قيمة لها في دول الخليج، وإنما المشكلات هناك مختلفة".

في العام الماضي، تعاونت حاضنة "سي3" مع "ديموكرانس" Democrance، وهي شركة لتقنيات التأمين تجعل التأمين متاحاً لمن يحتاج إليه واستطاعت جمع استثمارات بقيمة 800,000 دولار. ومن خريجي حاضنة "سي3" أيضاً مطعم "روتس بيسترو" Roots Bistro  وهو أول مطعم مستدام بالكامل في الإمارات، وكذلك "إيفولفين وومن"  Evolvin’ Women وهي شركة تعمل على تحسين فرص عمالة النساء في قطاع الضيافة بالدول النامية.

تقول آسيا ريتشيو، مؤسسة "إيفولفين وومن" "منحتني مسرّعة الأثر الاجتماعي سي3 الشجاعة لتحدّي أفكاري المسبقة، وتنحية مشاعري جانباً، والتأمل بصدق فيما إذا كانت نظرية التغيير التي أقتنع بها تستطيع حقًا تحمل الضغوط".

بينما يرتفع عدد المستثمرين الأفراد مع ازدياد شركات الأسهم الخاصة وشركات رأس المال المغامر التي ينصب تركيزها على التكنولوجيا وقطاع الشركات الناشئة، فإن هناك القليل من المستثمرين في الأثر الاجتماعي والبيئي في المنطقة.

وتضيف غوغز: "يستطيع بعض رواد الأعمال التوجّه إلى أسواق أخرى غداً وتلقّي الدعم بملايين الدولارات، أما هنا، فمن الصعب الحصول على بضع مئات الألوف".

يدفع نقص التمويل هذا، رواد الأعمال الاجتماعيين إلى الاجتهاد في العمل منذ لحظة الانطلاق لبلوغ الاستدامة المالية.

وتتابع أنه "ليس لدى هؤلاء الرواد خيار النمو الطبيعي وتلقي الدعم الإضافي. ومن سيتمكن من تحقيق الاستدامة المالية، فمن المرجح أنه سيبلغ النجاح المالي".

بحسب تقرير نشرته «ومضة»، فإن إقامة علاقات جيدة مع الحكومة هي عنصر أساسي لازدهار قطاع الشركات الاجتماعية، إلا أنه يمكن أيضاً اعتبار هذه الشركات منافسة للدولة، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تدخلات تعيق التوسع وتحقيق الأثر.  

يمكن أن يعزى ذلك إلى عدم وجود وضع تسجيل قانوني أو وضع حاسم للشركات الاجتماعية في عدة بلدان في الشرق الأوسط.

وتوضح غوغز أنه "لا توجد تشريعات أو بيئة تنظيمية تقدم معاملة مختلفة للشركات الاجتماعية، وقد عملنا جاهدين لإيجاد سبيل لفتح هذا الحوار مع الهيئات الحكومية، وهذا هو هدفنا على المدى البعيد".

يتردد رواد الأعمال في تسجيل شركاتهم الاجتماعية كجمعيات خيرية، وذلك بسبب كثرة الأنظمة التي ينبغي الالتزام بها.

وتقول غوغز إنه "في نهاية الأمر، يسجّل الغالبية شركاتهم كشركات ربحية ويخضعون لقوانينها، ومن مساوئ ذلك ارتفاع التكلفة، لكنهم في المقابل لا يعتمدون على الهبات وغيرها من التبرعات العينية. لذلك يجب تغيير البيئة التنظيمية، لما لذلك من أثر على رواد الأعمال، إلا أنه قد يحتاج لبضع السنوات كي يتحقق".

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.