رين تطرح مفهوماً جديداً في مجال التكنولوجيا المالية
بقلم: كيث جيه. فرنانديز
يُعَّد اكتساب عملاء جدد من أصعب الأمور التي تواجه كل من يريد تأسيس شركة جديدة. ولكن قبل أن يُفكر رائد الأعمال المصري يحيى بدوي وشركاؤه الثلاثة في هذا الأمر، كان عليهم تخطي عقبة أكبر، ألا وهي إقناع السلطات المالية بدعم نوع جديد من الأعمال التجارية في صناعة غير موجودة بالأساس.
كانت فكرتهم التي أرادوا تنفيذها هي تأسيس أول منصة مرخصة لتداول العملات الرقمية المشفرة في الشرق الأوسط تحمل اسم "رين". ويسعى هذا المشروع، الذي انطلق عام 2017، إلى سدّ الفجوة في سوق الأصول الرقمية بالمنطقة من خلال تسهيل تداول وتبادل العملات الرقمية مقابل العملات التقليدية.
عملات افتراضية
العملات المشفرة هي بمثابة مناقصة رقمية في مرحلة متأخرة، لا تدعمها أصول مادية ولا تضمنها البنوك المركزية، ويكاد يكون من المستحيل تزويرها. ويوجد في الوقت الحالي أكثر من 2000 عملة افتراضية لامركزية، تقع إلى حد كبير خارج نطاق تأثير المنظمات المالية التقليدية.
ويقول يحيى بدوي البالغ من العمر 33 عاماً: "يعتقد الكثير من الناس أن الإنترنت يجب أن يكون له عملته الخاصة. لماذا يجب أن يكون اليورو أو الدولار الأمريكي أو أي عملة ورقية أخرى هي الوسيلة الافتراضية لشراء وبيع السلع والخدمات عبر الإنترنت؟ ولكن، يجب أن تكون هذه المعاملات آمنة ومضمونة ومنظمة بشكل صحيح."
وتُعَّد أشهر عملة مشفرة هي البتكوين. لقد لفتت عملة البتكوين، التي أُصدِرت عام 2008، الانتباه في أواخر عام 2017، عندما رفع المستثمرون قيمتها إلى نحو 20 ألف دولار أمريكي قبل تخفيضها مرة أخرى إلى نحو 3000 دولار، ثم استقرت قيمة البتكوين فيما بعد عند نحو 10 آلاف دولار.
اتبعت العملات المشفرة الأخرى مسارات مماثلة، إذ أدت التقلبات في قيمة هذه العملات إلى رفع الوعي بقطاع الأعمال التجارية الناشئة، مع التأكيد على أهمية توفير الضمانات الكافية.
ويضيف يحيى قائلاً: "وصلت هذه الصناعة الآن إلى المستوى التالي من النضج. وهناك بالتأكيد تغيير في الانطباع السائد بشأن العملات المشفرة بعد فهم طبيعة تداولها وكيفية عملها."
لم يكن هذا هو الحال عندما أسس يحيى بدوي منصة رين بالتعاون مع شركائه عبد الله المعيقل (29 عاماً) سعودي الجنسية، والأمريكيين جوزيف دالاجو (28 عاماً) وإيه. جيه. نيلسون (27 عاماً). والتقى الشركاء الأربعة، الذين جمعهم شغفهم بالعملات الرقمية، عبر الإنترنت من خلال موقعي التواصل الاجتماعي تويتر وميت أب. وكانت منطقة الشرق الأوسط في ذلك الوقت المنطقة الوحيدة التي لا يوجد بها منصة مرخصة لتداول العملات الرقمية المشفرة، وكان الاهتمام بهذه العملات ضئيلاً.
ويسترجع يحيى تلك البداية بقوله: "على الرغم من جهودنا المتضافرة، كانت السلطات المالية إما لا تفهم طبيعة العملات الرقمية المشفرة، أو لا ترغب في التعاون معنا. "
رقابة آمنة
كان الحصول على موافقة الجهة التنظيمية المسؤولة عن هذا القطاع أمراً هاماً لتوسيع قاعدة المشترين للعملات الرقمية المشفرة في سوق كان آنذاك سوقاً غير مستغلة.
ويوضح يحيى رحلة المشروع: "كان يمكننا أن نبدأ مشروعنا خارج حدود السلطات التشريعية في المنطقة، لكننا كنَّا نعلم أنه لكي تصبح العملات المشفرة جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، يجب أن تُدار بطريقة تخدم الابتكار واللوائح التنظيمية القائمة أيضاً. وكان ذلك هو المحرك الرئيسي لنا لعملنا. "
عندما وافق مصرف البحرين المركزي على تجربة العملات الرقمية المشفرة عام 2017، انضمت شركة "رين" لبرنامجه الخاص بتوفير حلول تقنية مالية جديدة. وبعد عامين، أصبح المشروع هو أول شركة في الشرق الأوسط تحصل على ترخيص من سلطة تنظيمية داخل المنطقة، لتنضم إلى مجموعة الشركات الدولية صاحبة السبق في دخول هذا المجال.
وفي يوليو الماضي، أتمت "رين" جولة تمويل أولي جمعت خلالها مليونيّ ونصف المليون دولار. ويستخدم آلاف العملاء من أكثر من 50 دولة منصة رين الآن لشراء أو بيع أو تخزين الأصول المشفرة والعملات الورقية في إطار منظومة عمل آمنة تماماً مثلها مثل البنوك.
مستوى السيولة
يشبِّه يحيى شركة رين بشركات تقديم خدمات الإنترنت الرائدة مثل أميركا أونلاين، إذ يقول: "ننظر إلى أنفسنا كرواد في مجال العملات الرقمية. يحتاج أي نظام عمل مزدهر للعملات المشفرة إلى خدمة تمكِّن مستخدميها من الوصول إلى هذه العملات بسهولة. ونأمل أن تأتي شركات أخرى مماثلة في المستقبل تُضيف إلى حجر الأساس الذي وضعناه."
ويرى يحيى أن رواد الأعمال، الذين يأملون في إنشاء مثل هذه المؤسسات المالية الجديدة، بحاجة إلى ما هو أكثر من الموارد المالية الهائلة. فعلى الرغم من ضرورة التمويل المالي، تحتاج جميع الشركات الناشئة أيضاً إلى الانضباط والمثابرة والعمل الشاق. فمثلما أثبتت "رين" جدارتها على أرض الواقع، فإن أي صناعة جديدة يمكنها أن تقوم اعتماداً على أفكار جديدة سليمة ومثابرة في الجهد والعمل.
ويختتم يحيى حديثه قائلاً: "يجب على أي شخص يسعى لبدء نشاط تجاري اليوم أن يتقبل حقيقة أنه إذا لم يتخذ خطوات متقدمة، فلا يجب أن يتوقع تحقيق نتائج مبهرة. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن منظومة عمل الشركات الناشئة في المنطقة قد تطورت كثيراً خلال السنوات القليلة الماضية حتى أصبح أي شخص يمتلك فكرة جيدة والطموح اللازم للسعي وراء تحقيقها لا يواجه صعوبات كما كان في السابق."