English

التكنولوجيا الزراعية تلعب دوراً هاماً وقت الأزمة

التكنولوجيا الزراعية تلعب دوراً هاماً وقت الأزمة
الصورة عبر Shutterstock

بقلم: مي الحبشي

كان لجائحة فيروس كورونا أثراً ملحوظاً على سوق التكنولوجيا الزراعية، حيث أتاحت الفرصة أمام الشركات الناشئة لتطوير حلول وتقنيات جديدة تساعد المزارعين والأفراد على توفير الغذاء محلياً بصورة أكثر كفاءة وفعالية.

وفي هذا السياق، استثمر مكتب أبو ظبي للاستثمار ما قيمته 100 مليون دولار في أربع شركات عاملة في مجال التكنولوجيا الزراعية في إمارة أبوظبي وحدها في أبريل الماضي، حيث حصلت شركة بيور هارفست على 100 مليون دولار- ومقرها في الإمارات العربية المتحدة - من أجل عمليات التوسع المستقبلية، وكان ذلك بمثابة أكبر استثمار شهدته المنطقة العربية في هذا المجال الحيوي حتى الآن، وهو ما دفع الأردن أيضاً في الفترة الأخيرة لإنشاء أول شركة للتنمية الزراعية والتي تحمل اسم "شركة حصاد".

ويقول جوناثان رييس، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة تولوا بالأردن: "تركز التكنولوجيا الزراعية على استغلال الموارد بصورة أكثر فعالية لزيادة المحصول ومكاسب الأنشطة الزراعية".

تحويل المشكلات إلى فرص

وفقاً لآخر تقرير صادر عن البنك الدولي، تُعتبر المنطقة العربية من أكثر المناطق نُدرةً في المياه على كوكب الأرض، ومن ثم فهي تواجه تحدياً فريداً في المجال الزراعي. وعلى الرغم من أن المنطقة تضم حوالي 6% من إجمالي سكان العالم، فإنها تحتوي على حوالي 1% فقط من إجمالي موارد العالم من المياه العذبة.

ويشير جوناثان قائلاً: "إن المياه بمثابة القلب النابض لمجال التكنولوجيا الزراعية، وتمثل التحدي الأكبر الذي تواجهه منطقة الشرق الأوسط على الصعيد الزراعي، الأمر الذي يدفعنا للبحث عن حلول بديلة لتقنيات الري الضعيفة في ظل الهدر الحالي لما يُقدر بحوالي من 75% إلى 85% أو أكثر من المياه المستخدمة".

وقد ابتكرت شركة تولوا - وفقاً لما ذكره معهد بيرمكالتشر للأبحاث الزراعية - طريقة تحد من هدر المياه وتعمل على ترشيد استهلاكه وتزيد من معدلات الإنتاج باستخدام تقنية أكوابونيكس أو الزراعة المائية المركّبة، وهو عبارة عن نظام مزدوج يجمع بين الزراعة وتربية الأحياء المائية (الأسماك وكائنات مائية أخرى) من ناحية، والزراعة المائية (زراعة النباتات بدون تربة) من ناحية أخرى، فتعمل النباتات في هذا النظام على تنقية المياه، التي تعيش بها الأسماك حيث تتغذى على فضلات الأحياء المائية.

ويوضح جوناثان هذه الفكرة بقوله: "بإمكانك أن تزرع وتربي ما تحتاج من مصادر الطعام في منظومة واحدة".

وبينما يعلو نجم نظام الزراعة المائية المركّبة كطريقة فعالة للزراعة المستدامة، فإن شركة تولوا تتيح هذه التقنية للأفراد والأسر والمجتمعات في المملكة الأردنية الهاشمية.

ويتابع جوناثان: "ترفع الشركة في عملها شعار "تولوا للجميع"، فنحن نريد تمكين الناس من خلال مساعدتهم على ابتكار وتصميم وتنفيذ أفكاراً جديدة تمكنهم من تحقيق الرخاء المعيشي وتحرير مجتمعاتهم. لقد ساهمت عملية تحرير مركزية أماكن تواجد المزارع في خفض الإنفاق على نقل المنتجات الزراعية لمسافات طويلة، وبالتالي لا تخرج الأموال من المجتمع. وقد أسهم هذا التحول الكبير في تطور الاقتصادات الصغيرة وتوفير مصادر دخل وغذاء مستقلة للمجتمعات المحلية".

وتعمل شركة تولوا جاهدةً من أجل تيسير عملية الزراعة، خصوصاً في الأوقات العصيبة كتلك التي نواجهها حالياً في ظل جائحة كورونا. 

ويضيف جوناثان: "لا تهدف شركة تولوا إلى استبدال الزراعة التقليدية المعروفة، ولكنها تعمل على ابتكار أساليب جديدة لزيادة مصادر الدخل الزراعي للمجتمعات والحفاظ على استدامة العملية الزراعية وتنوعها. وفي الوقت نفسه، تسعى الشركة للمساعدة في مواجهة التحديات المتعارف عليها في طرق الزراعة التقليدية لتكون أكثر فاعلية وتحافظ على التربة وتعود بالنفع عليها".

الابتكار من أجل مستقبل أفضل

وعلى صعيد آخر، تمكنت شركة برمودة الناشئة للتقنيات الزراعية في مصر باستخدام تكنولوجيا متطورة من ابتكار أسمدة خاصة تقلل تكلفة ونفقات العملية الزراعية، وتساعد المزارعين في الحفاظ على التربة من خلال تقليل الآثار السلبية عليها جراء اتباع ممارسات غير سليمة في الزراعة. 

وترجع أصول الرئيس التنفيذي لشركة برمودة مصطفى النابي لمحافظة قنا في صعيد مصر، حيث تتم زراعة قصب السكر وبنجر السكر على نطاق واسع. ومن ثم، كان لديه دراية بالآثار السلبية لهذه المحاصيل على الأرض الزراعية وأصحابها.

واستطرد مصطفي النابي موضحاً: "بالرغم من جمال مدينة قنا وطبيعة تربتها الخصبة، إلا أنها كانت تواجه مشكلة بيئية ضخمة، وذلك بسبب زراعة قصب السكر، الذي أدي إلى ارتفاع ملحوظ في معدل النفايات الزراعية علاوة على إصابة المواطنين بمشاكل صحية في الجهاز التنفسي بسبب حرق المخلفات الزراعية". وقد شكل ذلك الأمر دافعاً قوياً لشركة برمودة لابتكار حلولاً جديدة لإعادة تدوير المخلفات الزراعية، وتحويلها إلى سماد عضوي بطريقة مفيدة وصديقة للبيئة.

ووفقاً لما صرحت به شركة برمودة، فقد أدت الأسمدة التي تنتجها الشركة إلى تقليل استخدام المياه وزيادة إنتاج التربة بنسبة تصل إلى 20%. وتتطلع شركة برمودة الناشئة، من خلالها مساهمتها في الحفاظ على الموارد الطبيعية، إلى توفير الأمن الغذائي، خاصة في ظل انتشار جائحة كورونا. 

 وتقول مديرة البحث والتطوير في شركة برمودة ريهام يحيى: "التربة هي مورد طبيعي مهم، لأنها تمثل الأساس في توفير احتياجات الناس من الغذاء".

ووفقاً لما جاء في تقارير الأمم المتحدة، فإن نسب التصحر وتدهور التربة الزراعية مستمر في الارتفاع بصورة تفوق نسبة تشكلها، فقد تدهور ما تزيد نسبته عن 33% من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، ويمكن أن تصل هذه النسبة إلى 90% بحلول 2050. 

والهدف من ابتكار برمودة لهذه الأسمدة الخاصة هو تجنب استخدام المواد الكيميائية للحد من المخاطر البيئية التي تواجهها التربة والعمل على تقليل الخسائر.ووفقاً لتقديرات الشركة، فسوف تُحدث التكنولوجيا الرقمية ثورة في عالم الزراعة. 

ويختتم مصطفى النابي الحديث قائلاً: "إن استخدام المزارعين للبدائل الحديثة والحلول الذكية وإتباع التقنيات الرقمية الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والاستشعار عن بُعد والاستعانة بالماكينات الآلية والاستفادة من البيانات الضخمة، سوف يبشر بمستقبل زراعي مبهر".

 

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.