مسرعة أعمال سعودية تزيل الحواجز التي تواجه السيدات في سوق العمل
بقلم: مي رستم
لأسباب تتراوح من الحواجز الثقافية أو المفروضة ذاتياً إلى المعتقدات القديمة، كانت الصور النمطية عن دور الجنس تمثل أحد أكبر العقبات أمام تقدم المرأة في مكان العمل وأحد الأسباب الرئيسية لنقص التمثيل النسائي على المستوى التنفيذي وفي ثقافة الشركات الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
على الرغم من التطور المستمر في مشهد الشركات الناشئة بالشرق الأوسط، ما زالت المنطقة تواجه بعض التحديات الخاصة. تشمل هذه التحديات أدنى نسبة مشاركة للقوى العاملة النسائية في العالم وتبلغ 24.6% وهو ما يقل بشكل كبير عن المتوسط العالمي البالغ 47.8%.
ووفقاً لتقرير شركة ماكنزي الأمريكية للاستشارات الإدارية وما أكدته إيمان عبد الشكور الرئيس التنفيذي لأول مسرعة أعمال مخصصة للسيدات "بلوسوم"، فإن مشاركة المرأة في الوظائف المهنية والفنية لا تتساوى مع مشاركة الرجل.
ميلاد فكرة
قالت إيمان: "كما هو الحال يُعَّد تأسيس شركة أمراً صعباً للغاية، لكن تأسيس المرأة للشركة يواجه تحديات إضافية. أضاف التمييز على أساس الجنس والمعتقدات الثقافية المزيد من الصعوبة أمام النساء اللاتي أردن إطلاق شركاتهن الخاصة".
في عام 2017 سعت إيمان التي كانت تبلغ من العمر آنذاك 23 عاماً لبدء مشروعها الخاص وبناء شبكة قوية من رواد الأعمال في المملكة العربية السعودية. لكنها وجدت صعوبة أكبر في الوصول إلى أصحاب المناصب الرفيعة والتواصل معهم، وهو الوقت الذي ظهرت فيه فكرة بلوسوم.
وأوضحت إيمان قائلةً: "في ذلك الوقت بالسعودية لم تكن هناك أي مسرعات للشركات الناشئة أو منصات التواصل التي تقدم النصائح للشركات الناشئة، وخاصةً تلك التي تركز على النساء. كان ذلك حين أدركت أن النساء اللاتي أطلقن أعمالهن الخاصة في المملكة واجهن مجموعة مختلفة من التحديات أكثر من الرجال السعوديين".
وأضافت: "من خلال بلوسوم أردت تصميم تجربة تلبي احتياجات مؤسسات الشركات الإناث مع تمكينهن وتزويدهن بكل ما يحتاجن إلى معرفته لتخطي العقبات التي قد يواجهنها على طول الطريق. إنها ظاهرة عالمية وتحدث حتى في وادي السيليكون".
وكما وُرِد في أحد تقارير شركة ماجنيت فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "ذهبت 5.1% (36 مليون دولار أمريكي) فقط من إجمالي التمويلات لشركات ناشئة أسستها إناث عام 2019 وهو ما يقارب ضعف الرقم في الولايات المتحدة الأمريكية. علاوة على ذلك، استحوذت الشركات الناشئة التي أسستها إناث فقط على 4.5% من جميع الصفقات عام 2019 أي أكثر من ضعف النسبة في الولايات المتحدة".
دفع القضية إلى الأمام
في حين تقر إيمان بوجود جهود ملحوظة لزيادة مشاركة المرأة في الاقتصاد، إلا أنها تؤكد أنه "ما زال أمامنا طريق طويل لنقطعه".
وتتيح بلوسوم –التي يقع مقرها في مدينة جدة- الفرصة للشركات الناشئة في مراحلها المبكرة للمشاركة في معسكر تدريبي ويوم تجريبي، بينما تزودها أيضاً بالموارد والمعرفة وفرص التواصل مع المرشدين والمتحدثين والمستثمرين.
وقالت إيمان: "تحصل الشركات الناشئة على الإرشاد في كل شيء بدءاً من نماذج الأعمال ومقدمة لريادة الأعمال ومبادئ الإدارة الرشيقة والتنفيذ العملي والتسويق والتمويل وغير ذلك الكثير".
وتابعت قائلةً: "نعتقد أن إحدى النقاط التي تميزنا هنا في بلوسوم هي برامجنا ذات التوجيه المكثف التي تتيح إمكانية التواصل مع مرشدين ومتحدثين من وادي السيليكون والمنطقة. الاحتكاك بهذه الخبرات الدولية بالإضافة إلى الخبرات المحلية يمنح شركاتنا الناشئة التي تركز على الإناث صورة كاملة عن النظام البيئي لريادة الأعمال".
منذ إطلاقها نجحت بلوسوم في إرشاد أكثر من 300 شركة ناشئة تركز على الإناث ونظمت ثلاث فعاليات وهي: Techpreneurship (مسابقة من يوم واحد لبناء خطة عمل وابتكار أفكار للشركات الناشئة التقنية) و SELLA (فعالية عن ريادة الاعمال التقنية ركزت على مشاركة الأفكار والإلهام والتواصل) وTHIQAH (فعالية لتمكين المرأة وتعليمها كيف تكون أكثر ثقة وكيفية إنشاء الشركة التي تستحقها)، وتوجد فعالية افتراضية رابعة قيد التنفيذ.
وأضافت إيمان بحماس ملحوظ: "جائحة فيروس كورونا حفزتنا لتنظيم فعالياتنا عبر الإنترنت. تنظيم الفعاليات افتراضياً يعني الوصول للمزيد من الشركات الناشئة في جميع أنحاء العالم وتوسيع شبكة بلوسوم على مستوى العالم. لطالما كانت لدينا فكرة إنشاء مسرعة أعمال عبر الإنترنت، لكن جائحة كورونا جعلتنا نسارع بتنفيذها".
تواصل بلوسوم النمو والتطور مع انتشار برامجها الإرشادية في دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لكن إيمان ترى أنها مجرد البداية.
واختتمت إيمان حديثها قائلةً: "أرى أن بلوسوم هي مسرعة الأعمال والمنصة الخاصة لمؤسسات الشركات الإناث في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي المكان المناسب لأي سيدة تريد إنشاء أو تطوير شركة وتحقيق التوسع والنجاح. نحن نخطط أيضاً لبدء تمويلنا الخاص لتنمية أعمالنا وشبكتنا وللاستثمار في العديد من المواهب الموجودة في هذا الجزء من العالم".