أهم توجهات الحوسبة السحابية التي تستحق المراقبة في عام 2021
بقلم فيليب ليو، المدير العام لشركة "علي بابا كلاود" لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
لا شك بأن العام 2020 كان من أكثر الأعوام غير القابلة للتنبؤ في تاريخ البشرية، لكن أحداثه أكدت أهمية التكنولوجيا وأثرها الملموس في حياتنا اليومية، سواءً عبر تمكيننا من العمل من المنزل، أو مساعدتنا في مكافحة انتشار فيروس كورونا حول العالم. لقد شهدنا تغيراً في ثقافة العمل في قطاعات مختلفة تواصل استخدام تقنيات حديثة مثل تكنولوجيا الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء. وستظل مسيرة التحول الرقمي مستمرة بعام 2021 في العديد من القطاعات.
وفرت تقنيات الحوسبة السحابية الدعم للاقتصاد الإلكتروني وسلاسل التوريد العالمية ومواقع العمل عن بُعد خلال فترة انتشار الوباء، وسوف تواصل سيطرتها على قطاعات الأعمال في العام الحالي لتمكين الشركات والمؤسسات من التوسع وخفض التكاليف. ويقدم لنا فيليب ليو، مدير عام "علي بابا إنتليجنس" في الشرق الأوسط وأفريقيا نظرة على أبرز ثلاثة توجهات لقطاع الحوسبة السحابية هذا العام:
1- نمو حجم الطلب على السحابة العامة: السحابة العامة هي بنية تحتية سحابية تُستخدم من عموم الناس أو الأفراد أو الشركات. وهذا يعني أن مزودي خدمات السحابة العامة يؤجرون المخدمات ضمن بيئة إلكترونية افتراضية يمكن النفاذ إليها عبر الإنترنت. وباستطاعة المستخدمين الوصول إلى هذه المخدمات عبر شراء خدمات السحابة العامة.
من المتوقع أن يرتفع حجم الطلب على السحابة العامة بسبب وباء كوفيد-19. ووفقاً لشركة "ستاتيستيكا"، المزود الرائد لبيانات الأسواق والمستهلكين، يُتوقع أن تنمو عوائد خدمات السحابة العامة بمعدل نمو سنوي مركب قدره 19% بين عامي 2021 و2025، حيث ستصل قيمتها السوقية إلى 679.494 مليون دولار بحلول عام 2025.
لقد كان لوباء كوفيد-19 أثر سلبي على شركات كثيرة حول العالم، الأمر الذي دفع هذه الشركات إلى صياغة استراتيجيات جديدة للتعامل مع هذا الأمر. ولكي تتمكن الشركات من الانتقال إلى مرحلة جديدة من النمو، ينبغي عليها تحويل أعمالها إلى الإنترنت لضمان استمرارها وتعزيز كفاءتها، ما يجعل الحوسبة السحابية حلاً ناجعاً في هذا السياق.
تعتبر السحابة العامة حلاً منخفض التكلفة لأن الشركات لن تضطر إلى شراء أو تركيب مخدّماتها الخاصة، ما يعود بالفائدة على الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات التي خفضت ميزانياتها لتكنولوجيا المعلومات. وتعمل خدمات السحابة العامة وفقاً لنموذج "الدفع حسب الاستخدام"، أي أن الشركات ستدفع قيمة المصادر التي تحتاجها أو تستخدمها فقط. وبالمقارنة مع خدمات السحابة الخاصة، فإن مستوى استخدام السحابة العامة أقل بكثير، ما يجعل الأخيرة أكثر كفاءة وسهولة وعمليةً وقدرة على تعزيز الإنتاجية والابتكار.
2- السحابة الهجينة ستزداد شعبية: يزداد عدد الشركات التي تفضّل استخدام استراتيجية السحابة الهجينة المتمثلة في خليط من السحابة الخاصة والعامة، مع توقعات بارتفاع العدد أكثر خلال الأعوام القليلة المقبلة. وقالت "مودور إنتليجنس"، إحدى أبرز شركات الاستشارات ومعلومات الأسواق، إن قيمة سوق السحابة الهجينة ستصل إلى 128.01 مليار دولار بحلول العام 2025، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 18.73% خلال الفترة من 2020 حتى 2025.
إن وجود بيئة تحتضن السحابة الهجينة يسمح للشركات أن توزع أحمالها ضمن بيئات سحابية مختلفة بما يتوافق مع احتياجات أعمالها. فمثلاً، يمكن للشركات أن تشغل خدماتها الأساسية في بيئة سحابية خاصة للتحكم الأفضل وتخصيص المساحة التي تلبي احتياجاتها. وعندما يفوق الحمل حدود المصادر المتوفرة، يمكن نقل الأحمال الإضافية تلقائياً إلى بيئة السحابة العامة.
تتيح السحابة الهجينة للشركات إمكانية الاستفادة من الخدمات السحابية العامة والخاصة، كما تمكّنها من التوسع وتوفر مساحات تخزين مفتوحة ونماذج دفع مرنة، وهي أيضاً منخفضة التكلفة مثل الخدمات السحابية العامة. وتتمتع السحابة الهجينة بمواصفات عالية الأمان وتوفر مرونة كبيرة للشركات وتحكماً في المصادر السحابية مثل المصادر الموجودة في السحابة الخاصة.
3- السحابة مستقبل قطاعي التجزئة والتكنولوجيا المالية: من المتوقع أن يحقق قطاعا التجزئة والتكنولوجيا المالية أكبر استفادة من التكنولوجيا السحابية. فمن خلال هذه التكنولوجيا، يمكن لشركات التجزئة تبديل أنظمتها التقليدية واللجوء إلى بنى يمكنها التكيف مع السوق المتغيرة. لقد كانت الشركات التقليدية هي الأكثر تأثراً بوباء كوفيد-19، وقد اضطرت إلى تبني التكنولوجيا السحابية للاستفادة من العمليات المحسنة، والاطلاع بشكل أفضل على سلسلة التوريد، وخفض التكاليف، وتوفير حلول شاملة تتيح المنتجات من عالم الإنترنت إلى يد المستخدمين.
وبعد أن أصبحت تقنيات الرقمنة الحديثة واستخدام الأجهزة الذكية شيئاً اعتيادياً، يشهد قطاع التكنولوجيا المالية فترة من النمو السريع الذي مهد الطريق أمام مجموعة من الحلول المبتكرة للإقراض الإلكتروني والدفع الإلكتروني. ووفقاً لشركة Market Data Forecast، شركة أبحاث السوق البارزة، يُتوقع أن تصل قيمة سوق التكنولوجيا المالية عالمياً إلى نحو 305 مليارات دولار بحلول عام 2025، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 22.17% خلال الفترة من 2020 حتى 2025. وتشمل بعض أبرز مزايا تبني الحوسبة السحابية في قطاع التكنولوجيا المالية، توفر مرونة أكبر، وتعزيز الأمن، وترسيخ الابتكار المستهدف، وزيادة قابلية التوسع.
سيكون عام 2021 عاماً حافلاً بالتحولات والتغيرات في قطاع التكنولوجيا السحابية. وفي ظل استمرار آثار الوباء، يتعين على الشركات إعادة تقييم الطرق التي تمكّنها من تجاوز التحديات والنجاح في بيئة الأعمال الجديدة. وبفضل مرونتها وتنوعها، يمكن للحوسبة السحابية أن توفر الحلول المناسبة التي تتطلع إليها هذه الشركات.