English

الحلول التقنية غير التلامسية هنا لتبقى...

English

الحلول التقنية غير التلامسية هنا لتبقى...
Ammar Al Malik, managing director, Dubai Internet City

عمار المالك مدير عام مدينة دبي للإنترنت

في عالم تباعد أفراده وتأثرت فيه آليات العمل اليومي بشدة بسبب انتشار جائحة كوفيد-19، شكلت الابتكارات التكنولوجية وسيلة لتقريب المسافات وتقديم خدمات أفضل وأسرع وإعادة عجلة الأعمال والاقتصاد إلى الدوران في ظروف آمنة ودون تلامس.

وقد شهدت الفترة الأخيرة ثورة في تطوير وتبني الحلول غير التلامسية في القطاع المالي والعديد من القطاعات الأخرى بفضل تجربة الاستخدام الأفضل وطرق التفاعل المبتكرة بين المستخدمين والأجهزة، وأقول بكل ثقة بأن هذه التقنية ليس باقية بعد زوال الجائحة فحسب، بل إنها ستشكل عصب التطور التقني خلال السنوات القادمة. 

وفي مسيرتها الرامية لمواكبة الموجات القادمة من ثورة التكنولوجيا تمضي الإمارات قدماً في إطلاق المبادرات لاستقطاب أفضل العقول والمواهب والشركات التي تعمل بشكل حثيث لتطوير هذه التقنيات وتقديمها إلى العالم، ولعل مراكز الابتكار المنتشرة في مختلف أنحاء مدينة دبي للانترنت والتي تدار من قبل كبرى الشركات التكنولوجيا العالمية مثال حي على هذه الحركة النشطة، ومثال أيضاً على مكانة دبي ملتقىً عالمياً للابتكار ونقطة انطلاق أحدث التقنيات إلى دول المنطقة، بما فيها التقنيات غير التلامسية.  

ونرى حرصاً شديداً من القيادة الرشيدة على تعزيز البيئة الجاذبة في الدولة لتلك المواهب والشركات، حيث شهدت الفترة الماضية إصدار العديد من القرارات وإطلاق العديد من المبادرات ولعل أهمها المبادرة الأخيرة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي لإطلاق برنامج وطني يهدف لاستقطاب 100 ألف مبرمج، بالتعاون مع نخبة من شركات التكنولوجيا التي تتخذ من مدينة دبي للانترنت مقراً وهي غوغل ومايكروسوفت وأمازون (AWS) وسيسكو وIBM و HPE ولينكد إن وشركة Nvidia وفيسبوك. ويهدف البرنامج الوطني للمبرمجين إلى منح الإقامة الذهبية لأفضل المبرمجين وتوفير مجموعة من التسهيلات والخيارات التمويلية لرواد الأعمال والمبرمجين. 

وبلا شك تشكل هذه المبادرة دفعة قوية لقطاع التكنولوجيا بشكل عام والقطاعات التي تعتمد على البرمجة وتطوير الحلول التقنية الجديدة بشكل خاص ومنها الحلول غير التلامسية. 

إن هذه المبادرة جاءت لتكمل مسيرة الإمارات في تطوير وتبني التقنيات الجديدة، حيث رسمت دبي مثلاً خارطة طريق للانتقال نحو مجتمع غير نقدي بالتعاون مع القطاعين الحكومي والخاص عبر إطلاق حكومة دبي لفريق عمل "دبي اللانقدية" خطوة مهمة لتوحيد جهود الجهات الحكومية المعنية، بما يضمن تسريع وتيرة تحول دبي نحو مجتمع غير نقدي، وذلك بالتوازي مع استراتيجية دبي للمعاملات اللاورقية الهادفة إلى توظيف التكنولوجيا في بناء منظومة متكاملة لعمل حكومي خالٍ من الأوراق، أي أقل تلامساً. 

فيما تقود الشركات العالمية والناشئة التي تعمل في مدينة دبي للإنترنت مثل "فيزا" Visa و"ماستر كارد" Master Card وتلك المتخصصة في مجال الدفع عبر الإنترنت، التبني الجماعي لتقنيات الدفع غير التلامسية في المنطقة، وهو ما يكرس مدينة دبي للإنترنت مركزا عالميا لتكنولوجيا الدفع الرقمية التي تكتسب أهمية متزايدة مع ابتعاد المستهلكين عن التعامل مع النقود الورقية أو المعدنية وتغير سلوكياتهم الاستهلاكية وهو أمر مرجح استمراره بقوة حتى بعد انتهاء الجائحة، ما يستدعي تطوير الشركات لاستراتيجياتها المخصصة للمستهلكين والسوق على حد سواء في مرحلة ما بعد كوفيد-19، سيما وأن أعدادا متزايدة من الجيل "زد" يدخلون سوق العمل وسط نمو متوقع مستقبلا لقوتهم الشرائية، ما يحتم على الشركات الراغبة ببناء علاقات طويلة الأمد مع عملاءها مراعاة هذه التطورات الجوهرية في طريقة تفكير المستهلكين. 

ولعل الفرص الكامنة تتركز في تعزيز تبني الشركات الصغيرة والمتوسطة للتقنيات غير التلامسية بمختلف أشكالها بالتعاون مع مزودي هذه التقنيات وبما يضمن ريادة الإمارات في هذا المجال، واستمرار دورها الايجابي في تعزيز التحول الرقمي إقليمياً وعالمياً.  

 

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.