English

فرصة المدفوعات الرقمية في المملكة العربية السعودية

English

فرصة المدفوعات الرقمية في المملكة العربية السعودية
مهند عبويني، مؤسس شركة HyperPay ورئيسها التنفيذي

عندما أسس مهند عبويني بوابة المدفوعات HyperPay في الأردن في عام 2014، لم تكن نسبة التجارة الإلكترونية في ذلك الوقت تتعدى 1.5% من إجمالي مبيعات تجارة التجزئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع وجود مجموعة من الجهات الفاعلة (سوق ونمشي) المسيطرة على التجارة الإلكترونية. أما المستهلكون فكانوا يستمتعون بالبحث عن المنتجات وشرائها على الإنترنت ويفضلون الدفع بالوسائل التقليدية نقدًا. يظل نموذج الدفع عند الاستلام (COD) أحد أكبر التحديات التي تواجه قطاع التجارة الإلكترونية، وعلى الرغم من أن هذا النموذج أصبح أقل انتشارًا هذه الأيام، فهو لا يزال يسيطر على المستهلكين خصوصًا في الأسواق الأقل تطورًا في المنطقة. 

يرى عبويني أنها فرصة لشركته التي تقدم خدمات بوابات المدفوعات وهي فرصة أيضًا للشركات العاملة في مجال التقنيات المالية بصورة عامة. في العام الماضي، شهد قطاع التقنيات المالية أكبر نشاط استثماري بإجمالي 106 صفقة تتعدى فيمتها 558 مليون دولار أمريكي. تجدر الإشارة إلى أن أغلب الشركات الناشئة العاملة في التقنيات المالية في المنطقة موجودة في الإمارات ومصر والسعودية مع سيطرة المدفوعات والإقراض ونقاط البيع (POS) على المشهد. 

"لقد طرأت الكثير من التغيرات، فعندما بدأنا نشاطنا، كانت البيئة الحاضنة في مجال المدفوعات على الإنترنت أو صناعة المدفوعات الرقمية بأكملها في (مراحل التطور) المبكرة." هذا ما قاله عبويني الذي يعتقد أن السوق السعودي يتميز بوجود أكبر الفرص في المنطقة.

تركز HyperPay على قطاع التعاملات فيما بين المؤسسات B2B وتقدم لعملائها ثلاثة منتجات علامة بيضاءWhite Label وتشمل: تقنيات بوابات المدفوعات، وإصدار الفواتير الإلكترونية، ومنصة تحليلات البيانات باستخدام الذكاء الصناعي. حصلت الشركة على تمويل بمبلغ مكون من 8 أرقام في عام 2019 ونقلت مقرها الرئيسي إلى مدينة الرياض في ذلك العام واستفادت استفادة كبيرة من انتشار الجائحة. 

في البداية، عندما انتشر فيروس كورونا في السعودية، اتخذت الحكومة تحركات سريعة بحظر استخدام الدفع عند الاستلام COD وبدأ تجار التجزئة في طلب أجهزة نقاط البيع (POS) لقبول الدفع ببطاقات الخصم والائتمان مما أدى إلى انخفاض هائل في المعاملات النقدية أو الكاش. نتج عن هذه الخطوة ظهور موجة من الشركات الناشئة الجديدة في مجال التقنيات المالية تعمل في قطاع المدفوعات الرقمية لتلبية احتياجات السوق على الإنترنت والسوق التقليدي. وفقًا لتقرير فنتك السعودية، تم تسجيل 82 شركة ناشئة عاملة في التقنيات المالية في المملكة في النصف الأول من عام 2021 مقارنةً ب 10 شركات فقط في 2018. 

يقول عبويني: "كان قرار رقمنة جميع المعاملات في السوق قرارًا شجاعًا". ويرى أيضًا أن الدافع وراء القرار لا ينحصر في انتشار الجائحة، بل يعود إلى رغبة الدولة في تبني أحدث التقنيات وممارسة مزيد من الرقابة على التحويلات المالية والمدفوعات في المملكة. 

ويضيف: "السعودية كانت مستعدة لتبني المدفوعات الرقمية وذلك بعد سنوات من العمل المضنى في بناء بنية تحتية رقمية سليمة، وهذا هو سبب فوزهم اليوم، فهم يسبقون الدول الأخرى في المنطقة بمراحل". 

بوابات المدفوعات هي أحد العناصر الأساسية في المدفوعات الرقمية، فهي التقنية التي تمكن البائعين من معالجة معاملات الزبائن المالية. وقد أصبح مجال بوابات المدفوعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر تنافسية مقارنةً بفترة بداية ظهور شركة HyperPay، فبعد دخول شركات فاعلة دولية مثل checkout.com وStripe وإطلاق خدماتهم في المنطقة أصبح مزيد من تجار التجزئة قادرين على قبول المدفوعات على الإنترنت. 

أما HyperPay فترى أن حجم السوق في المنطقة كبير ويتسع للمنافسة، خصوصًا في الأسواق حديثة النشأة مثل العراق والسودان حيث تسعى الشركة إلى إطلاق خدماتها هناك كجزء من خططها للتوسع الإقليمي. 

يقول عبويني: "(في فترة الجائحة) تحرك كل شيء إلى الإنترنت" ويقول إن HyperPay تمكنت من تسجيل 500 تاجر تجزئة جديد في أقل من 3 أسابيع بعد تطبيق الحظر. 

وقد ساهمت اللوائح الجديدة والبيئة التجريبية للتقنيات المالية التابعة لمؤسسة النقد العربي السعودي SAMA fintech sandbox والبنك المركزي في زيادة نمو قطاع التقنيات المالية في المملكة. 

"كل شيء تحكمه القوانين في المملكة العربية السعودية وهو ما يعطينا دفعة كبيرة في السوق، فالبنوك والتجار والمستخدم النهائي يثق في السوق ثقة كبيرة." 

عملت HyperPay بضع سنوات دون الحصول على ترخيص في السعودية، لكنها حصلت مؤخرًا على تصريح من المدفوعات السعودية Saudi Payments وهو برنامج جديد يمكن مقدمي خدمات المدفوعات الإلكترونية من الحصول على تصريح يسمح لهم بتفعيل خدمات Mada (برنامج مدفوعات مركزي يربط جميع ماكينات الصرف الآلي ونقاط البيع في جميع أنحاء الدولة)

يقول عبويني: "إن العمل تحت مظلة قانونية أفضل بكثير. إحدى النقاط الحرجة في التعامل مع بوابات المدفوعات هي ضرورة مشاركة العميل لتفاصيل بطاقته على الإنترنت مما قد يعرضه إلى عمليات الاحتيال، لذلك كان من الضروري الحصول على رخصة من المدفوعات السعودية Saudi Payments."  

التحديات

على الرغم من سرعة ازدهار قطاع التقنيات المالية، فإن القطاع لا يخلو من التحديات. وفقًا لتقرير فنتك السعودية، فإن إمكانية الوصول إلى أصحاب المهارات والبيئة التنظيمية والقدرة على اختبار المنتجات والخدمات هي أكبر 3 تحديات تواجه القطاع. 

أما عبويني فقد واجه بعض العقبات عند تأسيس شركته في السعودية ومنها: ارتفاع تكلفة تنفيذ الأعمال وارتفاع المنافسة في السوق بسبب وجود مئات الشركات التي تتنافس على ولاء 35 مليون شخص. 

ويضيف: "بخلاف الأردن، السوق في السعودية كبير إضافةً إلى وفرة النقود، لكن تنفيذ الأعمال أسهل في الأردن حيث يوجد سوق متعطش به الكثير من المجالات التي تحتاج إلى خدمات ثورية". 

من بين التحديات التي واجهت عبويني ندرة المهارات التقنية في السعودية مما جعله يعتمد على مهارات من الخارج لتنفيذ أعمال التشغيل اليومية وهو ما يمثل تكاليف إضافية. 

الخدمات المصرفية المفتوحة

ومع ذلك توجد فرص هائلة في السعودية؛ فالسكان في السعودية من أكثر السكان استخدامًا للتقنية في منطقة الشرق الأوسط، ويصل معدل استخدام الإنترنت إلى 97.9%. أما نسبة السكان ممن لديهم إمكانية الحصول على خدمات بنكية ومالية فقد وصلت إلى 72%. ووفقًا ل Ipsos، 59% من السعوديين يفضلون استخدام التطبيقات البنكية على الهواتف المحمولة. أما التسوق على الإنترنت فقد شهد طفرة في المملكة وارتفع من 8 مليار دولار في 2021 ومن المتوقع أن يصل إلى 13.3 مليار دولار بحلول 2025. تظهر الموجة الأولى من الابتكار في التقنيات المالية بالتزامن مع زيادة التجارة الإلكترونية، فمع زيادة عدد السعوديين ممن يتسوقون على الإنترنت سوف تزداد الحاجة إلى مزيد من الابتكار في طريقة الدفع على الإنترنت لشراء البضائع المطلوبة. 

يضيف عبويني: "الخدمات المصرفية المفتوحة هي الطفرة القادمة في المملكة بعد البلوك تشين والعملات المشفرة." ويتوقع أن تتيح فرص "هائلة" وتغير من مشهد المدفوعات في السعودية، ويؤكد أن هذه التقنية ينبغي التعامل معها بسن قوانين حاسمة لحماية خصوصية العملاء.   

سوف يعتمد مسار هذه الابتكارات الجديدة على الجهات التنظيمية وما إذا كانت ستفتح الأبواب في المجال المالي أمام هذه المستويات من الخدمات الثورية. حتى الآن يبدو أن مؤسسة النقد العربي السعودي SAMA لديها استعداد لقبول الابتكارات، ومن المتوقع أن تدخل سياسة الخدمات البنكية المفتوحة حيز التنفيذ العام القادم والتي ترخص لأطراف خارجية من المطورين الوصول إلى البيانات المالية للعملاء في البنوك، مما يتيح للقطاع المالي فرصة تقديم خدمات جديدة مثل البنوك الرقمية.  

يقول عبويني: "سوف تشهدون موجة من الشركات الناشئة الجديدة في السوق، جميعها تستهدف الخدمات البنكية المفتوحة".

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.