English

نواة العلمية: تمحور طريقها إلى التوسع

English

نواة العلمية: تمحور طريقها إلى التوسع
عُمر صقر، مؤسس شركة نواة العلمية

تمر الشركات الناشئة بعدة تغيرات في سنوات التشغيل القليلة الأولى إلى جانب الصعوبات التي يواجها المؤسسون للتحقق من مدى ملاءمة المنتج للسوق بسبب الظروف الاقتصادية المتغيرة باستمرار وما تفرضه من تحديات، وشركة نواة العلمية أحدث مثال على ذلك، وهي شركة مصرية ناشئة في مجال علوم الحياة، مرت استراتيجية أعمالها بحالات متكررة من التعافي والتمحور. 

تأسست نواة في 2015 على يد عُمر صقر، وبدأت نشاطها بصفتها مختبرًا للعلوم الفيزيائية تابع للقطاع الخاص يهدف إلى مساعدة العلماء على سهولة الوصول إلى المعدات وتنفيذ أعمال البحث في مجال علوم الحياة والمجالات الأخرى ذات الصلة، وبالنظر إلى نقص الفرص في مجال الأبحاث العلمية، سرعان ما بدأت الشركة الناشئة في جذب خريجي المجالات العلمية وتأهيلهم مما ساعد على تضييق الفجوة بين التعليم والتوظيف لمئات من العلماء ذوي الخبرة والمهنيين الشباب. 

بعد مرور سنتين على إطلاق أعمالها، قرر صقر تطوير شركته الناشئة وتحويلها إلى مختبر قائم بالكامل على التقنية السحابية ليتمكن من تقديم خدماته في جميع أنحاء الدولة وجذب عملاء من الأسواق الإقليمية أيضًا، وبعد ذلك، تحول تركيز الشركة إلى قطاع التعاملات فيما بين المؤسسات B2B واستهدفت قطاع الأدوية، والأغذية والمشروبات، والزراعة، وتمثل هذه القطاعات الآن 80% من إيراداتها، وبحسب ما ذكرته الشركة، فقد عالجت أكثر من 300 ألف عينة حتى الآن. 

يقول صقر: "على مدار رحلتنا التي قاربت سبع سنوات، تمكنا من مواكبة عديد من التغيرات، كان آخرها التركيز على قطاع الصناعات، وأدركنا أن الناس قد أصبحوا أكثر حساسية تجاه الأسعار، مع إعطاء أولوية أكبر للوفاء بضرورات الحياة اليومية، والحقيقة هي أن البحث العلمي ليس ضمن هذه الأولويات؛ لذلك قررنا الدخول إلى الصناعات التي تعتمد على البحث والتطوير المستمر والتحليل الروتيني مثل الأدوية". 

خطط التوسع

المنصة القائمة على التقنية السحابية التي أسستها نواة تسمح للعملاء طلب تحليل عينة عبر الإنترنت من أي مكان، وهو ما مكَّن الشركة من جذب العملاء من أسواق خارج مصر، ففي البداية توسعت الشركة في الأردن العام الماضي، ثم السعودية هذا العام، لكن قائمة أسواقها المستهدفة تتغير باستمرار لتتواكب مع أولويات العمل. 

ويوضح صقر: "أما أغلب الشركات الناشئة المحلية التي تسعى إلى بسط أجنحتها، فإن دول الخليج هي الخيار البديهي لها، وقد تحول تركيزنا إلى إفريقيا إذ تتشابه ديناميكية السوق مع السوق في مصر، لذلك أصبحت استراتيجية التوسع التي نتبعها أكثر توجهًا نحو إفريقيا بدلًا من التوجه نحو الشرق الأوسط، وبعد الأردن والمملكة العربية السعودية، ستكون نيجيريا هي وجهتنا التالية". 

ترى نواة أن دولة الأردن كانت منصة الاختبار المُثلى لمنتجات الشركة خارج السوق المحلية دون الحاجة إلى إنفاق مبالغ نقدية كبيرة، إلى جانب توفير فرصة للتطوير والنمو، خصوصًا في مجال الأدوية، لكن السوق السعودية حيث تخطط نواة بناء "مختبر ضخم" تمتاز بقوة شرائية كبيرة ذات قيمة نقدية أعلى، وتجدر الإشارة إلى أن ما يميز الشركة في المملكة العربية السعودية هو تقديم خدمات ذات جودة عالية بأسعار أقل بكثير مقارنةً بالمنافسين العالميين. 

ويقول صقر: "تمكنت الأردن دومًا من الحفاظ على هيمنتها في مجال إنتاج الأدوية وتوزيعها، وهي تلبي احتياجات الدول المجاورة في العراق ودول الشام من حيث الإنتاج، ووجودنا في الأردن سيساعدنا على اكتساب مزيد من الخبرة وتحسين مدى ملاءمة المنتج للسوق، وفي الوقت نفسه، تمتلك السعودية الآن أكبر سوق في منطقة الخليج في مجال البحوث العلمية وتستضيف مراكز البحوث العلمية، وقد تعاملنا مع عملاء سعوديين على مدى سنوات، لكن هذه المرة نخطط لبناء مختبر يخدم الجامعات وقطاع الشركات".  

هذه الخطط التوسعية هي جزء من استراتيجية أكبر للشركة الناشئة لتتمكن من التخارج بحلول عام 2027. 

الحصول على تمويل

وكما هو الحال في الشركات الناشئة الأخرى في مصر، تواجه نواة مجموعة فريدة من القيود المستمرة على الاستيراد وتخفيض قيمة العملة وانخفاض القوة الشرائية، ومن أجل مواكبة كل ذلك، رفعت الشركة أسعارها في الربع الأخير بنسبة 25%. 

وعلى الرغم من ذلك، فإن قلة اهتمام المستثمرين نسبيًّا بمجال البحوث العلمية لا يزال أكبر تحدٍ يواجه الشركة حتى الآن، مما دفعها إلى البحث عن مستثمرين في الخارج، وحصلت نواة حتى الآن على تمويل بقيمة 3 مليون دولار في تسع صفقات، وهي الآن في سبيلها إلى إتمام جولة من السلسلة "أ". 

يقول صقر: "تعتمد أعمالنا اعتمادًا رئيسيًّا على قِطع الغيار المستوردة مما وضعنا تحت كثير من الضغوط في أثناء محاولاتنا للاستمرار، فأنت تجد نفسك عالقًا بين خيارين، إما التأقلم مع الواقع الاقتصادي الجديد، وإما تخفيض التكاليف لتتمكن من الاستمرار، لكن يظل الحصول على التمويل هو التحدي الأكبر". 

ويضيف: "يبدو أن المستثمرين في المنطقة أقل اهتمامًا بالنماذج غير التقليدية مثل نموذج شركتنا بسبب صعوبة تقييم مؤشرات الأداء الرئيسية KPIs، فيختارون دعم نماذج الأعمال التي اعتادوها، وهم على دراية بتفاصيلها. لقد كان بإمكاننا التوسع جغرافيًّا بوتيرة أسرع بكثير من ذلك لو استطعنا الحصول على تمويل أكبر، لكننا استطعنا التوسع بسرعة في الحفاظ على معدلات النمو السنوية وتحقيق ربحية". 

لا شك أن قلة التمويل قد ألقت بظلالها على نواة والشركات المماثلة، لكن صقر يتوقع ارتفاعًا في النشاط بسبب عودة كثير من العلماء المهاجرين إلى بلادهم من الخارج إما لأسباب عائلية وإما لفقدان وظائفهم في فترة الجائحة. 

ويقول: "هذا الاتجاه من المرجح أن يشكل قطاع علوم الحياة في المنطقة، فأغلب هؤلاء العلماء العائدين سيسعون لبناء مشروعاتهم الخاصة لتحقيق طموحاتهم المهنية، وأرى أن المملكة العربية السعودية ستكون دولة رائدة في هذه الجبهة بفضل برنامج التسريع التابع لجامعة الملك عبد الله للعلوم، وصندوق وادي الدمام والبرامج المماثلة التي تركز على دعم المشروعات في مجال التكنولوجيا الحيوية". 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.