English

بعد عام مضى مليء بالتحديات.. رواد الأعمال العرب يستقبلون 2024 بطموحات وآمال مشرقة

بعد عام مضى مليء بالتحديات.. رواد الأعمال العرب يستقبلون 2024 بطموحات وآمال مشرقة

يستعد رواد الأعمال العرب لاستقبال العام الجديد 2024 بنفوس مليئة بالأمال والطموحات لتعوض عليهم بعض التحديات التي واجهت عددًا منهم، وربما العديد خلال العام الماضي 2023، حتى إنها قد أنهكت بعضهم وقرروا الانسحاب من مشهد ريادة الأعمال، فلم تنتهي تبعات الأزمة الاقتصادية التي سببتها جائحة "كورونا" حتى دخلت الأزمة العالمية التي تسببت بها الحرب الروسية الأوكرانية ولم يكاد يفيق رواد الأعمال من تبعاتها التي مازالت مستمرة حتى حدثت الحرب بين إسرائيل وحماس، والتي هددت مصالح العديد من الشركات الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط، وكبدت البعض منهم خسائر كبيرة، إلا أنه على الرغم من تلك العقبات التي كانت خارجة عن إرادتهم لم يفقد البعض منهم الأمل والإصرار على تجاوز المحن والإقبال على العام الجديد بخطط استثمارية تساهم في توسيع نطاق أعمالهم، واستقطاب مزيد من الكفاءات لشركاتهم الناشئة، وحصد المزيد من الجولات التمويلية ليتمكنوا من مواصلة النمو والعمل.

نظرة على عام 2023

شهد عام 2023 - الذي سيصبح خلال أيام قليلة للغاية عام سابق - عدد من الأزمات الاقتصادية نتيجة صراعات وحروب إقليمية ودولية، لذلك اتسم المشهد بعدم اليقين في الاقتصاد العالمي، مع تحديات ملحة بما في ذلك ارتفاع التضخم الأساسي، والنمو البطيء لعدد من الاقتصاديات الكبرى وكذلك الناشئة، وأزمات في سلاسل التوريد العالمية، مما نتج عن ذلك ارتفاع للأسعار، أدى لضعف القوة الشرائية، وزيادة معدل الفقر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (على أساس خط الفقر البالغ 3.65 دولارات) خلال العقد الماضي، من نحو 12.3% في عام 2010 إلى 18.1% في عام 2023، وهو ما أثر بالسلب على نشاط الشركات الناشئة بالمنطقة، والتي تعتمد في معظم عملياتها على المستهلك صاحب القوة الشرائية المتوسطة، وتستهدف اجتذاب الشريحة الكبرى من سكان المنطقة الذين تأثرت دخولهم بالسلب خلال عام 2023 بسبب الأحداث الملتهبة التي شهدتها المنطقة.

يقول "أمين التاجر"، الرئيس التنفيذي لشركة انفينيت وير، البحرينية، للذكاء الاصطناعي: "فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي وما يتصل به من أنشطة، السوق غير مفهوم، فضلاً عن أن ذلك القطاع يواجه تحديات ثقافية وتوعوية، فهناك البعض للأسف لم يسمع عن تلك التقنيات المتطورة ولا يعرف التعامل معها أو حتى استخدامها، وهناك أيضاً قلة للمواهب بذلك المجال في المنطقة".

على الرغم من تلك التحديات الاقتصادية ازدهرت عدد من القطاعات بالمنطقة، وبحسب إحصائيات "ومضة" لحجم الاستثمارات ونوعيتها في المنطقة خلال عام 2023، وجدنا أن حجم الاستثمارت في قطاع مثل التقنية المالية قد وصل إلى أكثر من  مليار و مئة مليون دولار خلال العام الذي قارب على الانتهاء، أما قطاع التطبيقات الفائقة فقد حصد أكثر من 500 مليون دولار، وقطاع الخدمات اللوجستية جمع أكثر من 77 مليون دولار، وتكنولوجيا الغذاء أكثر من 218 مليون دولار خلال ذات الوقت، والتجارة الإلكترونية ما يزيد عن 191 مليون دولار، وتربعت الشركات الناشئة الإماراتية على رأس قائمة الأكثر حصدًا للتمويلات خلال 2023، بقيمة زادت عن مليار و مئة مليون دولار، ثم جاءت السعودية بما يزيد عن 900 مليون دولار، ليتنافس اللاعبين الإقليميينعلى جذب معظم التمويلات، ثم تأتي مصر بقيمة أكثر من 500 مليون دولار من التمويلات.

 من جانبه يوضح "عمار الشامي"، مؤسس منصة فريسكو، الأردنية، لتجارة المحاصيل الزراعية، أنه في القطاع الزراعي بالكاد نجد أي صندوق تنموي يركز على المشاريع الريادية الزراعية ذات الحوكمة العمالية في منطقتنا العربية، أيضًا المشاريع التنموية تتطلب رأس مال عالي، بالإضافة إلى غياب المستثمرين الأفراد نتيجة التغيرات العالمية، كما أن رأس المال مغامر لا يرتكز في قراره على الأثر التنموي للمشاريع الريادية فمثلًا المشاريع الزراعية تعتمد على سلاسل الإمداد والمزارعين والتجزئة وتكامل تلك العناصر، فمن الصعوبة تحقيق تنمية بالزراعة بالارتكاز على العالم الافتراضي بدون العناصر المكملة، كما أن الأهداف التنموية كالأمن الغذائي لا يمكن أن تتحقق بدون تكامل جميع عناصر سلاسل الإمداد في العملية التنموية التي يكون لها أبعاد اجتماعية وبيئية واقتصادية.

أما "غلا القثامي"، من مؤسسي شركةAeroCrops، السعودية المتخصصة في التكنولوجيا الزراعية، تقول: "العقبات التي نواجهها ليست بسيطة، فقد واجهنا في عام 2023 أصعب تحدي وهو تغيير مفهوم العميل عن التقنيات الزراعية، حيث أن أغلب العملاء الذين تحدثنا معهم كانوا يقاومون فكرة التغير، ويعتقدون أن التقنيات الزراعية تضر بجودة المحصول أو إنها مكلفة جدًا، مع العلم بأن التقنيات الحديثة عكس ذلك تمامًا، حيث تعتبر في متناول أصحاب المزارع المتوسطة إلى الصغيرة".

خطط 2024

قد تأتي خطط العام الجديد لدي بعض رواد الأعمال من التحديات التي واجهتهم خلال العام الماضي، حيث يوضح "أمين التاجر" أنه خلال العام الجديد ستوظف شركته الناشئة مزيد من الكفاءات والخبرات في اللغة العربية، بهدف تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، كذلك التوسع في السعودية، بالإضافة لوجودهم الحالي في الإمارات والبحرين وقطر، كذلك سيعملون على تحسين تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تعمل باللغة العربية، مع تطوير منتجاتنا تناسب العملاء.

 من جانبه يتمنى "عمار الشامي" خلال العام القادم أن تتحول اهتمامات الصناديق من تحقيق الربح السريع إلى تحقيق التنمية المستدامة، فمثلًا يركز رأس المال المغامر على المشاريع الريادية التي ترتكز على التقنية والتشبيك بين المشترين والبائعين وعلى الربحية، وإستثناء المشاريع التي تتطلب تنمية مثل الزراعة والبيئة.

يشير أيضا إلى أنهم يقومون حاليا بترخيص شركة توصيل خاصة بالزراعة وعمل franchise خاص بتسويق المنتجات الزراعية تعمل على استقطاب محلات الخضروات الصغيرة وربطها معًا تحت منظومة واحدة، بالتوازي مع تطوير بوابة تجارية تمثل سوق الحسبة ليتم ربط شركات التجزئة والمنظومة المالية والتوزيع بها.

تتمنى "غلا القثامي" أن ترى حركة سريعة وتغيير في مشهد ريادة الأعمال, وتحصل شركتها الناشئة على دعم من القطاع الحكومي أو على الأقل يكونوا تحت مظلتهم، بحيث أن العميل تزداد ثقته في شركتهم الناشئة. –بحسب تعبيرها -

تخطي عقبات 2024

أوصى صندوق النقد الدولي في تقريره "إصلاح شامل لاقتصادات العالم العربي"، دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا – والتي تضم بعضها أغنى بلدان العالم مثل قطر والإمارات العربية المتحدة والسعودية - وبعض أفقر البلدان - الصومال والسودان واليمن - بإلغاء الإعفاءات غير الفعالة وتعزيز العدالة الضريبية، والحد من الإنفاق على الدعم غير الموجه، والسيطرة على فاتورة أجور القطاع العام، حيث أن مثل تلك النفقات وصفها الصندوق بـ "الجمود" لأنها تقيد قدرة الحكومات على الاستجابة للصدمات أو تمويل التعليم والرعاية الصحية والحماية الاجتماعية.

نصح الصندوق دول المنطقة بأن يمسك القطاع الخاص عجلة القيادة لزيادة النشاط الاقتصادي، بدعم من قطاع عام قوي وعلى درجة عالية من الكفاءة، وفي المقابل، رأى الصندوق أن دور الحكومات سيعمل على  إنشاء المؤسسات وتصحيح إخفاقات السوق وتوفير السلع العامة وهو ما يُشكل عاملاً رئيسياً، مع الاهتمام بإصلاح التعليم لضمان إدخال القوى العاملة في القطاع الرسمي، حيث يساهم ذلك في تأمين دخل مناسب للمواطنين وسهولة حصولهم على مختلف أنواع الحماية الاجتماعية، فضلًا عن تطوير مهاراتهم التي تمكنهم من الالتحاق بالقطاع الخاص، بالإضافة لتعزيز دخول المرأة بشكل أكثر قوة لسوق العمل.

يأتي النجاح بعض الأحيان من خلال السير في الطريق المزروع بالتحديات، فكلما زادت خبرة رائد الأعمال واجتيازه للعقبات حصد خبرات ومهارات بصورة أكبر، وهو ما سيساعده على العبور بشركته الناشئة لبر الأمان، كان عام 2023 مثل غيره من الأعوام رأينا فيه قصص نجاح وأخرى لم يكتب لها الاستمرار ولكن... الأكيد في الأمر أن رواد الأعمال بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يحتاجون لمظلة إقليمية مناسبة تكون ملجأ وسند لهم وقت الأزمات الضارية، وربما يكون قد حان الوقت لتقديم مزيد من التسهيلات للشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة التي تكافح لتبقى وتؤمن مصدر دخل آدمي للعاملين بها، فضلًا عن أنها قد تقدم خدمات بأسعار تناسب فئات كثيرة من المواطنين منخفضي الدخل، لذلك فإن بقائها وتنميتها ومساعدتها على التوسع خلال السنة الجديدة أصبح ضرورة مُلحة لا غنى عنها، وربما يكون عام 2024 هو الوقت المناسب لنطلق عليه "عام النهوض بالشركات الناشئة".

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.