English

شركات الشرق الأوسط الناشئة تجمع 127 مليون دولار في مارس 2025، ليرتفع إجمالي تمويل الربع الأول إلى 1.5 مليار دولار

English

شركات الشرق الأوسط الناشئة تجمع 127 مليون دولار في مارس 2025، ليرتفع إجمالي تمويل الربع الأول إلى 1.5 مليار دولار

شهدت منظومة الشركات الناشئة في المنطقة تراجعًا حادًا في الاستثمارات خلال مارس، حيث انخفض التمويل بنسبة 76% ليسجل 127.5 مليون دولار عبر 28 صفقة، مقارنةً بـ 530 مليون دولار في فبراير، حتى بعد استثناء التمويل بالدين في كلا الشهرين.

ألحقت الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة على شركائها التجاريين حول العالم أضرارًا كبيرة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما تسبب في خسائر اقتصادية جسيمة لعدد من الدول المحورية مثل مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات. وأسفر اضطراب الاقتصاد العالمي عن تراجع بنسبة 50% في كل من قيمة وعدد الاستثمارات على أساس سنوي.

الإمارات العربية المتحدة تعود إلى الصدارة مجدداً

عاد قطاع الشركات الناشئة في الإمارات العربية المتحدة إلى مقدّمة مشهد التمويل الإقليمي، بعدما جمع 104.4 مليون دولار أمريكي عبر 14 صفقة، مما يجعلها المنظومة الأكثر تمويلاً في المنطقة.

ورغم الأداء الهادئ نسبيًا لسوق الشركات الناشئة في مصر خلال الشهر الماضي، فقد تمكّنت من احتلال المركز الثاني من حيث إجمالي التمويل، وهو ما يُعد إنجازًا لافتًا. إذ جمعت أربع شركات ناشئة مصرية تمويلاً بقيمة 11.6 مليون دولار أمريكي، متفوقة بذلك على السعودية التي حلّت في المركز الثالث، بعدما جمعت خمس شركات ناشئة سعودية استثمارات إجمالية بلغت 8 ملايين دولار.

تصدّر قطاع التكنولوجيا المالية (Fintech) مشهد التمويل، مستحوذًا على 82.5 مليون دولار عبر 10 صفقات. وتلاه بفارق كبير قطاع التكنولوجيا الصحية (Healthtech) الذي جذب استثمارات بقيمة 16 مليون دولار من خلال صفقتين، فيما حصل قطاع الذكاء الاصطناعي على 14 مليون دولار عبر أربع شركات ناشئة.

اللافت أن الشركات الناشئة التي تقدم خدمات البرمجيات السحابية (SaaS) اختفت من اهتمام المستثمرين للشهر الثاني على التوالي، بعدما فقدت الزخم الذي حققته العام الماضي.

في الشهر الماضي، جمعت الشركات الناشئة في مراحل النمو المتقدمة تمويلًا بقيمة 46 مليون دولار أمريكي، بما يعادل 36% من إجمالي الاستثمارات، وذلك من خلال ثلاث شركات حصلت على تمويل ضمن الجولة من الفئة (ب) (Series B). أما الشركات الناشئة في مراحل النمو المبكرة (من ما قبل التأسيس إلى الجولة من السلسلة أ Series A)، فقد استحوذت على الحصة الأكبر من التمويل، إذ جمعت 58 مليون دولار، بما يمثل 70% من إجمالي الاستثمارات. في المقابل، سجّل التمويل بالدين تراجعًا حادًا، إذ لم يشكّل سوى 12.5% من إجمالي التمويل الذي تم جمعه في مارس.

يكشف مشهد الاستثمار في الشركات الناشئة عن ميل واضح نحو الشركات التي تعتمد نموذج الأعمال بين الشركات (B2B)، والتي جمعت ما مجموعه 97 مليون دولار أمريكي عبر 16 شركة ناشئة. في المقابل، تخلف قطاع الأعمال الموجهة إلى المستهلكين (B2C) بشكل ملحوظ، حيث لم ينجح سوى في تأمين 24 مليون دولار من خلال ست صفقات فقط، فيما ذهب الجزء المتبقي من رأس المال الاستثماري إلى الشركات التي تعتمد نموذجًا مزدوجًا يجمع بين  B2B و B2C.

أما على صعيد المساواة بين الجنسين في تمويل ريادة الأعمال، فقد شهد الشهر الماضي انتكاسة لافتة، إذ لم تحظَ أي من رائدات الأعمال بفرص تمويل، ولم يحصلن على أي استثمار يُذكر. في المقابل، حصل المؤسسون الذكور على تمويل بقيمة 113 مليون دولار، في حين ذهب الجزء المتبقي إلى شركات ناشئة شارك في تأسيسها رجال ونساء معًا.

ما الذي يمكن استنتاجه بشأن أداء الشركات الناشئة بناءً على نتائج الربع الأول؟

رغم التباطؤ العام في نشاط منظومة الشركات الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أظهر الربع الأول من عام 2025 نموًا ملحوظًا في تمويل رأس المال الجريء مقارنة بالربع السابق. فقد جمعت الشركات الناشئة في المنطقة تمويلات بلغت 1.5 مليار دولار أمريكي، بزيادة كبيرة نسبتها 244% مقارنةً بالمبلغ الذي جُمع خلال نفس الفترة من العام الماضي، والذي بلغ 442 مليون دولار فقط.

وحتى بعد استبعاد التمويل بالدين من إجمالي المبالغ التي جُمعت في الربع الأول من 2025، يبقى النمو كبيرًا بنسبة 44%، وهو ما يُعد مؤشرًا إيجابيًا على متانة واستدامة منظومة الشركات الناشئة في المنطقة على المدى الطويل.

التكنولوجيا المالية تتصدر المشهد من جديد

جمعت 36 شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية أكثر من مليار دولار من الاستثمارات خلال الربع الأول، ما يؤكد استمرار جاذبية هذا القطاع للمستثمرين منذ عام 2021، وترسيخه كأبرز القطاعات على الإطلاق. وقد شهدت التكنولوجيا المالية توسعًا إقليميًا، مع التوجه نحو مجالات جديدة غير مستغلة مثل العملات المشفرة والأصول الافتراضية. ولا توجد مؤشرات على أن هذه الجاذبية ستتراجع في المستقبل القريب.

ماذا نتوقّع في الربع الثاني؟

بينما تواصل الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التنقل في مشهد اقتصادي عالمي يشهد تحوّلات متسارعة، بفعل التوترات الجيوسياسية وظهور تحالفات تجارية جديدة، سيحتاج الربع المقبل إلى قدر أكبر من المرونة والقدرة على التكيّف، سواء من جانب الشركات أو المستثمرين. فاحتمالية إعادة دمج النفط الخاضع للعقوبات في الأسواق العالمية، وتوجّه الصين نحو شركاء تجاريين جدد، ليست أحداثًا معزولة، بل مؤشرات على إعادة ترتيب أوسع في خريطة الاقتصاد العالمي. وتُعد قطاعات مثل الخدمات اللوجستية والتنقّل والتجارة الإلكترونية من أكثر القطاعات عرضة لتأثير هذه التحوّلات، نظرًا لحساسيتها تجاه تغيّر مسارات التجارة وسلاسل التوريد وأسعار الوقود.

من المرجّح أن يتأنّى المستثمرون ويعيدوا تقييم خياراتهم، مفضّلين الرهانات الأكثر أمانًا، مع التركيز على الشركات الناشئة في مراحلها المتقدّمة التي أثبتت قدرتها على الصمود أمام التقلبات. في المقابل، قد تواجه الشركات الناشئة في مراحلها المبكرة بيئةً أكثر تحدّيًا في ظلّ تزايد الميل إلى تجنّب المخاطر. ومع ذلك، تُولد الفرص من قلب الأزمات؛ فالشركات التي تنجح في التكيّف السريع ومواءمة استراتيجياتها مع الواقع الاقتصادي العالمي الجديد قد تُصبح من أبرز الفاعلين في السوق المتحوّل.

تصدر هذه التقارير الشهرية بالتعاون بين ومضة والموجز الرقمي.

*تنويه: تم تعديل أرقام الاستثمارات لشهر فبراير لتعكس التحديثات المستمرة للبيانات وضم الصفقات التي لم يتم الإبلاغ عنها سابقًا.

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.