English

ثورة الروبوت تصل إلى الشرق الأوسط

English

ثورة الروبوت تصل إلى الشرق الأوسط

لسوء الحظّ أنّ "ذا ترمينايتور"The Terminator  هو الروبوت الوحيد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حاليّاً.

في المنطقة، قليلةٌ هي القطاعات التي تَستخدِم روبوتاتٍ متقدّمةً في عمليّاتها، ولا يزال الذكاء الاصطناعي ألعوبةً بيد المختبرات والجامعات أكثر ممّا هو تكنولوجيا مفيدة ومستخدَمة سواء في العمل أو على الصعيد الشخصي. ويعود ذلك، وفقًا لمؤسِّس "إي جي روبوتيكس" EG Robotics، محمود عبد العزيز، إلى وجود ردّ فعلٍ سلبيّ تجاه مكنَنة الوظائف التي تتطلّب القليل من المهارات، وعدم انتشار الروبوتات في العالم بشكلٍ واسع بقدر ما يعتقد الجميع.

وعلى الرغم من أنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي الوحيدة من العالم التي لا تشملها إحصاءات الاتّحاد الدولي للروبوتات IFR، فإنّ المبيعات العالمية العام الماضي التي سجّلت رقماً قياسياً لم تتجاوز 225 ألف روبوت صناعي و21 ألف روبوت شخصي.

الروبوتات الصناعية في مصنع للسيارات (الصورة من Ennmotive)

والآن يحاول بعض الأشخاص، كعبد العزيز مثلاً، ايجاد حلولٍ لهذه المسائل في المنطقة من خلال التثقيف والتوعية. ويكمن السرّ هنا في تصوير كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يزيد الصناعات المستقبلية بدلاً من أن يُضعفها ويزيد في احتضان مدراء ومصمِّمي روبوتات المستقبل.

ولكنّ هذه الثقافة لا تزال تحتاج إلى بعض الوقت. فبعد حادثة الوفاة المأساوية التي تعرّض لها عاملٌ يبلغ من العمر 21 عاماً في مصنعٍ للسيارات في ألمانيا الأسبوع الماضي، ثارَت وسائل الإعلام حول ما سمّته "الروبوتات القاتلة" فأجبرت الرأي العام على إعادة التفكير في كيفية استخدام الآلات الذكية اصطناعياً في المستقبل.

أمّا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث ترتفع معدّلات البطالة وحيث يكثر الاعتماد في بعض الدول على الوظائف التي لا تتطلّب الكثير من المهارات، تكمن المشكلة الأساسية في كيفية دمج الروبوتات في أماكن العمل وكيفية تعليم الأطفال الاستفادة منها.

تنمية مهارات صانعي الروبوتات المستقبليين في المنطقة

في الواقع، سبق أن بدأ الحديث عن هذا الموضوع. فقد لاقَت الروبوتات فَيضاً من الدعم على مرّ العام الماضي، إذ وضعَت مؤسَّساتٌ كثيرةٌ يقودها روّاد أعمال وباحثون وشيوخٌ من أصحاب المليارات، أسُساً لتنمية هذا القطاع في منطقة الشرق الأوسط.

والعام الماضي أيضاً، أطلق عبد العزيز مؤسَّسته الاجتماعية الناشئة "إي جي روبوتيكس". ويقول في حديثٍ مع "ومضة" إنّ "الموارد البشرية لا تزال أساساً (تشكّل النسبة الأكبر من العاملين) في العملية الصناعية، بسبب كمّيتها الكبيرة والثقافة الرافضة للتكنولوجيات الجديدة التي قد تحلّ مكان الإنسان، ناهيك عن الافتقار إلى موارد بشرية تستطيع استخدام الربوتات وإدارتها."

ويضيف أنّ للمؤسَّسة خطّةً لتعريف طلّاب المدارس والجامعات بمنحى العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، وتطوير مساحات للعمل المشترك والمسابقات، فتنمو بذلك المواهب الضرورية لإدارة أنظمة الذكاء الاصطناعي.

وتعمل "إي جي روبوتيكس" مع قسم "هندسة الأتمتة الصناعية والتحكّم الآلي" في معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات IEEE Robotics and Automation Society في فرعه المصريّ. وقد أطلقَت هذه المؤسَّسة للتوّ خارطةً تفاعلية تستند إلى المَصادر الجماعية crowdsourcing وتُظهِر مواقع الشركات الناشئة ومراكز التعليم والبحوث التي تُعنى بالروبوتات، على أمل أن تشمل الخارطة المنطقة بأسرها في النهاية.

جزءٌ من خريطة معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات (الصورة من قسم "هندسة الأتمتة الصناعية والتحكّم الآلي" في المعهد)

وعلى الرغم من العدد الكبير المفاجئ لمراكز البحوث والشركات الناشئة التي تستخدم الروبوتات في مصر، يقول عبد العزيز إنّ هذا القطاع لا يزال ضعيفاً في مصر، في حين أنّ دول الخليج تشكّل ملعبه الأساسي.

في شهر كانون الأوّل/ديسمبر، استغلّت شركة "جوجل" Google نفوذها الكبير لإطلاق مختبرها الجديد للإبداع Innovation Lab في أبو ظبي، وهو مخصَّصٌ لدعم تعليم الروبوتات للأطفال وصولاً إلى طلّاب الدراسات العليا في الجامعات. كما تديره شركةُ "أديو تِك" EduTech، وهي شركة خاصّة توفّر منحى تعليم "العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات" STEM للأطفال وتولي الروبوتات اهتماماً منذ فترة طويلة. وكان هذا المختبرَ قد أطلق "الأولمبياد الوطني للروبوت" National Robotics Olympiad، في مدارس الإمارات العربية المتّحدة في عام 2006.

طلّاب "إنوفايشن لاب" يختبرون نماذجهم. (الصورة من جمعية "البيت متوحّد")

وفي شهر حزيران/يونيو، بدأت المسابقة الأولى لـ"جائزة الإمارات للروبوت والذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان" UAE AI & Robotics Award for Good في دبي بقبول طلبات المشاركة، مقدِّمةً جوائز بحوالي 300 ألف دولار أميركي للفائز المحلّي ومليون دولار أميركي للمشارك الأجنبي الأفضل. وجاءت هذه المسابقة بالاستناد إلى نجاح مسابقة "الطائرات بدون طيار لخدمة الإنسان" Drones for Good التي بدأت في العام 2014.

وبدورها، أطلقَت "جنرال إلكتريك" GE، بالتعاون مع "ومضة"، ورشةَ عملٍ في أبوظبي امتدَّت لأربعة أيّامٍ، لفريقٍ تألّف من عشرة فتياتٍ تتراوح أعمارهنّ بين 11 و13 عاماً بهدف بناء روبوت من الصفر.

ويقول الدكتور إيرول ساهين، مؤسِّس "مختبر كوفان للبحوث"KOVAN Research Laboratory في جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة، إنّ تركيا لا تزال الرائدة في المنطقة بفضل روبوت "53 دي أو إف أي كاب" 53-DOF iCub. ويضيف أنّ "هذا الروبوت قد يكون الأكثر تعقيداً في منطقة الشرق الأوسط."

أمّا في أماكن أخرى، فتتركّز دراسات الباحثين، كالدكتور خالد الوحيدي في المعهد البترولي في أبوظبي، على الربوتات القادرة على تولّي المعاينات الطارئة والروتينية في مصافي النفط والغاز. وعن هذا الأمر يقول لـ"ومضة": "نحن نسعى إلى استبدال الموظّف المسؤول عن عمليات المعاينة الروتينية، كما والمعاينات الطارئة عندما يتمّ رصد تسرّبٍ مثلًا."

أين هم رواد الأعمال؟

بسبب طبيعة الروبوتات التي لا تزال وليدةً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعني أنّ المنافسة صغيرةٌ أمام روّاد الأعمال.

وفي الوقت الحاليّ، تعمل مجموعةٌ صغيرةٌ من الشركات الدولية الكبرى ومنها "إيه بي بي روبوتيكس" ABB Robotics و"كوكا" KUKA على تلبية الاحتياجات الصناعية في المنطقة على نطاقٍ أوسع.

أمّا معظم الشركات الناشئة فتضمّ مؤسَّساتٍ تعليميةً ومنها "إي جي روبوتيكس" و"كورد" Cord (التي تكلّمنا عن برنامجها "روبوت فايتس" Robot Fights على "ومضة" مؤخّراً)، و"جانك بوت" JunkBot التي انبثقَت من حاضنة الأعمال "تورن 8" Turn8 التابعة لـ"موانئ دبي العالمية" DP World والتي تبيع مستلزمات بناء الروبوتات للأطفال في الإمارات العربية المتّحدة.


روبوت "ريم" ذو القدمَين (الصورة من "بي إيه آل روبوتيكس")

من جهتها، تُعتبر "بي إيه آل روبوتيكس" PAL Robotics التي تأسَّسَت عام 2004، واحدةً من الشركات القليلة التي تصنع روبوتات شبيهة بالإنسانhumanoid bots بآلات "ريم" REEM ثنائية الأقدام. ومن جهةٍ ثانية، فإنّ شركة "سيد روبوتيكس"Seed Robotics التي تأسَّسَت في شهر أيار/مايو، أطلقَت حديثاً في دبي روبوتاً مصمَّماً على أساس تقنية التواجد عن بعد telepresence، إذ تقوم شاشةُ فيديو تعلو بضعة أقدامٍ عن الأرض بالتنقل من دون الحاجة إلى وصلها بأسلاك. 

في وقتٍ لم تخرج فيه الروبوتات من المختبر حتّى الآن، وبدأ يظهر فيه روّاد الأعمال المستقبليون، يبدو أنّ هناك مجالاً كبيراً لجلب المنتَجات التعليمية والتدريبية مثل منحى العلم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات STEM، والروبوتات الشخصية والصناعية، إلى المنطقة. لذا، لا تشيحوا ناظرَيكم عن هذا المجال.

أو كما يقول الـ"ترمينايتور"، "سوف أعود."

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.