هل يصبح للمبرمجين مدرسة متخصصة في لبنان؟
يتفّق المسؤولون الساعون إلى توظيف مهندسي البرمجيات في لبنان على وجود نقصٍ في المواهب.
من أجل سدّ هذه الفجوة، نشأت مخيّمات تدريبيّة في البرمجة والتشفير على الصعيد الوطني والعالمي في السنوات الأخيرة تعد بزيادة عدد مهندسي البرمجيّات الموهوبين وتأمين فرص عمل جديدة لطالبي العمل.
ولكن لكلّ مخيم تدريب مؤهّلاته ومواصفاته ومميزاته الخاصة.
تعمل المخيّمات التدريبيّة مع المرشّحين من خلفيات تعليميّة مختلفة في برنامج بدوام كامل لتعليميهم مهارات البرمجة والتشفير الأساسيّة. وبالرغم من مرورها بفترات ركود متعددة مؤخّراً، تعد البرامج الطلاب بمهنٍ مثيرةٍ في مجال البرمجة خلال بضعة أسابيع من تخرّجهم.
" سوفتوير انجنبرينج فاكتوري" Software Engineering Factory هو برنامج تدريبي مكثّف في لبنان مدّته ثلاثة أشهر يعلّم المهارات التقنيّة والناعمة التي تنشئ مطوّر ويب محترف في كافة الطبقات والواجهات.
وعلى عكس المخيمات التدريبية التقليدية التي تبدأ بأسس البرمجيات، فإنّ "هذه المدرسة قد ساعدت أشخاصاً يعرفون أسس علوم الحاسوب ويتمتّعون بالمهارات الأساسيّة في أن يصبحوا مهندسي برمجيّات يمكن توظيفهم،" بحسب المدير التقني في "سوفتوير انجنبرينج فاكتوري"، باسم دغيدي.
كيف بدأ مصنع هندسة البرمجيات
نشأت فكرة "سوفتوير انجنبرينج فاكتوري" في ربيع عام 2015 حين التقى فادي البزري، المدير العام السابق لـ"بادر" Bader والشريك الحالي في " بي أند واي فنتشر بارتنرز" B&Y Venture Partners، مع مؤسِّسة شبكة "نوايا" Nawaya Network، زينة صعب.
كان كلاهما مدركاً للطلب الكبير على مهندسي البرمجيات الموهوبين في لبنان.
وبحلول آذار/مارس 2016، انطلق "سوفتوير انجنبرينج فاكتوري" - الذي يعني اسمه بالعربية "مصنع هندسة البرمجيات" - رسميّاً كمشروع مشترك بين شبكة "نوايا" وبرنامج "بادر" لروّاد الأعمال الشباب.
في هذا السياق، تقول صعب إنّ "المحفّز الأساسي [لهذا البرنامج] يكمن في أنّه رغم تخرّج آلاف الطلاب في مجال علوم الحاسوب في لبنان كلّ عام، لا يجد هؤلاء وظائف تقدّمها الشركات."
يقوم السبب وراء ذلك على الاختلاف بين المهارات التقنيّة التي تعلّمها الجامعات والمهارات المطلوبة في سوق العمل. ومن أجل التأكيد على هذه الشكوى الشائعة حول النقص في المهارات، اتّصل الفريق بأكثر من 15 شركة تطوير برمجيّات محليّة.
يشير البزري إلى أنّهم تلقّوا "تعليقات وردود فعل واضحة حيال المعاناة التي ترتبط بإيجاد مطوّرين كفوئين، وأنّ بعض هذه الشركات تلجأ إلى الكثير من التدريبات بعد التوظيف لتعليم الموظّفين الجدد المهارات المطلوبة."
كيف يعمل مصنع المهارات البرمجية هذا؟
يعلّم البرنامج أكثر من مهارات البرمجيّة الأساسيّة ويطمح إلى تحضير الطلاب لسوق العمل في مجال هندسة البرمجيات، حسبما يشير دغيدي، لذلك صمم البرنامج ليشمل الأمور التالية:
- تدريب شامل في تطوير الويب في كافة الواجهات والطبقات full stack
- التركيز على تحسين مهارات حلّ المشكلات
- الالتزام بطرق ومعايير البرمجية وأنماط التصميم
- تعلّم التعاون والعمل سويّاً
في مخيّمات التدريب التعليميّة، غالباً ما ينتقد الأساتذة الجامعات ويتّهمونها بأنّها تعتمد على النظريات ولا يطابق تعليمها متطلّبات سوق العمل. وغالباً ما يكون الردّ من الجامعة بأنّها تركّز على تقديم ركيزة متينة تخدم الطلاب خلال حياتهم على عكس التوجّهات الحاليّة في التكنولوجيا التي قد تصبح قديمة.
يشرح البزري أنّ المصنع يؤمن "بقيمة التعلّم الجامعي، ونحن نرى أنفسنا كمكمّلين لتعليم الطلاب الراغبين باتخاذ هندسة البرمجيات كمهنة."
نجاح النسخة التجريبية
خرّج "سوفتوير انجنبرينج فاكتوري" دفعة تجريبية من 8 مطوّرين في آذار/مارس 2016 حيث كان الأثر على مهارات المشاركين وقدراتهم كبيراً وواضحاً.
ويقول عن هذا الأمر، المتخرّج حديثاً في علوم الحاسوب من "الجامعة الأمريكية في بيروت" AUB، ريان السدي، "إنّنا تابعنا جلسات دائمة في مراجعة البرمجيات وتمكّنت من الاطّلاع على طريقة زملائي في حلّ المعضلات ومقارنتها بطريقتي الخاصة؛ ما زاد من ثقتي بنفسي في حلّ المشكلات."
من ناحيةٍ أخرى، تخرّج آخرون من البرنامج متحلّين بثقة كافية بأنفسهم ليغيّروا مسيراتهم المهنيّة. حسن سالم الذي يعمل كمدير تكنولوجيا المعلومات في بيروت والذي لديه خلفية في علوم الحاسوب، تلقّى ثلاثة عروض عمل في غضون شهر على إكماله البرنامج.
"تعلّمتُ اختيار الطرق الأمثل، والتكنولوجيا الحديثة وبناء أمر مفيد في فترة قصيرة من الوقت. لم أقم من قبل بالعمل في فترات قصيرة ومواعيد نهائية بهذا القرب،" يقول سالم.
التمويل والأثر الاجتماعي
تمكّن هذا البرنامج الذي لا يبغى الربح من جمع التمويل من "مؤسسة الأصفري" Asfari Foundation، و"بنك عوده" Bank Audi و"بنك الموارد" Al Mawarid Bank من أجل الدفعة الأولى. كما تعاونوا مع "بيريتك" Berytech في الجولة التدريبيّة الأولى ومع "منطقة بيروت الرقمية" BDD للجولة الثانية، فيما جاءت كلّ الاستثمارات في البرنامج على شكل منح أو رعاية.
في غضون ذلك، يبحث البرنامج عن تمويل إضافي في الجولتين القادمتين اللتين تهدفان إلى جمع ما بين 30 و40 طالباً قبل نهاية عام 2016.
وكونهم لا يبغون الربح، يتقاضى المصنع مبلغاً رمزياً يساوي 100 دولار عن الطالب الواحد، ما يضمن تساوي الفرص بين الطلاب من خلفيّات مختلفة، وهذا أيضاً ما يميّزه عن مخيّمات التدريب في البرمجيّة التي تكلّف أحياناً آلاف الدولارات.
مستقبل واعد
نجد اليوم "سوفتوير انجنبرينج فاكتوري" واحد في بيروت، إلّا لأنّ المخطط يقتضي افتتاح مخيّم تدريبي واحد على الأقلّ في مدينة لبنانية أخرى كلّ عام، وتخريج كلٍّ منها 3 دفعات في العام.
ويشرح البزري أنّه "بحلول نهاية عام 2016، سنكون قد خرّجنا دفعات عدّة وأسسنا علامة تجاريّة متينة. وعندما يتحقق ذلك، يمكننا الانتقال من الخطوات الصغيرة إلى التوسّع نحو مدن مختلفة."