English

مركز الابتكار في الجامعة الأميركية في بيروت: ملاذ للعقول الطموحة

English

مركز الابتكار في الجامعة الأميركية في بيروت: ملاذ للعقول الطموحة

في قلب أهمّ جامعات بيروت المطلّة على البحر الأبيض المتوسّط، يوجد مركزٌ يحتضن الرؤية المستقبلية لهذه المؤسّسة التي تبلغ من العمر 150 عاماً.

يمكنك إيجاد مركز الأبحاث والابتكار "سنتر فور ريسيرش أند إينوفايشن" CRInn، في الطابق الثالث من مبنى "ويست هول" West Hall في "الجامعة الأميركية في بيروت". وفي طريقك إليه، تجد على الجدران ملصقات صغيرة تحمل كلمات تشجيعيّة وصوراً جماعية لأساتذة وطلاّبٍ يضحكون فيما تُذكر أسماء المشاريع التي يعملون عليها في خلفيات الصور.

ويقول أحد الملصقات "إن لم تجد تحدّياً في الأمر لن تجد فائدة منه،" في حين يقول ملصقٌ آخر "لا تتوقف إلّا عندما تفتخر بما تقدّمه."

ديالا داوود في مركز الأبحاث والابتكار في الجامعة الأميركية في بيروت (الصورة لـ دانا بلوط)

هذا المركز الذي يبلغ مكن العمر 3 أعوام هو نتاج سنواتٍ من الجهد في إطار فكرةٍ قديمةٍ تقوم على أنّ التغيير الفعلي الذي يؤثّر على المستقبل يبدأ مع الشباب.

وتقول عنه الدكتورة فادية حميدان، وهي القوة الداعمة له، إنّه "يساعد الطلاب على الاحتفاظ بإمكانياتهم الريادية، وعلى لقاء الأشخاص الذين يدعمونهم في بلورة أفكارهم، ويؤمّن لهم مكاناً ليجلسوا ويناقشوا الأفكار ويجدوا فرقاً وأعضاء فرقٍ."

البناء على فكرة

تقول حميدان إنّ فكرة تأسيس هذا المركز بقيت قيد التداول لخمسة أعوام في الجامعة، منذ أن زارتها "تك وادي" TechWadi في سعيها لتأسيس مراكز ابتكار في جامعات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. اقتنع بهذه الفكرة كلّ من حميدان والدكتور طوني فغالي، الأستاذ السابق في "الجامعة الأميركية في بيروت"، ثمّ أجريا دراسات جدوى وخطّة عمل قبل عرض أفكارهما أمام الإدارة التي وافقت لاحقاً على المشروع.

في عام 2013، أمّن الأستاذ فغالي تمويلاً من الاتحاد الأوروبي لمركزٍ رياديّ للطلاب. وبمساعدة الجامعة وبعض المنح، تمكّنا من تأسيس وفرش ومتابعة إدارة المركز.

ملصقات ملهمة معلّقة على جدران المركز.

تدير حميدان اليوم المركز فيما تعمل ديالا داوود كمديرةٍ للعلاقات العامة والاتصالات ويشغل حسين سليمان وظيفة منسّق العمليات. كما انضمت تارا نعمة من "تيكل ماي براين" Ticklemybrain إلى الفريق كمستشارةٍ في دعم الشركات الناشئة وفي هذا العام، وبصفتها رائدة أعمال تعمل مع الطلاب عن قرب لصقل أفكارهم وتحسينها وتحويلها إلى نماذج عمل ناجحة.

"يتمثّل هدفنا في دعم أيّ طالبٍ أو خرّيج أو أيّ شخص ينتمي إلى مجتمع الجامعة الأميركية في بيروت ومساعدته بأيّ طريقة،" بحسب نعمة التي تضيف أنّ "من هذه الطرق، تنظيم الكثير من الفعاليّات وورش العمل وجلسات النقاش."

"سوجو 360"

في حين يركّز المركز على الطلاب، يشجّع الأساتذة أيضاً على تأسيس وابتكار أفكارهم الخاصة؛ فالشركة الناشئة الرائدة في هذا المركز، "سوجو 360" Saugo 360، هي شركة حلول في مجال الاتصالات أسّسها ثلاثة أساتذة هندسة في الجامعة وهم الدكتور علي شهاب والدكتور عماد الحاج والدكتور أيمن قيسي.

هذا المشروع الذي يحظى بتمويلٍ من "تيلوس كورب" Telus Corp، واحدة من أكبر شركات الاتصالات في كندا، قد يبدو غامضاً بالنسبة لغير العاملين في قطاع الاتصالات؛ وهذا شرحٌ مبسّط عنه:

في العادة، من أجل تأسيس شبكة إنترنت في المنزل، تحتاج إلى علبة ذكيّة مثل جهاز توجيه الإنترنت router لتوصيله إلى خطّ الهاتف والحصول على اتّصالٍ بشبكة الإنترنت اللاسلكي. ولكن على مستوى الشركات التجارية، يعني هذا علباً أكبر وكلفة أكبر وتخصصاً أكثر.

هبة شناع، 22 عاماً، تعمل في "سوجو" كمهندسة صمان الجودة.

تعتمد "سوجو" على تكنولوجيا بديلة وهي تقنية "الشبكات المعرفة بالبرمجيات" SDN التي انتشرت في السوق قبل عدّة سنوات ويبدو أنّ بإمكانها إحداث ثورة في مجال الاتصالات الجامد.  فعوضاً عن العلبة المتخصّصة الذكية المرتفعة السعر، تأخذ الشركات التجارية العلبة الزهيدة الثمن ذات البرنامج المركّز والأكثر تخصّصاً.

لمعرفة المزيد عن "الشبكات المعرفة بالبرمجيات"، اقرأ هنا.   

ويقول الحاج عن هذا المشروع إنّ العاملين في مجال "الشبكات والاتصالات لطالما عمدوا إلى تصغير المنتجات وجعلها أسرع وتكبير قدرتها على استيعاب البيانات فقط، ولم يكن هناك أيّ تغيير أساسي مثل ’الشبكات المعرفة بالبرمجيات‘؛ لذا فإنّ هذه نقلة نوعيّة."

الشركات الناشئة التي أسّسها طلّاب

نشأ من هذا المركز أيضاً شركات ناشئة واعدة يديرها طلاّب.

شركة "جرافيتي" Gravity التي أنشأها خمسة طلاب، تعمل على ابتكار روبوت يعمل بجهاز تحكّم عن بعد وينظّف النوافذ الخارجيّة لأي مبنى من دون تدخّل إنسانيّ، وينتقل من لوحٍ زجاجيٍّ إلى آخر باستخدام يدٍ واحدةٍ وأداةٍ لاصقة على الزجاج، ويعمل الفريق في الوقت الحالي على نموذج العمل الثاني لهذا الروبوت. كذلك، تعمل شركة ناشئة أخرى باسم "تاتاب" Tutup على جمع الطلابّ بمدرّسين يقدّمون دروساً خصوصية.

تأمل الجامعة أن تتوسع جهودها في دعم روّاد الأعمال الشباب في إطلاق مركز "إنوفايشن بارك" Innovation Park، وهو مسرّعة أعمال للأفكار التي تولد في الجامعة سيتمّ إطلاقه بحلول نهاية عام 2016.

وفي الوقت الحالي ستستمر الجامعة في دعم وتشجيع أيّ شخصٍ مرتبط بالجامعة الأميركية في بيروت ولديه فكرة، إنّما عليه أن يكون مستعدّاً للاستجواب القاسي والدقيق الذي سيتلقّاه، مثل "هل لديك مشكلة تريد حلّها؟ هل لديك فريق؟... هل يمكن لهذا الأمر أن يتوسّع؟" بحسب نعمة التي تتابع مضيفة: "أحبّ أن أجعلهم يفكّرون بذلك، فأنت تُنتج هذه الأداة ولكن هل يمكنك إنتاج 20 ألف أداة منها؟"

أبعد من الجامعة

قد يكون مركز الابتكار في الجامعة الأميركية في بيروت الأوّل في لبنان، ولكنّ مراكز مختلفة شبيهة به قد انطلقت في جامعات عالميّة أخرى في العقد الماضي، وجميعها تأمل أن يمتدّ أثر هذا الدعم للشركات الناشئة الطلابية إلى خارج أسوار الجامعة.

في هذا الإطار، يقول مدير مركز ريادة الأعمال والتنمية في الشرق الأوسط في "جامعة كاليفورنيا" في بركلي University of California, Berkley، درويش زاهدي، إنّه "من خلال تزويد الطلاب بالمهارات الأساسيّة للأعمال والإدارة والتسويق والإدارة المالية وتعليمهم الطريقة والسلوك لإطلاق أفكارهم وتنميتها، يمكن المساهمة بإيجاد فرص العمل بخاصة للشباب."

ويتابع أنّه "إذا نجح طلابك في ابتكار أفكار مثيرة للاهتمام على الصعيد العالمي، من المرجّح أن ينضمّوا إلى حركة هجرة الأدمغة. ولكن لا يجب التحسّر على ذلك، بل يجب الاحتفال به بسبب قدرته على الإلهام والتنشيط والعودة إلى تقديم فائدة كبيرة وتنمية البيئة الريادية المحليّة."

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.