English

ليست جهازًا ولا برنامجًا، كيف تطمح هذه الشركة إلى العمل مع كبار المقاولين في قطاع البناء

English

ليست جهازًا ولا برنامجًا، كيف تطمح هذه الشركة إلى العمل مع كبار المقاولين في قطاع البناء
فريق «ويك كاب WakeCap»، من اليسار إلى اليمين: رامي نصوح، رينيه فاسنبرج، حسن البلوي، وروي جيلسنج في الوسط. (الصور عبر «ويك كاب WakeCap»)

يحمل حسن البلوي، المؤسس المشارك لشركة «ويك كاب تكنولوجي WakeCap Technology» المعنيّة بتصنيع خوذات من شأنها تتبّع البيانات في مواقع الإنشاءات، حلم رقمنة قطاع البناء والتشييد القائم في المنطقة العربية.  

يحفل قطاع البناء والتشييد بالكثير من التحديات المتمثّلة في تأمين متطلبات اعتماد التقنية الرقمية، وبناء المواهب الرقمية، واعتماد التكنولوجيا الرقمية، والتوحيد القياسي للعمليات. بحلول العام 2030، من المتوقّع أن تصل عائدات هذا القطاع إلى 17.5 مليار دولار، وذلك وفقاً لسلسلة من دراسات الحالة المتعددة أجرتها شركة «جلوبال كونستركشن بيرسبيكتيفز Global Construction Perspectives» ومؤسسة الأبحاث «أوكسفورد إيكونوميكس Oxford Economics»، بعنوان «جلوبال كونستركشن 2030 Global Construction 2030».

لقد أنهى فريق عمل شركة «ويك كاب» لتوّه عملية إعداد أول نموذج أولي له في دبي، ويخطط أيضاً لعقد شراكات مع شركات بناء وتشييد رائدة، مثل شركة اتحاد المقاولين (CCC) في دبي وكذلك شركة إعمار، من أجل اختبار خوذة البناء الذكية التي ابتكرها والتي من شأنها تقديم تقارير فورية عن نشاط العمّال في مواقع العمل.

وخلال عرض استمرّ لمدّة دقيقتين خلال إحدى فعاليات مؤتمر عرب نت بيروت لهذا العام، أظهر الفريق الطريقة التي يعمل بها هذا المنتج، موضحاً ما يلي: يرتدي عمّال البناء الخوذة المعتادة المدمج بها تقنية «ويك كاب». ومن دون الحاجة إلى الاتصال بأي تطبيق، ترسل الخوذة بيانات في الوقت الحقيقي عن موقع العمّال ونشاطهم وحضورهم ودرجة الحرارة المحيطة في مناطق البناء، وذلك من خلال ربطهم بشبكة «ويك كاب» في موقع العمل. ويتمّ تحديث البيانات كلّ دقيقة، وهذا من شأنه مساعدة المقاولين العموميين والشركات العقارية على تتبّع التقدّم المحرز بشكلٍ أكثر دقةً.

 
خوذة «ويك كاب» المصنّعة في مصنع «JSP» القائم في الشارقة.

وفي هذا السياق، قال حسن البلوي، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للشركة في اتصال مع ومضة: "في حال كان أحد العمّال يقضي وقتاً طويلاً للوصول إلى الأجهزة والأدوات المستخدمة في مواقع البناء والتشييد، إذن، ينبغي للمقاولين العموميين إضافة المزيد منها في مواقع أقرب لتوفير وقت التنقل والحدّ منه".

يكمن الهدف من استخراج هذه البيانات في تحديد مشاكل التأخير التي تطرأ على عمليات البناء والتشييد، وتقييم أداء العمّال، وصيانة الموقع أثناء ارتفاع نسب الرطوبة وسوء الظروف الجوية والمناخية الأخرى. فمن خلال القيام بذلك، يأمل البلوي في بيع منتجه للمزيد من الشركات العقارية.

وفي السياق نفسه، أضاف قائلاً: "نحن نراقب شؤون السلامة والحوادث والحضور والبيانات المتاحة حول استشعار البيئة ودرجة الحرارة المحيطة ونسبة الرطوبة في كافة المناطق والأوقات، الأمر الذي من شأنه أن يساعدنا على حماية العمّال في كل موقع عمل، وتحديد المناطق الضروري إغلاقها بدلاً من إغلاق جميع المناطق".  

وبفضل وجود خمسة أعضاء من الفريق في دبي وواحد في لبنان واثنين في هولندا، أمست «ويك كاب» حالياً في المراحل الأخيرة من توقيع اتفاقيتها مع شركة اتحاد المقاولين في دبي، وذلك من أجل اختبار نموذجهم الأولي في إطار مشروع شركة إعمار، برج «جراند أوبرا»، القائم في دبي بجوار برج خليفة.

سيضمّ المشروع 70 طابقاً معظمها عبارة عن طوابق سكنية، ليشكّل بالتالي جزءاً من منطقة دار الأوبرا الجديدة، وهي وجهة ثقافية هدفها الترويج للفنون وتسليط الضوء عليها.

وعلى هذه الشراكة، علّق عارف بو علوان، مدير نظم معلومات الإدارة وإعادة هندسة عمليات الأعمال في شركة اتحاد المقاولين، قائلاً: "بالتعاون مع «ويك كاب»، نأمل أن نتمكّن من تحسين إجراءات السلامة في مواقع العمل من خلال إخلائها بشكلٍ فعّال، وتحسين إمكانيات الاستجابة لحالات الطوارئ، ومنع الوصول غير المصرح به لها، وبالتالي تقليل المخاطر بشكلٍ واقعي. كما نأمل أيضاً أن نتمكّن من رقمنة العمليات في مواقع العمل عن طريق قياس إنتاجية العمل من خلال مستشعرات «ويك كاب»، وجمع البيانات الضرورية حول عمّالنا آلياً وبدقة وفي الوقت الحقيقي، بما في ذلك وقت حضورهم". وبحسب بو علوان، سيتمّ اختبار المنتج على مدار فترة تصل إلى 18 شهراً. وأضاف معقباً: "إن السبب الكامن وراء سعينا لاختبار مشروع تجريبي قبل اعتماد حلّ نهائيّ والتأكّد من أن المنتج سيمنح قيمةً مضافةً لموقع العمل. وسنتحقق من النتائج من خلال مقارنتها بالنتائج الصادرة عن مشاريع مشابهة نفذتها شركة اتحاد المقاولين دون استخدام هذا الحل. وأفضل ميزة في هذا الحل أنه يمكن قياس كافة الجوانب المعنيّة، مثل الوقت اللازم لإخلاء موقع العمل في حالة وجود خطر على السلامة أو انخفاض كمية الأعمال الورقية نظراً لأتمتة الخدمات اللوجستية اليدوية".

ليست جهازًا ولا برنامجًا...

خلال مكالمتنا مع البلوي، لم يشأ رائد الأعمال أن يصنّف شركته على أنها شركة ناشئة لتصنيع الأجهزة، نظراً لأن التقنية المبتكرة تتكامل مع خوذات البناء العادية وحسب، ولا على أنها شركة ناشئة معنيّة بتطوير البرمجيات، وذلك لأن التقنية تتكامل مع برمجيات إدارة الإنشاءات القائمة لجمع البيانات الواردة عبر التقنية الموجودة بالخوذات.

ملحق إضافي يجعل الخوذة ذكيةً.

وتعليقاً على ذلك، قال البلوي: "إنه ملحق مخصص للخوذة". ومن دون ذكر بيانات تفصيلية، قال المؤسس المشارك إن عملية التصنيع لا تستغرق الكثير من الوقت نظراً لصغر حجم هذا الملحق. ثمّ أضاف: "لقد صممنا المكونات المادية للتقنية وجعلناها مثاليةً للإنتاج الكثيف وأغراض التوسّع".

وعند سؤاله عن ما إذا كان العمّال سيوافقون على مراقبتهم طوال الوقت، أجاب إن الشركة الناشئة تأمل في جعل المنتج سلساً قدر الإمكان، وذلك نظراً لأن العمّال "يضطرّون بالفعل إلى ارتداء خوذة. ولن ينجح الأمر إذا طُلب منهم ارتداء شيء إضافي". ثم استطرد قائلاً إنه ستتمّ مراقبة العمّال على أيّ حال. فكلّ موقع عمل به «رئيس العمّال»، كما أسماه، وهو مسؤول عن التحقق من حضور العمّال كافةً.

ثمّ قال: "إن العمّال يكرهون ذلك بالفعل، إلّا أنه ليس ثمّة أيّ مهرب منه"، وذلك وفقاً لمسح قام بإجرائه وشمل 50 عاملاً ميدانياً في دبي. وبالتالي، سيساهم استخدام الخوذة الذكية في الحدّ من شعورهم بالقلق إزاء ضرورة التوجه إلى «رئيس العمّال» لإبلاغه بحضورهم وبنشاطهم. وسيمنح ذلك العمّال حافزاً مالياً أيضاً من شركة اتحاد المقاولين، نظراً للتكلفة المدخرة باستخدام «ويك كاب».

وكيف ذلك؟

على الرغم من رفضه الكشف عن أسعار الأجهزة والبرمجيات المدمجة، إلّا أنه أوضح أنهم يتقاضون ما بين 20 إلى 40 بالمئة ممّا تدفعه الشركات العقارية مقابل شراء خوذات عادية وبرامج إدارة الإنشاءات. ولمزيد من التوضيح، قدم مثالاً على مشروع لمبنى يتكوّن من 20 طابقاً ويضم 300 عاملاً. وقال: "تدفع شركات البناء والتشييد 1.5 مليون درهم إماراتي (أيّ حوالي 409,000 دولار أميركي) للإشراف على العمّال وحسب. أمّا نحن، فنتقاضى 20 في المئة فقط من ذلك المبلغ".

تفرض «ويك كاب» رسوم اشتراك شهرية لكلّ عامل على حدة، وتأخذ جزءاً من مبيعات الخوذات التي يتمّ تصنيعها في مصنع الإنشاءات «JSP» القائم في الشارقة.  

يسعى البلوي حالياً على إتمام جولة تمويلية تبلغ قيمتها 1.5 مليون دولار مع عددٍ من المستثمرين «الذين يؤمنون بأهمية شركات تصنيع الأجهزة الناشئة»، بحسب قوله. وهو لا يزال في مرحلة بذل العناية الواجبة والحفاظ على سرية المعلومات ولن يكشف بالتالي عن المزيد من التفاصيل في هذا الشأن، إلّا أنه سلّط الضوء على صعوبة عرض مثل هذه الفكرة على المستثمرين في دبي.

لا يزال المقاولون العموميون يستخدمون حتّى اليوم الورقة والقلم لتسجيل حضور عمّالهم!

قد لا تبدو «ويك كاب» متقدمةً بشكلٍ ملحوظ، ولا سيما عندما نسمع عن خوذات الواقع الافتراضي مثل «داكري Daqri» التي تستخدم الصور ثلاثية الأبعاد والمجسّمة وتعرض الصور في الوقت الحقيقي للمستخدمين في مواقع العمل أو على مكاتبهم. ومع ذلك، يعتقد البلوي أن قطاع البناء والتشييد في المنطقة ليس جاهزاً بعد لاعتماد نسخة أكثر تقدماً من هذه التقنية. وقال إن المقاولين العموميين لا يزالون يستخدمون الورقة والقلم حتى اليوم لتسجيل حضور العمّال إلى مواقع العمل، وبالتالي، لن يتم اعتماد خوذات تقنية الواقع الافتراضي بسهولةٍ.

كما أشار المؤسس المشارك قائلاً: "يعدّ قطاع البناء والتشييد من أقل القطاعات استخداماً للتقنيات الرقمية في العالم، حيث لا يزال المقاولون يستخدمون الورقة والقلم لتسجيل حضور العمّال. لذلك، علينا أن نبدأ بتغيير ذلك تدريجياً؛ فعلينا أن نظهر لهم قيمة العائد على الاستثمار والآثار الإيجابية المترتبة حتّى نتمكّن من استحداث أشياء جديدة مختلفة. ففي الوقت الراهن، لا يمكننا الاستفادة من ميزات الواقع الافتراضي أو غيرها من التقنيات المتقدّمة، ولا يسعنا الآن سوى توصيل البيانات وتمكين سبل الإبلاغ الميداني في الوقت الحقيقي. فالمقاولون العموميون يستغرقون ثلاثة أسابيع لمعرفة ما يحدث في الموقع، ونحن نريد أتمتة العمليات اللوجستية".

ربما يكون قطاع البناء والتشييد هو نقطة الانطلاق لفريق «ويك كاب» الذي سيقوم باختبار المنتج بشكلٍ مكثّف لتحسينه وفهم ما يريده العملاء بالفعل منه. ولعل قطاع النفط والغاز أو التعدين سيكون هدفهم التالي، إذ يتعيّن على العمّال فيهما استخدام الخوذات في مواقع العمل لضمان سلامتهم.

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.