لن يتم بث "الربيع دوت العربي" على شاشات التلفزة
الثورة لن تكون متلفزة. لكنها ستنقل
عبر تويتر وسيتم مشاركة أخبارها وأحداثها في مواقع يوتيوب وفيسبوك
وستتداول الأخبار عبر وسائل الإعلام الكبرى التي ستقرر تغطية الأحداث
وبثها تلفزيونياً.
يبدو أن "الربيع العربي" هو أكثر الأحداث تأريخاً في منطقة الشرق
الأوسط وشمال أفريقيا عبر العقود. انتشرت أخبار الثورات كانتشار النار
في الهشيم حيث استغلت وسائل الإعلام العواطف المتأججة التواقة
لاستيعاب التغيير في المنطقة. لكن وراء الخطابات الثورية ووراء
التغطية الإعلامية ووراء كافة السياسات، ثمة أمر جليّ آخر.
الربيع العربي أصبح وشيكاً. وهذه هي الأسباب:
قبل بضع سنوات، أعتبر الكثيرون أن المنطقة عبارة عن ديمقراطية تفتقد
مستخدمي الإنترنت. فُقدت الإحصائيات البسيطة في خضم العواصف السياسية
التي تجتاح المنطقة، بالإضافة إلى العقبات الاجتماعية والاقتصادية
والبنى التحتية والسياسات المقيِّدة التي عفا عنها الزمن. ثغرة
سوداء في بيانات الإنترنت؛ أمر تغيّر بشكل واضح.
بالنسبة لمنطقة يبدو فيها الوصول إلى شبكة الإنترنت متعثراً بسبب
المواقع المحجوبة، إضافة لمشاكل البنية التحتية التي عفا عنها الزمن،
أصبحت العلامة # مميزة للتعبير على الإحباط جراء سرعات الإنترنت
البطيئة، يبدو الرقم مذهلاً. حسب تقرير وسائل الإعلام الإجتماعية العربية الصادر
عن جامعة دبي الحكومية، فإن عدد مستخدمي موقع فيسبوك في العالم العربي
قد زاد بنسبة ٣٠% في الفترة من كانون الثاني إلى نيسان لعام ٢٠١١.
تشير دراسة رسمية
أجرتها جامعة واشنطن – سياتل إلى تأثير وسائل الإعلام الإجتماعية
أثناء أحداث الربيع العربي إذ أن "الملايين من الرسائل المتناقلة في
موقع تويتر" هو ما دفع الربيع العربي قدماً. عندما تنازل حسني مبارك
عن السلطة، كان قفز عدد رسائل تويتر التي تناولت التغييرات السياسية
في مصر حوالي ١٠٠٠% في اليوم الواحد (من ٢٣٠٠ رسالة إلى ٢٣٠٠٠ رسالة).
ولم تفلح جهود الحكومات لقمع هذا الحراك السكاني، بل حرضت على مزيد من
النشاط.
لكن، إذا كنت تعيش هنا في المنطقة، ستدرك أنها ليست بأخبار. فكل ما
أحدثه الربيع العربي هو لفت النظر إلى أمر كان يحدث في المنطقة أصلاً.
يشير تقرير إحصائيات الإنترنت العالمي إلى أن عدد مستخدمي الإنترنت
في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يصل إلى حوالي ٧٩ مليون شخص. فلا
شك أن هؤلاء التسعة والسبعين مليون شخص لم يستيقظوا في يوم من أيام
شهر آذار وقرروا استخدام مواقع تويتر وفيسبوك ويوتيوب فجأة.
كلا. يجري مستخدمو السعودية والإمارات والكويت مجتمعين أكبر عدد من مشاهدات يوتيوب يومياً لكل نسمة في
العالم هذا العام، إذ يتم تسجيل حوالي 120 مليون مشاهدة يومياً من
منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهذا أكبر من نسبة فيديو واحد لكل
مستخدم إنترنت في المنطقة كل يوم.
إن تغلغل شبكة الإنترنت لدينا أكبر من
المعدل العالمي. يقضي المستخدمون في منطقة الشرق الأوسط وشمال
أفريقيا حوالي 20 ساعة أسبوعياً على الإنترنت (لمزيد من التفاصيل،
راجع الموقع insightsmena.com). كما يتضاعف عدد مستخدمي موقع فيسبوك سنوياً، إذ يبلغ
عددهم الآن حوالي 21 مليون مستخدم. هذا الرقم بعيد كل البعد عما كان
عليه الحال قبل خمس سنوات، ففي دمشق مثلاً كان بإمكاني تحضير كوب من
الشاي وشربه قبل أن أتمكن من تحميل بريدي الإلكتروني. لا زال هذا
الأمر ينطبق على أصدقائي اللبنانيين، لكن من المفترض أنه تم تنفيذ
عملية ترقية الأسبوع الفائت من شأنها أن تحسن الوضع.
لقد أصبحنا نشكّل قوة ضاغطة من خلال شبكة الإنترنت. لم يعد هناك مقياس
تسلسلي يجبرنا على الاستشهاد بموقع صفقات ياهو! مكتوب وهو أكبر موقع
موجود في المنطقة، إذ يمكننا الآن الإشارة إلى حيازة موقع LivingSocialلموقع مجموعة GoNabit للصفقات
كدليل على أسواق الشراء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. نظراء
"وادي السيلكون" في المنطقة سيشهدون على وجود طريقة جيدة لتعرف أنك في
طريقك لتنجز أمراً وذلك عندما تبدأ المواقع المقلدة بالظهور. في
الواقع أغرقت مواقع الصفقات التجارية السوق،
كمواقع Cobon، Groupon، UAE، YallaBanana. أنا
على ثقة من أن خمس مواقع إضافية تتجهز لتطفو على السطح في الوقت الذي
أنهي فيه كتابة مقالي هذا.
القائمة كبيرة، تشمل مواقع Souq.com ،MarkaVIP.com ،Sukar.com ،iKoo
،Cashbury ،Nahel.com ،Laimoon.com ،Bayt.com ،Tawilati.com
،Logta.com ،Dubizzle.com والقائمة في ازدياد مطّرد. يبدو أنه ما من
وقت أفضل من الوقت الحالي لأخذ زمام المبادرة في المنطقة. المستخدمون
في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر تلهفاً مما نتخيل. فهم
يتطلّعون للمزيد من المواقع الإلكترونية والمواقع الخاصة بالصفقات
ومواقع التسوّق الإلكتروني ووسائل الإعلام والفيديوهات والموسيقى
وتطبيقات الهواتف النقالة والأدوات الإجتماعية التي لا تحصى. وهؤلاء
يشكلون ملايين من مستخدمي مواقع يوتيوب وتويتر وفيسبوك. مع هذا كله،
فقد أطاحوا ببعض الأنظمة، لكن ثمة 79 مليون مستخدم لا زالوا بانتظارك
لطرح الفكرة التالية، فماذا تنتظر؟