إلى رواد الأعمال: توقفوا عن الابتكار واتجهوا إلى تنمية الأعمال
تم نشر هذه المقالة
أولاً في مدونة هارفرد بزنس ريفيو.
إذا أردنا المزيد من رواد الأعمال،
فعلينا إذاً التوقف عن الابتكار والتوجه إلى تنمية
الأعمال.
في الواقع نجد أن الغالبية العظمى
من رواد الأعمال في العالم ليسوا بمبتكرين. حيث يعملون على إضافة
وتحديث للأفكار الموجودة مسبقاً عن طريق مزج القليل من الحداثة
والإبداع في وجود بعضاً من المرونة والتفكك وصرامة
التنفيذ.
يأمل المسئولون الحكوميون من
كولومبيا إلى نيوزيلندا في إنشاء وادي سيليكون جديد – كذلك الموجود
بكاليفورنيا – من خلال بناء "مراكز ابتكار" حديثة لأصحاب
المشاريع الريادية. ولكن قد تأتي هذه العملية بنتائج عكسية عن غير
قصد: فالتركيز المفرط على الابتكار باعتباره ركيزة روح المبادرة يمكن
أن يؤدي إلى إعاقة نمو المشاريع. لذلك نجد بعض أصحاب المشاريع الذين
يعتقدون أن روح المبادرة تدور حول الابتكار فقط لا يكلفون أنفسهم عناء
المحاولة معتقدين جدلاً أن فرصهم في أن يصبحوا بيل جيتس أو ستيف جوبز
المستقبليين معدومة.
لا يحتاج النجاح إلى شهادة دكتوراه،
أو فريق من المهندسين، أو رخص براءات الاختراع أو حتى إلى مكان عمل
مثالي. ففي كثير من الأحيان يحتاج فقط إلى تطوير بسيط لفكرة قائمة أو
تعديل طفيف على نموذج عمل تجاري، أو تكييف ثانوي لمنتج، أو حتى مجرد
القدرة على جمع وقيادة فريق بارع، وهذه هي أهم حيلة للتغلب على
العقبات وإخراج الفكرة المعدلة للسوق.
وأحد الأمثلة المهمة هو حين جلب
مشروع سينيميكس "Cinemex" مئات الملايين من الدولارات للمساهمين من
خلال تحويل طريقة ترفيه ملايين المكسيكيين. قام ثلاثة من حملة ماجستير
إدارة الأعمال من جامعة هارفارد بتأسيس سينيميكس في هام 1995، وقد
أدخل سينيميكس إلى المكسيك مفهوم السينما متعددة الشاشات، والذي كان
يعد نوع من الترفيه معروفاً في أجزاء عديدة من العالم. وقال الشريك
المؤسس والرئيس التنفيذي السابق لشركة سينيميكس، ميغيل دافيلا: "إنّ
الابتكار الوحيد الذي قمنا بتقديمه هو وضع عصير الليمون وصلصة الفلفل
الحار على الفشار بدلا من الزبدة."
يقول دافيلا: تكونت شرارة الإبداع
عندما قمنا بتحديد الوقت المناسب لتقديم نموذج عمل مُجرب ومُثبت في
سوق جديد. وقد أتى نجاحهم نتيجة: (أ) تحديد التوقيت المناسب، (ب)
إحضار خبرات من الولايات المتحدة كالشريك المؤسس هيمان مات الذي يملك
خبرة في هذا المجال، (ج) التنفيذ المدهش، الذي كان في بعض الأحيان
إبداعي على نحو غير عادي.
يعد ساندي كيسكو مثالاً ناجحاً آخر
في مجال تنمية الأعمال. حيث أسس كيسكو ستوديو موديرنا، الشركة
الرائدة في مجال الإنترنت ومتاجر التجزئة متعددة القنوات في 21 دولة
في وسط وشرق أوروبا. فعندما رأى كيسكو فشل كبرى الشركات الأمريكية
المتخصصة في التسويق على التلفاز في أوروبا الشرقية، قام بتغيير
إستراتيجيتهم والتي كانت تعتمد على إسناد كل المهام الأساسية من
ابتكار دعايات تجارية، وتشغيل مراكز خدمة عملاء، والتسليم، والدفع،
إلى مصادر خارجية، طوّر كيسكو الفكرة بإسناد هذه المهام لمصادر داخل
شركته، ليتمكن من تحقيق مستوى غير مسبوق من جودة الخدمة، وبذلك نال
ثقة المستهلك في أسواق أوروبا الشرقية التي تفتقد للمصداقية. وحققت
مبيعات ستوديو موديرنا إنجازاً كبيراً فتجاوزت مبيعاتها مبلغ الـ 200
مليون يورو في عام 2008.
لا يمكن لأي مشروع أن يكون أقل
ابتكارا من مشاريع الأدوية العامة. تظهر هذه الصناعة عندما
تتقادم الأدوية المرخصة ويصبح المستهلك غير مهتم بتمييز هذا العقار عن
ذاك، عندها يُفقد الابتكار رسمياً. هل يعني ذلك فقدان مشاريع
الأدوية الريادية أيضا؟ إذا كان ذلك صحيحاً، هذا يعني أنّ روبرت
ويسمان نسي أن يقرأ صفحة المفقودات، لأنه من أهم مطوري الأعمال في
صناعة الأدوية العامة، وقد قام بتطوير مشروع أكتافيس "Actavis" القائم
بريكيافيك، لنقله في ثمانِ سنوات من مرحلة البداية إلى المرتبة
الخامسة في هذه الصناعة، وقام أيضا بإضافة أكثر من ملياري يورو لقيمة
حقوق المساهمين. كان تطوير مشروعه وتنميته أمراً نظرياً قبل كل شيء:
أدرك ويسمان أنه حتى يتمكن من البقاء ضمن منافسة مصنعي الأدوية
العامة، لم يكن أمام مشروعه أكتافيس إلا أن يكون كبيراً ومتنوعاً
وعالمياً، مع التأكيد على الانتشار عالمياً والإنتاج بكميات
كبيرة على نطاق واسع، إلى جانب وجود مجموعات الأبحاث
والتطوير R&D المختصة، كل هذا من شأنه أن يساعد على
البقاء، ويحقق زيادة عدد الأسواق المحتملة حول العالم.
عندما يسمع رواد الأعمال الذين
تكلمت معهم عن قصص النجاح الناتجة عن عملية تطوير وتنمية الأعمال،
يصبح الإيميل التالي حتمياً وعاجلاً: "كنت دوما أخاف من البدء بمشروع
خاص لأنه لم يكن لدي أية أفكار كبيرة، ولكن بعد أن شاهدت نجاح هؤلاء
الناس العاديين، أصبحت أعلم أنني أستطيع فعل ذلك أيضا."
قم بتجاوز شومبيتر ونظريته عن الهدم الخلاق. لقد حظيت بفرصتك –
والآن حان وقت انطلاق جيل التطوير.