هل تنجح شبكات التواصل الاجتماعية في تنشيط السياحة المصرية؟
شكّلت من دون شكّ الثورة المصرية مادّة دسمة للقنوات الإخبارية العالمية، ومصدر فرح للمصريين محبّي الحرية بطبيعة الحال. لكنّ الثورة قد أفزعت السياح، منهم من يتفادى التعرّض للمخاطر ومنهم من يصدّق قصص الرعب. هل تنجح شبكات التواصل الإجتماعية في هذه الحالة في اجتذاب السياح من جديد؟ نعم، وفقًا لمدير "إنترآكت إيجيبت" Interact Egypt التنفيذي فادي رمزي الذي يؤمن بالأمر ولديه البرهان! يشرح رمزي أنّ "القصّة بدأت خلال حضوري المؤتمر السنوي لمنظّمة الصناعة السياحية الإلكترونية الدولية (IOETI) التي انعقدت السنة الماضية. إقترح أحد المتحدّثين النظر إلى بلدة أو دولة كعلامة تجارية. كنت قد عملت في مجال التسويق الإلكتروني لفترة، ولطالما اعتبرت السلع أو الخدمات كماركات أو علامات تجارية، لكن اعتبار الأماكن والمواقع كعلامات تجارية كانت مقاربة منطقيّة أيضاً."
"بعد بضعة أشهر على إلقائي كلمة حول زيادة نسبة السياح عبر وسائل التواصل الإجتماعية، إتّصل بي فريق التسويق التابع لـ مجموعة فنادق سافوي (Savoy Hotels Group) في شرم الشيخ. صنّف موقع "تريب أدفايزور" Tripadvisor المجموعة عام 2012 على أنها أفضل منتجع صحي للاستراحة في الشرق الأوسط، وربحت جائزة أفضل منتجع غطس في العالم خلال حفلة جوائز السفر والسياحة العالمية (World Travel Awards) لعام 2011. لكن يبدو أنّ الجوائز العالمية لا تكفي، إذ خسرت في السنة الماضية الحجم الأكبر من زبائنها الدائمين أمام دبي وتركيا، نتيجة قلق السياح من قصص مخيفة تداولتها الصحف الغربية حول سيناء. كلّ من يقيم هنا يعرف جيّدًا أنّ مصر بشكل عام، وسيناء بشكل خاصّ، لا تزالان من بين الأماكن الأكثر أماناً في العالم."
عملت "إنترآكت" بكثافة وعن كثب مع فريق تسويق "سافوي" في سبيل معالجة الوضع بناءً على مقاربة هيكليّة. بدأوا بإجراء تحليل الوضع، ما أظهر أنّ فريق التسويق هذا يحتاج أوّلاً إلى "تدريب توجيهيّ حول بناء الهوية على الإنترنت". عندها بدأوا في بلورة إستراتيجية حول التواصل الإجتماعي، شملت خطوات أساسية مثل ابتكار صفحة فايسبوك خاصّة لـ محبّي المجموعة، وفتح حساب على تويتر (@SavoySharmGroup)، فضلاً عن تحديث المحتوى. تابعت "إنترآكت" كلّ تلك الخطوات وأضافت "تدريباً على الإستعمال الأنجع لوسائل التواصل الإجتماعي" للفريق الجديد.
أعلن فادي أنّ "صفحة تويتر الخاصّة بالمجموعة أُطلقت في 21 حزيران/يونيو ونظّمت مسابقة ذكيّة بعنوان #Savoykisshashtag يربح من خلالها صاحب أجمل تغريد "تويتر" بطاقة لحضور الحفل الغنائي الراقص الذي تنظّمه إذاعة "كيس أف أم" Kiss FM في ساحة "سوهو" في لندن. والإذاعة بالريطانية شعبيّة للغاية يتابعها زبائن كثر يزورون "سافوي" بانتظام، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ معظم الزبائن الدائمين لدى المجموعة يأتون من بريطانيا. علاوةً على تلك المسابقة، نظّمنا مسابقة أخرى على فايسبوك تقضي بالتقاط صور جميلة للفندق. ولاقت الفكرة بالفعل إستحسانًا وإهتمامًا بما تقدّمه المجموعة. أمّا الرابح فكان من لبنان وحصل على إقامة مجّانية لعدّة ليالٍ في الفندق."
تضمّ صفحة فايسبوك الخاصّة بالفندق إلى اليوم ألفي معجب ومتابع، 40% منهم بريطانيون. ليس بالرقم الكبير، لكنّ الفندق لا يتسع إلاّ لمئتي نزيل على أية حال في ذروة الموسم.
من جهة أخرى، يبقى فندق "فور سيزنز" (Four Seasons) منافس "سافوي" الأكبر، بنشاطه القديم والمستمرّ على وسائل التواصل الإجتماعي، فنجح في لمّ ضعفي عدد المعجبين والمتابعين إلى الآن. إنّما تشير إحصائيات "كلاوت سكور" Klout Score إلى أنّ "سافوي" يحظى بتأثير أكبر الآن على صعيد التواصل الإجتماعي، كلّه بفضل التكتيكات الجديدة.
ما المغزى؟ النتيجة أكثر من إيجابية، نظرًا إلى أنّ عدد الحجوزات على الإنترنت تضاعف ليشكّل حوالي 20% من إجمالي مبيعات "سافوي". حتى أنّ عدد الغرف المحجوزة في شهر آب/أغسطس (أي بعد المسابقة) بلغت ضعفي المعدّل الشهري.
وماذا نستنتج نهايةً؟ ربما تسهل إخافة السياح، لكنّ السياح الأجانب يمتلكون الوعي والخبرة الكافيين للبحث على الإنترنت وإيجاد الأخبار الحقيقية، وهم في أهبة الاستعداد للقيام بالرحلة، طالما أننا نقدّم لهم المعلومات بطريقة مثيرة للاهتمام.
وماذا يخبئ المستقبل لفادي؟ "ينبغي أن تكون مصر إحدى الوجهات السياحية الأساسية في العالم، نظرًا إلى غناها التاريخي وتنوّع مواقعها السياحية. آمل لو أتمكّن من مقاربة منطقة شرم الشيخ بأكملها كعلامة تجارية، لحشد الموارد ودعم السياحة فيستفيد الجميع بضربة واحدة." إن كنت مسؤولاً حكوميًّا من منطقة سيناء، أو مدير تسويق لمنتجع سياحي في سيناء، ربما هذا العرض، هذه الفكرة، قد تعنيك مباشرةً وتثير اهتمامك. فادي يمتلك الأدوات الضرورية لإعادة إنعاش الصناعة السياحية.