بوابة جديدة للوظائف في لبنان. هل تتميّز في سوق مزدحمة؟
باتت اليوم في المنطقة العربية بوابة جديدة للوظائف تُقدّم حلاً شاملاً للموارد البشرية في الشركات الناشئة والكبرى على حدّ سواء. الا أن هذه المنصة لا تستهدف أولاً الباحثين عن عمل لا بل توفّر نظام إدارة التوظيف (RMS) الإلكتروني للمسؤولين عن التوظيف والشركات التي تبحث عن موظفين محتملين بأسعار عادلة.
ونظراً لأن الشركات الناشئة نادراُ ما تستطيع تكبّد أتعاب قسم الموارد البشرية يبنما تبحث عن المواهب الجيدة، تأمل بوابة "أتشيف" Achieve ملء هذه الثغرة.
ولكن، بكل صراحة، تعج الأسواق اليوم بالمنصات المنافسة على غرار "بيت. كوم" و"أخطبوط" و"ليمون" و"وظّف" و غرادبيري Gradberry و"كاريرايز" Careerise والمنافس الجديد "جوبزيلا" Jobzella. الا أن المؤسس اللبناني جاد صعب، الى جانب شريكه توفيق لوند واثق بأن "اتشيف" ستتألق بين هذه المواقع التقليدية للبحث عن وظيفة بفضل جعل هذه التجربة مركّزة وسهلة الاستخدام.
تطال هذه البوابة كل المنطقة العربية، من مصر الى العراق مروراً بعمان. الا أن الفريق يستهدف أولاً لبنان في نسخة الموقع التجريبية التي من المتوقع أن تستمرّ الى نهاية هذا العام. وحتى الآن، لا يشمل هذا الموقع دول شمال إفريقيا الأخرى.
ويأمل المؤسسان أن تتميزّ أيضاً منصة "أتشيف" عن خدمات نظام إدارة التوظيف الأخرى التقليدية على غرار "تاليو" Taleo و"بيبلسوفت" PeopleSoft التي قد يكون شراؤها والحصول عليها وتدريب الفريق لاستخدامها مكلفاً للشركات الكبرى وبعيد المنال للشركات الناشئة.
"لا تتوفّر بعض خدمات نظام إدارة التوظيف على الإنترنت وتأتي في حزمة باهظة الثمن التي تستطيع الشركات الكبرى تكبّدها على خلاف الصغيرة منها." وتقدّم "أتشيف" حلاً بأسعار مقبولة يسمح للشركات الأعضاء بالدفع تدريجياً. ولكن، هل حلّ "أتشيف" مختلف عن منافسيه؟
زرت برفقة جاد مكتبه الصغير الذي يتشاركه مع شركات أخرى في بيروت حيث شرح لي كيف ولِدت الفكرة عندما كان مسؤول موارد بشرية وتوظيف، وواجه نقص المعرفة في كتابة السيرة الذاتية ومهارات المقابلة لدى خريجي المنطقة.
وبعد أن قضى فترة يعمل كمستشار توظيف، قرر أن يُطوّر برنامجاً يوفر ورش عمل للجامعات، مانحاً الشباب الباحثين عن عمل النصائح في ما يخصّ المسيرة المهنية وتقديم طلب الوظيفة. ويقول جاد "كمسؤول توظيف وباحث عن عمل في آن واحد، لاحظت أن المنصات لم تكن كافية. نجد قاعدة بيانات للسير الذاتية لكنها تفتقر دقة البحث أو نشر الوظائف في حين أنها صعبة الاستعمال وتصميمها غير جذّاب".
وقرر لاحقاً أن يجعل برنامجه إلكترونياً لكنه سرعان ما لاحظ أن المشورة المهنية كمنصة إلكترونية لن تجني الأرباح أو حتى لن تكون مفيدة لأغلبية الأفراد. ولذلك، بدأ بتطوير مفهوم لبوابة توظيف لتكملة الموقع. ويبتسم جاد قائلاً "تحوّلت الإضافة في الموقع الى صلب العمل" وهو مثال كلاسيكي لتحوّل أسلوب الشركات الناشئة المرنة. وسرعان ما غيّر محوره ليركّز على ما كان جزءاً بسيطاً من فكرته واستقال من وظيفته العام الماضي ليتفرغ لتطوير مشروعه.
مواجهة المنافسة وجهاً لوجه
وابتكر جاد نظام تسعير مرن يسمح للشركات بخلق وظائف شاغرة فردية وتفقّد مستويات المعلومات المختلفة لمقدّم الطلب. وتأتي حزمة الخدمات المجتمعة أرخص قليلاً من "بيت.كوم" مع الأخذ بعين الاعتبار الثمن والإطار الزمني لكل معلومة يتم نشرها. الا أن "أتشيف" لا تعتمد على أسعار خدماتها لتتميّز عن الآخرين، بل تركّز المنصة على وظائفها.
ويقول جاد "من وجهة نظر الموظِّفين، هم لا يتعاملون الا مع المصادر للحصول على السير الذاتية ولا يستندون على إدارة التوظيف. ولذلك، قررنا أن ندمج نظام إدارة التوظيف الذي يسمح لهم بالتدقيق بكل طالبي الوظائف الى أن يختاروا أفضل شخصَين يريدون توظيفهما. ولذلك عوضاً عن خلق وظائف شاغرة والحصول على ١٠٠ سيرة ذاتية وطبعها ومراجعتها، نقدم القدرة على القيام بكل هذه العملية على الإنترنت."
على الرغم من أن المنصة لا تملك عدداً كبيراً من الوظائف بعد، الا أن تركيزها الأساسي هو انضمام الشركات الى "أتشيف" كحل داخلي للموارد البشرية. وسيساعد هذا الأمر فريق العمل المؤلف من ٦ أشخاص بجمع قوائم وظائف جديدة ومواصلة بناء المنصة وجني الأرباح.
على غرار المنافسين، يقدم الموقع خدماته مجاناً للباحثين عن عمل الذين قاموا بالتسجيل وبدأوا البحث عن وظائف. وتظهر معايير "أتشيف" محددة أكثر من أي موقع زرته الا أن هذه الخصوصية قد تُصعّب مهمة ايجاد الوظائف التي غالباً ما تتعثر بها عندما لا تعرف عن أي وظيفة بالتحديد تبحث.
ويستطيع المسخدمون أيضاً خلق ملفاً شخصياً عبر "لينكد إن" LinkedIn كما الحال على موقع "ليمون" الذي يملأ تلقائياً السيرة الذاتية على الموقع.
ولكن، على خلاف بوابات التوظيف الأخرى، تسمح "أتشيف" للباحثين عن عمل بمتابعة تطوّر كل طلب. فيتمكن مسؤولو التوظيف من تضييق رقعة المتقدمين بطلب بقدر ما يشاؤون من خلال الابقاء عليهم أو إزالتهم خلال عملية التوظيف. وبذلك، يستطيع المتقدم بطلب أن يبقى على اطلاع وأن يعرف ما إذا كانت حظوظه مرتفعة أو يجدر به البحث عن عرض آخر. كما يمكنهم الاطلاع على لائحة الوظائف التي تقدموا بطلب لها وأن يعرفوا الى أي مرحلة من التوظيف وصلوا.
أما الشركات فتخلق أيضاً ملفاً
شخصياً مجاناً ولا تبدأ بالدفع الا عندما تريد الحصول على تفاصيل حول
طالب الوظيفة أو نشر وظيفة شاغرة. وعلى غرار منافسيها، تعتمد "أتشيف"
سياسة الدفع لكل استخدام وتسمح حتى للشركات الصغيرة بنشر القوائم أو
الحصول على تفاصيل الاتصال بالأفراد عند الحاجة.
وتركّز "أتشيف" على نظام إدراة التوظيف الا في حال اتصل الزبون بمركز خدمة الزبائن" هاتفياً وقدّم نموذجاً مثيراً للاهتمام حيث تتقاسم الشركات التكنولوجيا والمنصة ذاتها الا أنها تستخدمها عند الحاجة وتقدّم كلفة أقلّ من قواعد البيانات الداخلية التقليدية بينما تبني أيضاً قوائم "أتشيف" للبحث عن الشركات الناشئة.
تخطي التحديات لاطلاق المنصة
الا أن بناء المنصة لم يكن سهلاً لاسيما أن أكبر التحديات كانت تقنية. بعد الاستعانة بمصادر خارجية لتطوير الموقع، واجه جاد صعوبة مع المطوّر الذي اتّخذ من المشروع رهينة الى أن تمكّن جاد من فضّ الاتفاق وتطوير المشروع داخلياً ما اضطرّ الفريق الى تأجيل تاريخ اطلاق المنصة من كانون الأول/ دسمبر الى هذا الأسبوع.
ويقول جاد "الأهم هو الحصول على فريق أساسي جيد. قد يتّخذ الأمر المزيد من الوقت ولكن عندما تعمل مع اشخاص يمكنك الاعتماد عليهم، ستتمّكن من انجاز ما تريده."
وبعد النجاح في اطلاق المنصة، يكمن التحدي المقبل، وفقاً لجاد، في الحصول على موطئ قدم في السوق. ويضيف "نواجه منافسة راسخة وشركات كبيرة متواجدة منذ وقت طويل." الا أنه يأمل بفضل تقديم خدمة مركّزة لمسؤولي التوظيف وخدمة تشغيل سهلة لطالبي العمل أيضاً في التميّز عن الآخرين. سيكون الوقت كفيلاً بأن يكشف لنا ما إذا كانت السوق المزدحمة أصلاً تتّسع لمنصة إضافية.