المنطقة العربية تسجِّل أعلى معدلات العمل الحر عالمياً: ماذا يعني ذلك في لغة رواد الأعمال؟
يُعتبر كل من يعمل لحسابه الخاص عنصراً فاعلاً في المجتمع الريادي، وإن إختلفت مجالات العمل. ومؤخراً، شهدت المنطقة العربية نمواً حاداً في نسب انشاء الشركات، ما يجعل منها سوقاً خصبة ومرحبة برواد الأعمال.
ويعمل حالياً 10% من سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا لحساب أنفسهم (Self-employed)، وهي نسبة تفوق مثيلتها في دول الإتحاد الأوروبي وأمريكا الشمالية.
وجاءت هذه الأرقام كجزء من نتائج دراسة نشرتها مؤسسة "جالوب" GALLUP العالمية للأبحاث الشهر الماضي حول معدلات البطالة والتوظيف في العالم خلال عام ٢٠١٢.
وأرجعت الدراسة جزءاً كبيراً من هذه النسبة المرتفعة في المنطقة الى من يملكون شركة تتكون من شخص واحد، ومن يعملون في وظائف حرفية تُعد جزءا من إقتصاد موازي غير رسمي، ولا يُمثل العمل الحر في المنطقة بالضرورة - وفقا للدراسة - إزدهارا للشركات الناشئة الداعمة للإقتصاد، مثلما هو الحال في دول أوروبا وأمريكا الشمالية.
ويختلف الحال في دول أمريكا الشمالية، حيث أظهرت الدراسة إمتلاك هذه الدول لأعلى معدلات العمل بدوام كامل، وهي ٤٢٪ من إجمالي المشاركين في سوق العمل. ويرجع السبب في ذلك بحسب الدراسة، الى إنتشار الشركات الكبرى والمؤسسات مقارنة بالشركات الصغيرة الناشئة في تلك الدول.
ومقارنة بهذه الدول، إمتلكت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أدنى معدلات الوظائف ذات الدوام الكامل في العالم، بنسبة تبلغ ١٨٪ من السكان، وهو ما يُؤكد على أن بيئة ريادة الأعمال والشركات الصغيرة هي الأنسب لهذه المنطقة، وتحتاج المنطقة الى بيئة ريادة أعمال مزدهرة ورواد أعمال ناجحين لدعم الإقتصاد، الذي يفتقد للشركات والمؤسسات الكبيرة، وخلق مزيد من الفرص الوظيفية للأفراد في المنطقة.
وعلى صعيد موازي، تمتلك ريادة الأعمال ومشاريع القطاع الخاص الصغيرة والناشئة القدرة على إيجاد حل سريع وفعّال لمشكلة البطالة في المنطقة التي تعد واحدة من أهم المشاكل. وفي هذا الخصوص، أشارت الدراسة الى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجلت أعلى معدلات البطالة في العالم خلال العام الماضي، ٢٠١٢، بنسبة قاربت ٢٠٪ من إجمالي تعداد سكان دول هذه المنطقة. وتعالج العديد من الشركات المحلية الناشئة تحدي البطالة من جوانب مختلفة مثل "نبّش" Nabbesh و"غلو وورك" Glowork وغيرها من خلال مساعدة الباحثين عن عمل علي ايجاد الوظيفة المناسبة لهم.
وتفحصت الدراسة الأسباب التي جعلت من المنطقة بيئة خصبة للبطالة، وأدت الى هذا النقص الحاد في عدد الوظائف الدائمة ذات الدوام الكامل، وجاء عدم إقبال النساء على سوق العمل بشكل عام في عديد من دول المنطقة أحد هذه الأسباب، وإن كان هذا التوجه لا يمثل بالضرورة توجها سلبيا، كما تفحصنا سابقا.
ويشير هذا التفسير الى الأهمية القصوى لتبني دول المنطقة نظاما تعليميا وإقتصاديا يهدف الى دعم ريادة الأعمال، وإستغلال الطاقة المتمثلة في نسبة كبيرة من الشباب ممن لا يمتلكون وظيفة ثابتة، والحرفيين ممن يتقنون حرفة ما ويعملون بشكل مستقل، في تأسيس شركات ناشئة تساهم في دعم إقتصاد هذه الدول بطريقة نظامية.
كما وأظهرت الدراسة أنه على الرغم من عدم مشاركة ما يزيد عن نصف سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (٥٦٪) في قوة العمل في المنطقة، سواء لعدم رغبتهم في العمل أو لعدم قدرتهم على العثور على وظيفة مناسبة، إلا أن هؤلاء الذين يشاركون في سوق العمل يتطلعون الى المزيد، حيث يعمل ٩٪ من السكان في وظائف بدوام جزئي ولكنهم يبحثون عن وظائف بدوام كامل.