إذا كنت ناشطاً في البيئة الحاضنة للشركات الناشئة في لبنان فأنت على الأرجح التقيت أو سمعت عن الريادي الشاب الذي يقف وراء "سوشياتاغ" Sociatag، منصة التكامل الاجتماعي البيروتية. فخلال أقل من عامين، أصبح وسام حكيم وفريقه من الشخصيات الأساسية في فعاليات الشركات الناشئة.

وكان حكيم يعمل كمطوّر ويب في وكالتي الإعلانات الرقمية "كلير تاغ" ClearTag (التي تقوم بشكل ذكي بالاستحواذ على شركات ناشئة وهي جزء من المجموعة الأم "دي أن واي" DNY للإعلام الرقمي وتملك إينّوفو Innovo أيضاً) و"إيستلاين ماركتينغ" Eastline Marketing، وبالنسبة له فإن إطلاق منتج جديد هو جسر بين العالمين الافتراضي والحقيقي بدا الخطوة المنطقية التالية.

وخرج حكيم بالفكرة في الجامعة ولكنه احتاج لمزيد من الوقت للعثور على التخصص المناسب لأن فكرته ليست الأولى من نوعها. ولكن الأخيرة لم تتوقف عن التطوّر بعد إطلاقها. فما بدأ كطريقة للسماح للمشاركين في الفعاليات بالتفاعل مع أي منصة إلكترونية من خلال تمرير بطاقات ممغنطة على صناديق حقيقية، تطوّرت بسرعة إلى منصة تكامل اجتماعي شاملة تسمح للناس بتحويل نشاطهم خلال الفعاليات إلى لحظات تخلّد على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.

إليكم قصة الشركة الناشئة التي أصبحت سريعاً محبوبة الفعاليات وصارت تقنيتها الأساس المعتمد في أوساط "بيروت ديجيتل ديستريكت" (Beirut Digital District).

تحقيق وثبة

الفكرة بسيطة نسبياً، حيث يتم توزيع بطاقات ممغنطة على المشاركين يستخدمونها خلال الفعالية (يمكنهم اختيار التسجيل عن طريق ملفاتهم على الإنترنت أو البقاء مجهولين الهوية). وتستعمل البطاقات للتفاعل مع الصناديق الذكية التي يضعها حكيم في الفعالية والتي تقرأ البطاقات وتقوم بسرعة بعمليات اجتماعية سريعة يبادر إليها المستخدمون الذين ينقرون على الصندوق مثل إرسال تغريدة أو رسالة إلكترونية أو تسجيل حضور في "فورسكوير" Foursquare أو فيسبوك.

تدعم عادة الصناديق ثلاثة عمليات اجتماعية مختلفة يتم التعريف عنها عبر لوحة تحكّم من قبل المنظّم (العدد يمكن أن يزيد تبعاً للطلب). وكل ما يحتاج إليه تثبيت النظام وتشغيله هو القليل من التدريب لفريق الفعالية والعدد المرغوب للصناديق التي يمكن استئجارها أو شراؤها من قبل الزبون.

ورغم بقائه من دون مؤسس شريك، يبدو أن حكيم لديه واحدة من القصص التي تأتي في "المكان والزمان المناسبين".

لم يكن زبونه الأول سوى مؤتمر "عرب نت" Arabnet. "تواصلت مع (الرئيس التنفيذي لومضة) حبيب حداد الذي عرفني على عمر كريستيديس الذي أقنعته لاحقاً بأن يعتمد سوشياتاغ في المؤتمر التالي". ولمحاسن الصدف، مر طارق دجاني (من كلير تاغ) قرب جناحهم في مؤتمر عرب نت 2012، وأظهر اهتماماً بالمنتج. وكان اهتمام "كلير تاغ" بمثابة تنبيه للمؤسس الشاب الذي قال: "لم أعرف حقاً ما الذي يعنيه أن تكون ريادياً إلاّ بعد عام. ولكن حين أصبحت في قلب التجربة، جاء إليّ المستثمرون ولم يكن لديّ خطة عمل لذلك بدأت أقوم بالتمرين".

وفي نهاية المطاف، تفاوض حكيم حول صفقة كانت عادلة له وللمستثمرين وسمحت له بإمضاء عام كامل في التطوير. ولاحقا، جذب زبائن من الوزن الثقيل في المنطقة زوّدوه بما يكفي من الدافع للانطلاق في المستقبل القريب ولكنه حتى الآن وجدهم على أساس تخصصي وهي طريقة قد لا تثبت أنها مستدامة في جذب استثمارات. وتصمنت آخر التطورات أتمتة العلاقة بين البطاقة والصندوق فضلاً عن تطبيق للمحمول أطلق في حزيران/يونيو الماضي.

سألنا حكيم عن الاستراتيجيات الرئيسية التي أوصلته إلى حيث هو الآن اليوم.

1 ـ اعثر على مجال تميّزك

من أجل تحقيق تميّز تنافسي، وضع حكيم برنامج ولاء أكثر اكتمالا وقابلية للتوسّع ويستند إلى مبدأ السحابة توّج الخصائص الحالية لـ"سوشياتاغ" التي تقوم على تفاعلات محسوسة وجناح للصور. يتمتع البرنامج الجديد بخصائص مختلفة مثل أنظمة الائتمان أو تجميع النقاط ويمكنه أيضاً أن يندمج مع خصائص تعمل أصلاً. وبدأت "بيروت ديجيتال ديستريكت" (ومجتمعها من المستأجرين المتنامي بسرعة) تعتمد الخدمة، فاستبدلت البطاقات الأمنية بنظام برنامج الولاء لـ"سوشياتاغ" حيث يستعمل الأعضاء هذه البطاقات للدخول إلى المركز والمرآب والنادي الرياضي ولشراء الطعام من "ديجي كافيه" DigiCafe. يمكن تسمية ذلك تحولاً لأن هذا القطاع الجديد من التقديمات أصبح التركيز الأكبر الحالي للشركة الناشئة. ونظراً إلى نجاح خيار برنامج الولاء، يتوقع أن تركز الجولة التالية للشركة الناشئة على المبيعات والتوزيع. وألمح أيضاً إلى إمكانية الانتقال إلى دبي لأن "السوق هناك أكثر نضجاً ويتم تخصيص المزيد من الميزانيات للتسويق".

2 ـ ابن شبكة حولك

في البداية، عرف حكيم كيف يحيط نفسه بمجموعة من المرشدين المميزين مثل عبد آغا المدير التنفيذي لوكالة الترفيه الرقمي "فاينلاب" Vinelab وهلا فاضل رئيسة منتدى الأعمال التابع لمعهد ماساشوستس للتقنية MIT Enterprise Forum والمؤسس الشريك لـ"سيكنس" Seeqnce سامر كرم فضلاً عن مديري حكيم السابقين طارق دجاني ومارك دفوني. وتعتبر شبكته أيضاً مصدر أول جولة تمويل (تقنية الشركة الناشئة هي أيضاً جزء لا يتجزأ من كلير تاغ).

قد يكون اسم "سوشياتاغ" مؤشراً واضحاً على ميل الشركة الناشئة إلى المساعدة في بناء المجتمعات إن كان على الإنترنت أو خارجه. وأحد الجوانب التي أجدها مثيرة للاهتمام في قصة حكيم هو ميله الطبيعي إلى التوجه نحو الشركات الناشئة سواء بغرض الإرشاد أو الشراكة. مؤخرا، أعلنت سوشياتاغ وشركة الفعالية اللبنانية "ليبتيفيتي" Lebtivity شراكة استراتيجية. وحين سألت حكيم والمؤسسة الشريكة لـ"ليبتيفيتي" رندة فرح بشكل منفصل عن كيفية الوصول إلى الشراكة، قدما لي تقريباً الإجابة ذاتها وهي أن "الأمر يتعلق بمساعدة الشركات الناشئة لبعضها البعض". وتعني شراكتهما أننا سنرى جناح سوشياتاغ في الكثير من الفعاليات التي تنظمها "ليبتيفيتي". وبإمكان الشبكة الجيدة أن تساعدك في تجاوز التحديات. فـ"إينّوفو" الشركة الشقيقة لـ"سوشياتاغ" تساعدها في تجاوز التحدي الأساسي بالصناديق المستوردة من الصين والولايات المتحدة ومجمّعة محلياً.

3 ـ اصغ وتحرّك بسرعة: محادثة حصرية حول "صندوق السلفي" SelfiesBox

جناح الصور هو أشهر إنجازات الشركة الناشئة. وهو يضم شاشة تسمح للمستخدمين بالحصول على طاقاتهم والتقاط صورة يمكن تحميلها فوراً أو إرسالها بالبريد الإلكتروني، لذلك يلقى رواجاً في الشهرين الماضيين، بحسب حكيم.  

في إحدى الفعاليات، ساهم جناح الصور في زيادة معحبي فيسيوك بنسبة 65% خلال أقل من ثلاثة أسابيع (التقط المشاركون حوالي ألف صورة وطلبوا من أصدقائهم التصويت لهم). 

ولهذا السبب بالضبط قرر الريادي الشاب التحرّك بسرعة من خلال تحويل هذا الجانب من عروض شركته إلى منتج مستقل بذاته يسمّى "سلفيز بوكس"، كما قال في مقابلة حصرية سبقت إطلاقه مع ومضة قبل أيام.

وبذلك يبدو أن حكيم أطلق مصادر عائدات محتمل آخر لشركته الناشئة ومنتجاً من شأنه أن يسعد منظمي الفعاليات أكثر. علماً أنه من المقرر إطلاقه مطلع الشهر المقبل.  

وسيعمل صندوق السلفي على الإنترنت وخارجه، ما يسمح لمنظمي الفعاليات بتكوين العلامات التجارية وحتى إضافة إمكانية الطباعة الفورية (خاصية أخرى أضافتها الشركة الناشئة بمساعدة إينّوفو).

آخر نصائحه للريادي الشاب الذي يستعد لإطلاق منتجات، هي البدء باكرا والعثور على مؤسس شريك لإعطائه دفعة والتواصل مع أصدقائك وإذا كنت مهمتاً بالأجهزة توجّه إلى هذا القطاع كأنه لا يوجد الكثير من الشركات الناشئة في هذا المجال في البيئة الحاضنة الإقليمية.