من حاجة شخصية إلى موقع بحث عن مزوّدي خدمات: قصة ريادي تركي
فيما كنتُ أجلس على طاولة تطوير الأعمال في فعالية التواصل والإرشاد "ميكس أند منتور دبي" Mix N’ Mentor، لفتَ انتباهي اثنان من روّاد الأعمال بشكلٍ خاص: إبراهيم كولاك وزوجته دنيا عثمان، الشريكان المؤسِّسان لـ "مستر أوستا" MrUsta، السوق الإلكترونية في الإمارات العربية المتّحدة التي تربط السكان بمختلف مزوِّدي الخدمات.
خلال الجلسة التي دامت ساعة، بدا أنّ الإثنين يملكان نموذج أعمالٍ واضحٍ ومقاربةً واقعيةً للتحدّيات والنجاحات. وبعدما انتهَت الجلسة، تحدثتُ مع كولاك قليلاً وقرّرتُ أن أعاود الاتّصال به على "سكايب" Skype بعد بضعة أسابيع.
وخلال مقابلتنا، شرح كولاك أنّ "كلمة ‘أوستا‘ تعني السيّد أو المعلّم أو الخبير باللغة التركية. كما أنّ الكلمة مستخدمةٌ في العراق والخليج باللغة العربية القديمة." أمّا في سياقنا هنا، تعني "أوستا" مقدّم الخدمات.
كولاك الذي وُلد وترعرع في إسطنبول، درس الهندسة الكهربائية وحاز على شهادة ماجستير قبل أن يعمل في "نوكيا" Nokia. وبعد ثماني سنوات، انتقل إلى "نوكيا دبي" وعمل على تسويق المنتَجات في الشرق الأوسط وأفريقيا والهند. وكونه مقيماً جديداً في دبي، لم يكن من السهل له إيجاد مقدِّمي خدمات، فيتذكر هذا الأمر قائلاً: "تعطّل المكيّف فيما ازداد الطقس حرارةً، وبعد أكثر من 24 ساعةً بلا مكيّفً في شهر أيار/مايو [وهي فترة تصل فيها الحرارة في دبي إلى 37 درجة مئوية أو 99 درجة فهرنهايت]، أصبحتُ يائساً؛ فعامل الصيانة الذي اتّصلتُ به لم يأتِ وتوقّف عن الإجابة على اتّصالاتي. كانَت تلك محنةٌ فعلية". ولذلك، راوَدَته الفكرة: لِمَ لا يُطلق موقعاً "يجعل إيجاد مقدِّمي الخدمات في الإمارات تجربةً سهلةً؟ موقعٌ حيث يتشارك المستخدِمون تجاربهم ويساعدون بعضهم البعض على القيام بالخيار الأفضل؟"
في غضون ذلك، وجد كولاك أنّ الأمور كانت تلعب لصالحه، حيث كان هناك فجوة كبيرة في السوق الإماراتية، بالإضافة إلى أنّ مسيرته المهنية كانت تراوح مكانها. "لم أعد أتعلّم أموراً جديدةً في ‘نوكيا‘. كانت الشركة في طريقها إلى الفشل، فغادرتُها."
في صيف 2013، بدأ كولاك يعمل على فكرته، مطوّراً منصةً إلكترونيةً تربط السكان الإماراتيين الجدد بخبراء. وفي يناير/كانون الثاني 2014، أطلق موقع "مستر أوستا" بمساعدة ثلاثة أشخاص ٍآخرين، هم زوجته دنيا عثمان الرئيسة تنفيذية للتسويق، وأنور تيبيلي الرئيس التنفيذيّ للتكنولوجيا، وسرحان يسيزي الرئيس التنفيذيّ للشؤون المالية.
عندما يلتقي العرض والطلب
عند زيارة "مستر أوستا"، يمكن للمستخدِمين الاختيار ما بين 3 آلاف مقدِّم خدماتٍ في أكثر من مئتي فئة، مثل المكيّفات والفنّيين والسبّاكين وإصلاح الهواتف وخدمات التنظيف والخادمات وصفوف الرقص وغيرها الكثير. وتتضمّن كلّ فئةٍ معلومات اتّصال وعنوان الخبراء المدرجين فيها. وفي الوقت الحالي، يلقى الموقع أكثر من 17 ألف زيارة لصفحاته وفقاً لكولاك، والفئات الأكثر شعبيةً في الموقع هي خدمات التنظيف والخادمات التي تلقى طلباً كبيراً من المغتربين المقيمين في الإمارات. ولقد بات "مستر أوستا" يتضمّن حتّى الآن 1900 خبير مسجّل، يشكل 10% منهم أعضاء فاعلين وفقاً لكولاك. ويضيف هذا الرائد، "نحن نشهد حركةً إيجابيةً على الموقع تمثّلت في زيادة في الزيارات بنسبة 32% من الفصل الثاني إلى الفصل الثالث من عام 2014".
من جهته، يحصل الفريق على معلوماتٍ عن مقدِّمي الخدمات من العملاء، كما يتواصل أفراده مع وكالات التسويق أيضاً. وبعد أن يقوم بالاتّصال الأوّل مع الخبير، يقصد موقعه ويلتقط صوراً لعمله ويرسل له عرضاً كاملاً عن كيفية عمل "مستر أوستا"، كما ويعدّ له حساباً على الموقع. ولدى سؤال كولاك كيف يجنون المال، أجاب قائلاً: "نحن لا نفرض أيّ رسومٍ على أحدٍ حتّى الآن، لأنّ المفهوم ما زال جديداً لمقدِّمي الخدمات. نحن نثقّفهم الآن." ةتابع مضيفاً، "عندما يصبح نموذجنا الجديد جاهزاً، سوف نزور الخبراء واحداً تلو الآخر ونُظهِر لهم كيف يستفيدون من استخدام الموقع." إذ ينوي الفريق البدء بفرض الرسوم على مقدِّمي الخدمات بدءاً من شهر أبريل/نيسان من هذا العام.
وسيسمح نموذج تحقيق العائدات هذا للشركة الناشئة بتلقّي ما بين درهمَين أو ثلاثة على كلّ اتّصال يحصل عليه خبيرٌ مسجّلٌ لديهم. ولتعقّب الاتّصالات، سوف يعمل الموقع مع شركات الاتّصالات المحلية مثل "دو" Du و"إتّصالات" Etisalat لخصم العمولة مباشرةً من فواتير هواتف الخبراء.
ولكن، ما من رحلةٍ رياديةٍ تخلو من العقبات والتحدّيات، وهذا الموقع ليس استثناءً. إليكم ملخّصاً عن أبرز المشاكل التي واجهها الفريق:
كان إنشاء شركة في الإمارات مليئاً بالمتاعب. "الأمر ليس سهلاً عندما يتعيّن عليك دفع رسومٍ للرخصة. فعليك أن [تخصّص أكبر كمٍّ من المال] للتسويق." يقولها كولاك متابعاً، "قدّمنا طلباً على ‘إن5‘ in5 التي ساعدتنا كثيراً بتسديد رسوم الرخصة وفي الحصول على مكتبٍ مشتركٍ لنعمل فيه."
التسويق مكلف. "أعددنا لافتاتٍ لفعالياتٍ وزيّنا سيارات بإعلاناتنا وعلامتنا التجارية وكان ذلك مكلفاً،" يقول كولاك. ولقد تمّ اختيار "مستر أوستا" إلى جانب شركتَين ناشئتَين أخريَين للمشاركة في فعالية تدريبٍ امتدت على يومين، وفاز الموقع بعشرين ألف دولار، الأمر الذي ساعده على تحمّل هذه التكاليف.
كان التطوير بطيئاً لأنّه كل شيءٍ يتمّ عمله داخل الشركة. بما أنّ الرئيس التنفيديّ للتكنولوجيا يتولّى كلّ الأعمال المتعلّقة بالتطوير، فإنّ التغيير في نموذج الأعمال أو في الموقع يتطلّب الكثير من الوقت لتنفيذه.
التغطية الإعلامية، "بفضل ‘أفكار‘ Afkar و‘إن5‘ نحصل على تغطيةٍ جيدة."
تثقيف مزوِّدي الخدمات. "عملهم صغير ومعظمهم يملك مؤسَّسةً صغيرةً جدّاً، وبالتالي ليسوا معتادين على أن يكون لديهم عملاء عبر الإنترنت. هم معتادون أكثر على ‘دوبيزل‘ Dubizzle [موقع الإعلانات المبوّبة المجاني]."
يسعى الفريق حالياً إلى جمع المال، إذ يحتاج إلى ضخّ 200 ألف دولار في التسويق سواء على الإنترنت أو خارجه، وفي المبيع. وبحلول عام 2016، ينوي كولاك أن يتوسّع إلى السعودية وأن ينشئ نسخةً للموقع باللغة العربية، بالإضافة إلى إطلاق تطبيقٍ على الهاتف.