عاملان أساسيان يشجعان الشركات على استخدام ‘البحث في مينا.كوم‘
مضى أكثر من
عامَين منذ أن تناولنا أخبار موقع "البحث في مينا. كوم"
SearchinMena.com (البحث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا).
هذا الموقع الذي يوفّر قاعدة بياناتٍ عملاقةٍ لمورِّدين محلّيين
وإقليميين ومزوِّدي خدمات، يريد أن يصبح دليلاً يربط بين المنتِجين
والبائعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عبر الإنترنت. الفكرة
بسيطةٌ إذاً: إذا كنتَ تبحثُ عن شركة موادٍ كيمياويةٍ في دبي أو شركة
موادٍ بلاستيكيةٍ
في مصر، فإنّ موقع "البحث في مينا.كوم" يوفّر لك لائحةً بأبرز الشركات في المجال الذي تبحث عنه عوضاً عن البحث على محرّك "جوجل" Google search engine وهدر الوقت. فميزة هذا الموقع تكمن في "اقتصاد الوقت وتقديم معلوماتٍ كثيرة بسرعةٍ كبيرة،" بحسب مؤسِّس الموقع ورئيسه التنفيذيّ، سليم عقيل. وبالتالي، نجَحَت هذه الميزة حتّى الآن بجذب لائحةٍ من 25 ألف شركةٍ مسجّلةٍ وأكثر من 1500 زيارةٍ يومياً.
هذا النجاح الذي ما زال في بداياته لم تكن الطريق إليه سهلةً، لاسيّما مع الطموحات الكبيرة لعقيل. هذا المؤسِّس الذي يخبرنا أنّ قصّته طويلةٌ جدّاً، حاول اختصارها لنا ببعض العبارات: "وُلدَت الفكرة عام 2007 عندما كنتُ أبحثُ عن منافِسين لشركة والدي في سوريا على الإنترنت، ولكن من دون جدوى. فراودتني إثر ذلك فكرة موقع "البحث في سوريا.كوم"، الذي تحوّل إلى دليلٍ للأعمال في سوريا. وبحلول عام 2010، كنتُ أملك مكتبَين في مدينتين مختلفتَين في سوريا، حيث أرادَت شركة "كومباس" Compass الفرنسية الاستحواذ على الموقع، إلّا أنّ تدهور الأوضاع في البلاد حال دون ذلك."
يضيف عقيل أنّ هذه التجربة التي ساهمَت في إكسابه الخبرة، ساعدته في تحديد رؤيةٍ لشركته تمثّلّت في توسيع فكرته لتطال منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وبعد ذلك انتقل إلى لبنان ومن ثمّ إلى دبي عام 2011، حيث أطلق "البحث في مينا.كوم". وترافق هذا الانتقالَ مع الكثير من الصعوبات، لاسيّما أنّ عقيل أمضى عاماً كاملاً في البحث عن زبائن ومستثمرين دون جدوى. ويعلّق على ذلك قائلاً، " لقد كان عاماً صعباً. التقيتُ بـ15 مستثمراً جدّيّاً، حتّى حصلتُ في النهاية على عرض استثمارٍ من "حاضنة واحة السيليكون" Silicon Oasis Founders."
وفي الوقت الحاليّ، يوفّر موقع "البحث في مينا.كوم" للزبائن الذين يزورونه نحو ألف فئةٍ من المنتجات. ويقول عقيل إنّ أيّ شركةٍ تستطيع التسجيل على الموقع مجّاناً، أو مقابل دفع رسم 1000 دولار أميركيّ سنوياً. ثمّ يشرح أنّه "عندما يقرّرون التسجيل مجّاناً، يحصلون على عدد زياراتٍ متدنٍّ لأنّهم لا يستطيعون نشر سوى معلوماتٍ محدودةٍ ونموذجٍ عن منتَج واحدٍ. أمّا الخدمة المدفوعة، فهي توفّر لهم نشرَ عددٍ أكبر من المنتجات ووصفاً متكاملاً لشركتهم." ويتابع أنّ "أيّ شركةٍ تستطيع التسجيل مجاناً على الموقع. ونحن بدورنا نلجأ إلى عملية تدقيقٍ بسيطة، للتأكّد من أنّ الشركة موجودةٌ وتملك مكتباً وتنشر معلوماتٍ صحيحة."
أما بالنسبة للزوّار (أو الزبائن)، فالموقع يوفّر لهم فرصةً لتفقّد لائحةٍ من الشركات التي قد لا يجدونها على محرّك بحث "جوجل"، إضافةً إلى معلوماتٍ دقيقةٍ عنها. ويشير عقيل إلى أنّه "عندما يجد الزوّارُ الشركةَ المطلوبة، يستطيعون التواصل مع الشركة من خلال الموقع، عبر تبادل الرسائل أو الاتّصال المباشر بالإضافة إلى طلب عيّناتٍ عن المنتَجات. وبالتالي، عوضاً عن السفر إلى مقرّ الشركة، نوفّر لهم فرصة معاينة النماذج وإبرام الصفقات عن بعد."
وبالنسبة إلى عدد الشركات المسجَّلة، فهو يصل إلى 25 ألف شركةٍ يأتي معظمها من السعودية والإمارات العربية المتّحدة ومصر، في حين يأتي معظم الزبائن من الولايات المتّحدة الأميركية وفرنسا وتركيا والسعودية والإمارات العربية المتّحدة. وبالرغم من هذه الأرقام، يطمح موقع "البحث في مينا.كوم" لأن يصل عدد الشركات المسجَّلة فيه إلى 150 ألف شركةٍ هذا العام، إضافةً للتوسّع نحو تركيا والمغرب. وفي ما يتعلّق بالزبائن، يطمح عقيل أن يزداد عددهم إلى 5 آلاف بحلول نهاية هذا العام.
وبالحديث عن قاعدة البيانات، يقول عقيل إنّها تشكّل التحدّي الأكبر. لا سيّما أنّ 15% فقط من الشركات يملكون موقعاً إلكترونياً، و85% منها لا يتواجدون على الانترنت. وبالتالي، يشكّل جمع البيانات مهمّةً صعبةً يسعى عقيل إلى إيجاد حلٍّ لها. وهو يقوم بذلك من خلال الاستحواذ على مواقع موجودةٍ أصلاً وتملك قاعدة بياناتٍ كبيرةٍ لكنّها ذات دخلٍ منخفض، ومن خلال إطلاق حملةٍ واسعةٍ من التسويق والإعلانات، ومن خلال عمليات المبيعات المباشرة، لا سيّما المبيعات عبر الهاتف.
بالإضافة إلى ذلك، يلجأ عقيل إلى عملية "تحسين محرّكات البحث" SEO و"جوجل أدوردز" Adwords التي تعتبر عمليةً فعّالةً ومنخفضة التكلفة. كما أنّه يحاول إقناع الشركات المسجَّلة مجاناً، باختيار الخدمة المدفوعة بهدف الحصول على نتائج أفضل.
والتحدّي الآخر بحسب عقيل، يكمن في أنّ "الزبائن من خارج المنطقة لا يثقون كثيراً بالشركات هنا، ولا يملكون الأدوات اللازمة للتحقّق من مصداقيّتها. نريد أن نكون المنصّة التي تمنحهم الفرصة للعمل في منطقتنا."
بدورها، ساهمت الأموال التي تمّ ضخّها في الشركة في استمرار مواصلة تطوير الموقع والخدمات التي يوفّرها. وعن هذا الأمر، يخبرنا عقيل أنّ التمويل التأسيسيّ كان شخصياً في البداية (30 ألف دولار؛ 10 آلافٍ من ماله الخاصّ و20 ألفاً من نسيبه)، ومن ثمّ حصل على إرشادٍ وتمويل من حاضنة "واحة السيليكون" بلغ 140 ألف دولار. لم يكتفِ عقيل بهذا القدر فلجأ إلى التمويل الجماعي، فكان ذلك أوّلاً على منصّة "يوريكا" Eureeca حيث جمع 140 ألف دولار، ثمّ عبر جمع التمويل مباشرةً ليحصل في النهاية على مبلغ 450 ألف دولار.
عن هذه التجربة، يخبرنا عقيل أنّ "جمع التمويل لاسيّما من المستثمرين التأسيسيّين صعبٌ جدّاً. فمنصّة "يوريكا" كانت الفرصة الأفضل لأنّها شكّلت أداةً للتواصل مع الأصدقاء ومعارفهم وإقناعهم بالاستثمار في شركتي. وبالتالي، كانت أشبه بسوقٍ آمنةٍ للاستثمار." ويتابع قائلاً، "لدينا حالياً 40 مساهماً نقدّم لهم فرصة بيع أسهمهم، لا سيّما أنّ العديد من الأشخاص مهتمّون بشرائها. بالإضافة إلى أنّن نهدف لجمع مبلغ 3 ملايين دولار في الأشهر الستة القادمة."
إلّا أنّ المشكلة الحالية (أو بالأحرى، الخبر السعيد) هو أنّ قيمة الأسهم ارتفعَت بغضون عامٍ ونصف، ممّا يحمل معظم المساهمين على عدم بيع أسهمهم. "لجأنا إلى شركةٍ ماليةٍ لتقييم الأسهم، وذلك مقارنةً بتقييم السوق للشركات الناشئة عالمياً من دون أخذ العائدات بعين الاعتبار. فكانت النتيجة أنّ قيمة استثمار بـ10 آلاف دولار عام 2014 (الحدّ الأدنى الذي يمنح 0،5% من أسهم الشركة) بات اليوم بـ25 ألف دولار." غير أن موقع "البحث في مينا.كوم" الذي ما زال يعتمد كثيراً على الاستثمارات ولا يجني الأرباح، نجح في دفع رواتب الموظفين السبعة بدوامٍ كامل.
ويعود عقيل ليطلعنا على قرار التوسّع إلى الولايات المتّحدة وفتح مكتبٍ للشركة في وادي السيليكون، وهو ما يُعتَبَر خطوةً استراتيجيةً على المدى البعيد. ويرجع ذلك إلى أنّ عقيل يطمح لإطلاق نسخة الموقع على المحمول من هناك، وبالتالي جذب الشركات الأمريكية التي تريد الشراء من شركاتٍ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويردف قائلاً، "بعد ثلاث سنوات، نحتاج من 30 إلى 50 مليون دولار من أصحاب رأس المال المخاطر. والتواجد في الولايات المتحدة هي الطريقة الوحيدة لجذبهم."
الأهمّ من ذلك، أنّ عقيل يريد بناء قاعدة بياناتٍ تجعله أكبر سوقٍ للتبادل بين الشركات في المنطقة. وبذلك يتمكّن من الوفاء بشروط شركة "علي بابا" Alibabaالعالمية التي تطمح لدخول السوق العربية. ومن أجل هذا الأمر، يحتاج موقع "البحث في مينا.كوم" إلى جمع 400 ألف شركةٍ مسجَّلةٍ في العامَين المقبلَين للجلوس على طاولة التفاوض مع العملاق الصينيّ، وربّما توقيع صفقة الاستحواذ التي ستتوجّه كلّ الأنظار إليها وتكثر الرهانات حول قيمتها.