عندما تبحث عن استثمار لا تُغفل الجوانب القانونية
بعد انطلاق العام الجديد الذي يبدو أنّه سيشهد عصراً جديداً للاستثمار في الشرق الأوسط، ينبغي على روّاد العمال والشركات الناشئة أن ينتبهوا جيّداً لما يقوله زميلهم نزار كاظم من "إيت آب" eatapp.co البحرينية: "أعتقد أنّ الوصول إلى المستثمرين لن يكون سهلاً بدون مشاركة مؤسَّسةٍ قانونية." فعندما يرافق محامٍ مشروع أعمالٍ جديد، سواء كان في المصرف أم مجلس الإدارة، فهذا يوجد الفرق بين الحصول على الثقة أو عدم رؤيتها إطلاقاً.
مهما اختلفت المهن، فإنّ عدداً كبيراً منّا يجهل كثيراً من الأمور عن القانون، خصوصاً إذا ما تعلّق الأمر بكيفية تأثيره على الأعمال. وعندما يتمّ إنشاء شركةٍ ناشئةٍ يتمّ إهمال الجانب القانونيّ غالباً، سواءً لناحية تسجيل الملكية الفكرية IP أو لتشكيل دفاتر الحسابات بشكلٍ صحيح. أشخاصٌ كثُر يبدؤون أعمالهم ليسوا على اطّلاعٍ بقدر الممثل الأميركيّ جو بيشي في الفيلم الأميركيّ الساخر "قريبي فيني" My Cousin Vinny (أنظر الصورة أعلاه).
وكجزءٍ أوّلٍ من سلسلة جديدة عن الشركات الناشئة والقانون، يلقي هذا الموضوع نظرةً عامّةً على ما ينبغي أن تفعله أو لا تفعله الشركة الناشئة عند استخدام القانون كجزءٍ من عملية البحث عن الاستثمار.
الخطأ الذي يرتكبه روّاد الأعمال والشركات الناشئة
يقول توفيق صديحة الشريك في مؤسّسة "عالم وشركاه" في بيروت، إنّ "روّاد الأعمال لا يملكون أدنى فكرةً عن المجال القانونيّ في كثيرٍ من الأحيان. وهذا الأمر يشمل مرحلة الاستثمار أيضاً." ومن خلال عمله مع برنامج "بادر لروّاد الأعمال الشباب"، يقول صديحة إنّ كثيراً من الشركات الناشئة لا تعير اهتماماً كافياً للقانون وبعضها لا يفعل بتاتاً.
عندما تصبح الشركة الناشئة في مرحلة البحث عن استثمار، فهي تحتاج حتماً إلى محامٍ، حيث يقول صديحة إنّ "هذا الأمر ضروريّ." ويتابع أنّ "مشاركة المحامي يجب ألّا تقتصر على صياغة العقود وحسب، بل إنّ دوره يشتمل أيضاً على شرح حقوق وواجبات كلٍّ من الشركة الناشئة والمستثمر."
وأثناء العمل في "بادر"، قابل صديحة كثيراً من روّاد الأعمال الذين لم يلتزم المستثمرون بالصفقات المبرمة معهم مسبقاً، إذ يحصل البعض مثلاً على 20 ألف دولارٍ أميركيٍّ بعدما كان المستثمر قد وعده سابقاً بـ30 ألف دولار. ويعلّق على الأمر قائلاً، "من المتوقّع أن يكون الشباب غير محترف، ولكن ليس بهذه الطريقة." كما يذكر أنّه خلال اللقاءات التي تجري في المنطقة، فإنّ أماكن العرض الخاصّة بالأمور القانونية لا تحظى بالاهتمام الكافي من روّاد الأعمال والشركات الناشئة.
ويضيف صديحة أنّ تقييم الشركة بشكلٍ دقيق، هو أمرٌ يجهله أولئك الذين أطلقوا أعمالهم للتوّ. ويشرح أنّ "تقييم الشركة يمكن ان يتمّ من دون محامٍ، ولكنّه قد يتمّ بشكلٍ سيء. على سبيل المثال، يمكن لتسجيل حقوق الملكية الفكرية بطريقةٍ غير فعّالةٍ أن يؤثّر على قيمة الشركة." ومن خلال هذه الخطوة، يبرز لنا كيف أنّ وجود محامٍ لدى الشركة فكرةً جيدة.
ومن جهته، يوافق الشريك الإداريّ في مؤسَّسة "دجاني وشركاه" الأردنية، يوسف خليلية، على أنّ الشركات الناشئة تجهل الأمور القانونية عندما يتعلّق الأمر بالاستثمار. وبعد خبرة العمل مع الشركات الناشئة "حتّى قبل أن تُسمّى شركاتٍ ناشئة"، فإنّ خليلية نال نصيبه من الحوادث المؤسفة بما يخصّ المنعطفات القانونية.
وبالنسبة إليه، فإنّ من عوامل الفشل الرئيسية التي تصيب الشركات الناشئة، هي أنّ أصحابها لا يملكون "آفاقاً واضحةً حول كيفية التخطيط للمستقبل عندما يتعلّق الأمر بالتمويل." ويقول إنّهم لا يدركون تماماً كيف يمكن أن يؤثّر هذا الأمر على الشركة وعلى المساهمة بها وعلى حقوق المستثمرين الحاليين. ويشرح قائلاً إنّ "البنية القانونية والاستشارية التي تتوازى مع خدمات الاستشارة المالية المناسبة، يمكن أن تضعهم في موقفٍ أفضل للنموّ في بيئةٍ أكثر ملاءمةٍ من شأنها جذب المستثمرين وزيادة تقييم الشركة."
ما الذي يمكن فعله؟
إنّ المؤسَّسات القانونية التي تتشارك مع حاضنات ومسرِّعات الأعمال في السنوات الأخيرة، تُعتَبَر من أكبر المنافع التي تحظى بها الشركات الناشئة. ففي البحرين، يقول كاظم من "إيت آب" إنّه عندما تعلّق الأمر بالجانب القانونيّ من إنشاء الشركة، اختار فريقه التوجّه إلى "تمكين" Tamkeen، الهيئة شبه الحكومية التي تقدّم لروّاد الأعمال والشركات الناشئة مجموعةً من الخدمات الاستشارية. وفي حديثٍ لـ"ومضة"، يقول: "لقد استعنّا بمحامٍ في عملية تسجيل الشركة وصياغة الاتّفاق مع المساهمين." كما كان لديهم أيضاً محامٍ ساعدهم على إدارة التغييرات التي طلبتها وزارة الصناعة والتجارة مثل تحديث عقد التأسيس، وإخطار الوزارات المعنية حول تحديث آلية العمل الخاصّة بهم، والتعامل مع المصرف في سبيل تقديم دليل على الودائع.
يقول كاظم، "أعتقد أنّ الوصول إلى المستثمرين لن يكون سهلاً بدون مشاركة مؤسَّسةٍ قانونية ذات سمعةٍ حسنة." ويتابع أنّه "عندما أقول لهم بأنّ مؤسَّسة ‘جرانت ثورنتون‘ تقوم بهذا العمل، لا يطرحون أيّة أسئلةٍ وأشعر بأنّهم ارتاحوا لهذا الأمر."
وفي لبنان، يعمل صديحة وزميله ميشال غانم حالياً على إنشاء عيادةٍ قانونيةٍ بهدف العمل خصّيصاً مع الشركات الناشئة، سيتمّ إطلاقها في الأشهر القادمة (لا يعطيان موعداً محدّداً).
لماذا تحتاج الشركات الناشئة في مرحلة الاستثمار إلى محامٍ؟
الدراسة الإعدادية
هذه التحقيقات الطوعية التي يقوم بها المستثمرون في كثيرٍ من الأحيان عن الشركة قبل توقيع المستندات النهائية المتعلّقة بالاستثمار. والدراسة الإعدادية القانونية تتطلّب محامياً من أجل؛ أ) تلخيص الوضع القانونيّ للشركة المستهدَفَة/الأعمال (مستنداتها القانونية والتراخيص والاتفاقيات الرئيسية والأصول والتوظيف، وما إلى ذلك). ب) لتسليط الضوء على كافة القضايا القانونية المتعلّقة بالشركة المستهدَفَة، مثل دعاوى قضائية سابقة أو مشاكل تنظيمية.
دفتر الشروط
هذا المستند الذي يُعرَف أيضاً تحت اسم ‘البنود الرئيسية المحدِّدة للاتّفاقية‘ أو ‘مذكرة التفاهم‘ أو ‘خطاب النوايا‘، هو الذي يحدِّد الشروط الأساسية أو الأوّلية التّي سيتمّ بموجبها اتّخاذ القرار بالاستثمار. وهي بمثابة نموذجٍ يمكن من خلاله تطوير الاتّفاق النهائيّ للوثائق المتعلّقة بالاستثمار. وبما أنّ إجراء الاستثمارات يتمّ من خلال الصكوك القانونية (عبر الأسهم أو الديون، أو عبر دمجها سويّاً)، أو من خلال ترتيباتٍ تعاقديةٍ أخرى، فإنّك تحتاج حتماً لمحامٍ من أجل هذا الغرض.
اتّفاقية عدم الإفصاح
هذه الاتّفاقية تعطي ضمانةً للطرف الذي يكشف عن معلوماتٍ سرّية للطرف الآخر الذي تجري معه الصفقة، بأنّه لا يمكن أن ينشر هذه المعلومات.
تنفيذ الصفقة وإتمامها
وهذه المرحلة تعني التفاوض وتنفيذ الاّتفاقات النهائية التي تتعلّق بالاستثمار. ويمكن لهذه الاتّفاقات أن تكون عبارةً عن بيع حصّةٍ واتّفاقيّة شراء، أو اتّفاقيّة قرضٍ أو اتّفاقيّة اكتتاب أو اتّفاقيّة مساهمين.