ريادية لبنانية فضّلت البقاء مع أولادها وإطلاق شركتها من المنزل
تنسينا الحياة ومشاكلها شقاء الأمّ وتضحياتها، فكيف لو كانت هذه الأمّ تشقى داخل المنزل وخارجه؟ إنغريد سلّوم اللبنانية، حالها حال أيّ أمّ عاملة أخرى، أجبرتها الظروف على الاختيار بين عملها وعائلتها. وفي حين أنّ ترك العمل للبقاء مع الأولاد قد ينهي المسيرة المهنية للكثير من الأمهات، كان الأمر مختلفُا بالنسبة إلى سلّوم، التي جعلت من بقاءها في المنزل تجربة ريادية.
حازت سلّوم على ماجستير في الاقتصاد المالي من الجامعة الأميركية في بيروت وبدأت عملها في مصرف "الاعتماد اللبناني" كمحلّلة مالية، ومن ثمّ كمديرة مشروع لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. عام 2007، انتقلت للعمل لدى شركة "سيسكو" Cisco. هناك، أشرفت على تطبيق مبادرة التعليم الإلكتروني. خلال اتصال معها، حدّثتنا عن عملها هناك قائلة: "كان ذلك تحت إطار المسؤولية الاجتماعية للشركات. أحببت مجال التعليم. يمكنك أن ترى أثر أعمالك مباشرة أمامك." بعد خمس سنوات من العمل مع "سيسكو"، استقالت سلّوم من وظيفتها. "أصبحت أمًّا،" أخبرتني بشغف.
... ثمّ أصبحت أمًّا
"أردت البقاء مع أولادي والبقاء في مجال العمل في لبنان في الوقت نفسه. قليلة هي الشركات التي تدعم الأمهات العاملات."
في المنزل، بدأت سلّوم تتنبّه لتفاصيل عن سلوك ولديْها، واكتشفت أنّه من السهل أن يتشتّت انتباههما ومن الصعب إقناعهما بالقراءة بدلاً من مشاهدة التلفاز. لذلك، قرّرت ابتكار وسيلة مسلية، مفيدة وتعليمية للأولاد. "خلال هذا العمر، (لديها ابن عمره ثلاث سنوات وابنة عمرها سنة) يمكنك أن تؤثّر سريعًا على عادات الأولاد."
الحلّ كان "كرايت ماي بوك" Create My Book (أي ابتكر لي كتابًا)، أداة إلكترونية تسمح للأهل بجعل قصص الأولاد أكثر شخصية، وتغيير أحداثها وأسماء الشخصيات إلى أسماء أولادهم كي يشعروا أنهم أبطال القصة. "الهدف هو التشجيع على القراءة منذ السنوات المبكرة، أي سنة حتى 11 سنة. مبدأ الشركة يقوم على فكرة أنه إن كانت القصة تتمحور حول الولد، فسيرغب في قرائتها."
من خلال الاعتماد على القصص الأكثر مبيعًا وتعديلها، تقوم "كريات ماي بوكس" بتعديل القصص وهي تعمل مع فريق من المحررين من الولايات المتحدة لجعل القصص محلية.
أطلقت سلّوم الشركة قبل شهر كانون الأول/ديسمبر وبدأت بجني العائدات وتغطية الكلفة بعد عيد الميلاد. "كان موسمًا رائعًا. كسبنا الكثير من الزبائن المنتظمين".
يستطيع الأهل زيارة الموقع الإلكتروني، اختيار القصة التي يريدون شرائها وتغييرها. خلال 48 ساعة، سيصبح الكتاب جاهزًا للشحن عبر "ليبان بوست" Liban Post وغيرها من شركات التوصيل. حتى الآن، يدعم الموقع خيار الدفع عند التسليم فقط، لكن سلّوم تريد إتاحة الدفع الإلكتروني قريبًا.
شركات تردّ الجميل للمجتمع
من خلال برنامج "أعطِ كتابًا" Give-A-Book-Program، تفسح "كريات ماي بوك" المجال للشركات بالتبرّع بكتب للأولاد، توزّعها "كريات ماي بوك" لاحقًا على المدارس المحلية.
كما تعمل "كرايت ماي بوك" مع المنظمة غير الحكومية "بنك الغذاء اللبناني" Lebanese Food Bank الهادفة إلى محاربة الجوع في البلد. من خلال هذا التعاون، سيتمّ التبرّع بدولار واحد إلى المنظمة كلّ مرة يباع كتاب على المنصة. "نحن مسؤولون اجتماعيًّا عن المجتمع الذي نعيش به، وهذه القضية مهمّة لنا لأنّ النقص في التعليم والفقر يسبّبان الجوع. وهدف كريات ماي بوك الأساسي هو التشجيع على القراءة والمعرفة".
اعتمدت سلوم على فيسبوك والتسويق الشفهي ومدونة Blog of the Boss من أجل التسويق لشركتها. وقد تعاونت مؤخرًا مع متجر الألعاب "جوي كلوب" Joué Club من أجل بيع كتبها هناك.
فيما يتخايل البعض أنّ بيئة العمل من المنزل أشبه بالجلوس على الشرفة والاستمتاع بمشهد البحر، فالواقع مغاير تمامًا. استنادًا إلى سلّوم، إنّ العمل من المنزل يجبرها على تنظيم وقتها وفقًا لوقت الأولاد. "الأمر صعب. لديّ وقت فراغ من الصباح حتى الظهر لأنّ ابني يكون في المدرسة وابنتي تكون نائمة. خلال هذا الوقت، أحاول أن أركّز على العمل. فترة بعد الظهر تكون للأولاد وفي الليل، أعود إلى العمل."
أي نصيحة تقدّميها لرائدة الأعمال الأمّ؟
"أنصحها أن تنطلق. إن تركت عملك لتبقي مع أولادك، فستتعلمين كيف تنظمين أمورك ولن تخسري شيئًا. هذه فرصتك للقيام بمَ لم تسطيعي القيام به من قبل." ثمّ توجّهت إلى المرأة العاملة بشكل عامّ ونصحتها بتحويل تجربة البقاء في المنزل إلأى تجربة مثمرة وإيجابية.
هل أنتِ رائدة أعمال تركت العمل للبقاء مع الأولاد؟ يهمنا معرفة أي تحديات تواجهينها في حياتك اليومية؟