شراء الملابس المحتشمة عبر الإنترنت بأقلّ معدّلات إرجاع
لا شكّ في أنّ القطاع الأفضل لدخوله حالياً هو التجارة الإلكترونية.
يقول البعض إنّ هذه السوق لا تزال وليدةً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولكنّها بالرغم من ذلك تمتلك إمكانياتٍ كبيرةً خصوصاً وأنّ عدد المواطنين المتّصلين بالإنترنت يزداد في كافة أنحاء المنطقة.
ومثل أيّ قطاع يحاول الوقوف على قدميه، تواجه التجارة الإلكترونية حصّتها من التحدّيات. ولذا، تحاول إحدى الشركات الناشئة التي تُعنى بالموضة في المنطقة أن تعالج أحد العوائق الكبيرة، وذلك عبر إحداث ثورة في الطريقة التي نتبضّع بها.
انطلقت "مييلا" Miella في أيار/مايو، وهي تستهدف سوق الحلال التي تزداد شعبيةً – وهنا هي سوق الملابس المحتشمة للنساء – محاوِلةً أن تصبح المنصّة الأولى التي تعتمد تقنيّات متقدّمة لضمان اختيار العملاء مقاس الملابس المناسب.
فقد أخبرنا مؤسّس الشركة المقيم في دبي، رامي الملك (الصورة أدناه)، أنّ "التجارة الإلكترونية سمحَت لنا أن نترك بصمةً مقابل جزء بسيط من الجهد الذي كنا سنبذله قبل عقدٍ من الزمن. وبالطبع، إنّ التجارة الإلكترونية لا تخلو من التحدّيات، ولذلك كنا ندرك أهمّية معالجة مشكلة انتقاء المقاس الصحيح لاحتواء معدّل استبدال القطع المشتراة وإعادتها".
خفض معدّل إعادة الملابس
وفقاً للبيانات التي تمّ عرضها في قمّة "عرب نت" للرقمية ArabNet Digital Summit التي انعقدت مؤخّراً، سوف تبلغ قيمة سوق التجارة الإلكترونية 40 مليار دولارٍ أميركيّ بحلول نهاية العام 2015.
وفي حين لا تتوفّر أيّ أرقام خاصّة بالمنطقة، إلاّ أنّ معظم البحوث توافق على أنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتضمّن عدداً متزايداً من المشترين على الإنترنت، وذلك يُعزى إلى أنّ 60% من المستهلكين يقلّ عمرهم عن 25 عاماً.
في المقابل، تشكّل إعادة المشتريات العامل الأكبر الذي يخفّض من هوامش الربح وبالأخصّ في مجال الملابس، بسبب إمكانية ألّا يكون المقاس مناسباً. وتُقَدّر معدّلات الإعادة في الوقت الحالي في المنطقة، بما بين 20 و40%.
في محاولةٍ لمعالجة هذا الواقع، أصبحَت "مييلا" منصّة التجارة الإلكترونية الأولى في المنطقة التي تعتمد تقنية "فيرتو سايز" Virtusize التي تسهّل على الزبائن عبر الإنترنت إيجاد المقاس المناسب لهم في كلّ مرّة يتبضّعون بها.
بتنا أقرب إلى الحصول على مقاساتٍ أدقّ للتبضّع عبر الإنترنت.
ويشرح الملك قائلاً أنّ "جلّ ما عليك فعله هو أخذ قياس قطعةٍ مشابهة من الملابس التي تملكها، وسيخبرك ‘فيرتو سايز‘ بقياسك المناسب على ‘مييلا‘."
ويضيف قائلاً: "لقد حاولنا تصميم شيءٍ يسمح للعملاء بالحصول على التجربة الأفضل من العلامة، فلم يتبقَّ لهم سوى أن يلمسوا المنتَجات فعلياً."
وبدوره، شرح الشريك المؤسِّس لـ"فيرتو سايز" ومديرها التنفيذي، جوستاف تونامار، في صفحته على موقع "لينكد إند" Linkedin، كيف أنّ استخدام هذه التقنية يعطي المنصّة ميزةً تنافسية. وقال إنّه "على المتاجر أن تجعل تجربة التبضّع أكثر سلاسة؛ فالقدرة على تذكّر قياس العميل ومذاقه وعاداته لا تشكّل ميزةً تنافسية فحسب، بل ستصبح قريباً ميزةً ضرورية."
يبدو أنّ الخطة تنجح. فوفقاً للملك، إنّ نسبة إعادة القطع على موقعه أقلّ بكثير من المعدّل المعتاد الذي يتراوح بين 20 و40%. ويقول هذا الرائد إنّ "معدّل الإعادة والبدل لدينا يبلغ 12%، بعدما لعبَت تقنية ‘فيرتو سايز‘ دوراً هاماً في العملية. وبالتالي كلّما اعتاد عملاؤنا أكثر على هذه التقنية، وابتعدنا أكثر عن خيار ‘الدفع عند التسليم‘ cash on delivery، نتوقّع أن نتمكّن من خفض هذا المعدل بعد."
زيادة شعبية الملابس المحتشمة
حتّى عام 2013، بلغ إنفاق المستهلكين المسلمين على الملابس نحو 266 مليار دولار، ما يقارب 12% من الإنفاق العالمي على الملابس والأحذية.
في هذا الوقت، يشهد مجال الملابس المحتشمة نمواً سريعاً. فخلال القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي الأسبوع الماضي، قال الرئيس التنفيذي لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي، عبد الله العوار، إنّ هذا المجال يصبح شيئاً فشيئاً جزءاً هامّاً من الاقتصاد الإسلامي في المنطقة."
وأضاف انّه "في حين أنّ سوق الملابس الإسلامية سوقٌ ضيّقة وخاصّة، إلاّ أنّنها تملك فرصة لتؤثّر في مجال الأزياء بشكلٍ عام وتتسلّل إليه، فتجذب المسلمين وغير المسلمين."
لكنّ الهدف لا يكمن في بيع الملابس المحتشمة للنساء فحسب، إذ يتابع الملك مشيراً إلى أنّ "الأمر يتعلق بتعزيز التغيير الإيجابي، ولذا نقدّم نسبةً مئويةً من إجمالي مبيعاتنا إلى منظّمات تساعد الأطفال المصابين بالسرطان وغيرها من الأمراض المهدّدة للحياة."
بالإضافة إلى ذلك، يولي الفريق أهمّيةً للمصادر التي يستقدمون منها مواد الملابس. فيقول الملك لـ"ومضة": "لقد بقينا نسافر من وإلى الصين وتركيا طوال عامٍ كامل، إلى أن تمكّنا من إيجاد المصانع الملائمة لنصنع الملابس فيها. كان من الهامّ جدّاً لنا أن نضمن أنّ الملابس تُنتَج بطريقةٍ أخلاقية – بعيداً عن عمالة الأطفال القسرية وحرصاً على توفير ظروف عمل صالحة [وغيرها من الأمور]."
وفي غضون ذلك، فإنّ "مييلا" التي حصلَت على مبلغ تأسيسي قدره 250 ألف دولار من مستثمر تأسيسي، تبشّر بداياتها بالخير، وقد بدأت تكسب اهتمام مستثمرِين آخرين.
ويكشف لنا المؤسِّس قائلاً إنّ "هذا الاهتمام يثير دهشتنا وهو يأتي في الوقت المناسب أيضاً، فنحن نستعدّ للانطلاق إلى العالمية."
"لقد وقّعنا للتو اتفاقاً مع ‘ماركة في آي بي‘ MarkaVIP، سيسمح لنا بتوسيع بصمتنا سريعاً في أنحاء المنطقة. كما نعمل أيضاً على عرض منتجاتنا على منصّات أخرى عالمية للبيعٍ بالتجزئة، كما وعرض منتجات ‘مييلا‘ في متاجر فعلية في الخارج."
سبق أن حصلَت هذه المنصّة على الدعم من شخصيّات بارزة، منها مؤسِّسة "مجلس تصميم الأزياء الإسلامية" Islamic Fashion Design Council، عليا خان؛ ورجل الأعمال البارز المقيم في الإمارات، فادي السعيد، والذي قال إنّ "‘مييلا‘تتمتّع بالمكانة الملائمة، وبمنتَجٍ مدروس جيّداً، وسلسلة توريد فريدة."