دايف ماكلور في رام الله: الفرص كبيرة في المنطقة
بدا واضحاً في فعالية "ستارتب جريند رام الله" Startup Grind Ramallah، يوم الخميس الماضي، أنّ فرق العمل أقل أهمية مقارنةً بالمنتَج الذي تبيعه، وفقاً لدايف ماكلور الذي قال لجمهوره: "إذا عرضتم عليّ منتَجاً سيحبّه العملاء، سوف أصبح أكثر استعداداً لأستثمر في شركتكم".
اتسمت فعالية "ستارت أب جريند رام الله" بطابع ودي ومتبصّر، فيما تكلّم الشريك المؤسس لـ "500 ستارتبس"، دايف ماكلور (إلى اليمين)، مع مجتمع شركات رام الله الناشئة. (الصور من روان أبو عشيرة).
بعد تصريحه هذا، بدت الصدمة واضحةً على وجوه الجمهور الذي كان يتابع ماكلور، الشريك المؤسّس لـ "500 ستارتبس" 500 Startups، والذي يُعرف بنقده اللاذع لعروض أفكار الشركات الناشئة.
وفي إطار مجيئه إلى رام الله ليتكلّم في فعالية "ستارتب جريند"، تابع بالقول: "ضعوا جانباً أفكاركم المسبقة حول ما يجب أن يبدو عليه المؤسِّس الجيد، أو ما يجب أن يتفوه به، لأنّه ما من معايير محدّدة في نهاية المطاف لرائد الأعمال الأمثل. ولذا، فالنظر إلى المنتَج النهائي أفضل من النظر إلى فريق العمل".
كما أكّد ماكلور أنّ العملاء هم القوة الدافعة وراء نجاح أيّ رائد أعمال، وليس المهارات التي نفترض أنّ على رائد الأعمال التحلّي بها. وقال إنّه "يوجد خطّ فاصل دقيق بين العبقرية والجنون. فالصفات عينها التي تجعل رائد أعمال ممتازاً، قادرةٌ أن تتسبّب بفشل رائد أعمال آخر".
يُعرف عن ماكلور أنّ لديه سجلّاً حافلاً بالاستثمار في شركاتٍ ناشئةٍ ناجحة. وبالحديث عن حياته ومهنته، قال إنّه بدأ كمبرمج، ثم أصبح رائد أعمال، ثمّ مستثمراً تأسيسياً، وبعد ذلك "مستثمراً فظيعاً"، كما قال ممازحاً.
إمكانات غير مستغَلّة
ركّز ماكلور في الآونة الأخيرة على الاستثمار في شركاتٍ في أسواق ناشئة، وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي البلدان المتكلمة باللغة الإسبانية وفي اليابان. وشرح أنّ ثمّة الكثير من الفرص غير المستغَلّة في الأسواق الناطقة بالعربية، وأنّ دخولها أسهل من دخول الأسواق الأميركية مثلاً.
وأضاف قائلاً: "أنا أهتمّ أكثر للشركات التي تستهدف الناطقين بالعربية في المنطقة. فهذه الأسواق تضمّ المزيد من الفرص ومن الأسهل دخولها".
من جهته، كان الجمهور مسروراً جدّاً لحضور ماكلور في رام الله. فقال جورج خضر: "من الرائع أن يزور دايف فلسطين ليستكشف الساحة الريادية هنا. هو رمزٌ في ريادة الأعمال في العالم أجمع. ومع توسّع ‘500 ستارتبس‘ في الشرق الأوسط ونطاق تمويلها، يشكّل قدومه إلى فلسطين خطوةً ممتازةً، ويبين أنّه على الرغم من أنّ الساحة التكنولوجية ما زالت ضيقة النطاق هنا، إلاّ أنّها تشهد توسعاً ونموّاً، كما أنّها تستحوذ على مستوى لا بأس به من الاهتمام".
أصرّ ماكلور على أنّ الشرق الأوسط سوقٌ ممتازةٌ للتجارة الإلكترونية والشركات التي تقدم البرمجيات كخدمة SaaS. فالشركات التي لا تُعنى بالضرورة بالتكنولوجيا بالكامل إنمّا تضم مكوّناً تكنولوجياً، تهمّ ماكلور، الذي يرى أنّها تشكل نماذج أعمالٍ أبسط نسبياً للبيئات الحاضنة القائمة حالياً في المنطقة.
من ناحيتها، قالت شروق قواريق، وهي رائدة أعمال أخرى أتت لتسمع ماكلور يتكلّم، إنّه "نظراً إلى شبكته الواسعة وخبرته، بدا كأنّه يقدّم للشركات الناشئة الفلسطينية قناةً جديدةً من الفرص والمعارف".
القيمة
سأل أحد الحاضرين ما هي القيمة الأكبر التي يقدّمها ماكلور للشركات التي يستثمر فيها. فأجابه الضيف أنّها المال. وقال إنّه "إلى جانب المال، تحصل هذه الشركات على طيفٍ من المرشدين والتوجيه لعملها، لكنّ الأهم أنّها تحصل على شيك مصرفي. فهدفنا يقضي بنشر رؤوس الأموال، ونحن نحبّ إعطاء الأموال هذه إلى أشخاصٍ لا يمكنهم الحصول عليها بسهولة".
وعن الأخطاء التي اقترفها في بداية مسيرته، أشار إلى تحرير شيكات مصرفية أكبر وأبكر من اللازم. وهنا تذكّر حالةً كان لديه فيها 300 ألف دولار ليستثمرها في شركاٍت ناشئة ما زالت في أولى مراحلها، فحرّر شيكاً بقيمة 50 ألف دولار وآخر بقيمة 100 ألف دولار، وبذلك كان قد أنفق نصف المدّخرات بعد مضي ستّة أشهر فقط.
ولدى سؤاله عن استثماره المفضّل، أخبر ماكلور الجمهور أنّ للشركة الناشئة "سلايد شير" SlideShare مكانةً خاصّةً في قلبه. وتابع شارحاً: "غالباً ما يكون رائد الأعمال شاباً أبيض البشرة يذاكر كثيراً. أما ‘سلايد شير‘، فكانت فريدةً في أنّ رئيسها التنفيذيّ امرأة سمراء البشرة، كما أنّ مؤسّسيها كانوا شغوفين وملمّين بالعمل الذي يقومون به".
بالإضافة إلى ذلك، ناقش ماكلور الصعوبات الإضافية التي تواجهها النساء و"الأشخاص ملوّني البشرة" عندما يقرّرون إنشاء شركة، وبخاصّةٍ في البلدان النامية. "لذا من الهام جداً الاستثمار في رائدات الأعمال الشابات في الأسواق الناشئة وهو أمرٌ يهمّنا فعله"، كما قال.
وعن اليوم المثالي بالنسبة إليه، أجاب الشريك المؤسّس لـ "500 ستارتبس": "أن أُعطى 20 مليون دولار بشرط ألاّ أستخدم سوى مليوناً واحداً من هذا المبلغ، لاستثمرتُ في عشر شركات".
الفكرة تتمحور هنا، كما أشار ماكلور، حول زيادة فرصك بتحقيق قصص النجاح. فعندما تستثمر مبالغ أصغر في عددٍ أكبر من الشركات، تزيد فرصك في تحقيق العائدات.
كما شدّد أيضاً على أهمية الاستثمار في شركات في المنطقة. ففريقه سبق أن استثمر في "شوب جو" ShopGo وهي منصّة تجارة إلكترونية للشرق الأوسط، وفي "وظّف" Wuzzuf وهي منصّة إلكترونية لعرض الوظائف في مصر.
ومع زيادة تقبّل المستهلكين الخليجيين للدفع عبر الإنترنت، يقول ماكلور إنّ فريقه يسعى الآن للاستثمار في شركات ناشئة في الخليج. غير أنّه يرى أنّ عملاء بلاد الشام سوف يلحقون بهذا التوجّه في غضون بضع سنوات. وشدد من جديد على أنّ العملاء هم العامل الأساسي في نجاح أيّ شركة ناشئة، إلى جانب إتقان التسويق عبر الإنترنت. هذا ولم ينكر ماكلور الدور الكبير الذي تؤديه الشؤون السياسية في توسّعه في المنطقة، متمنّياً لو أزالت الحكومات بعضاً من العراقيل التي يواجهها المستثمرون.
"ألا تعتقدون أنني أخضع للمزيد من التدقيق من جانب حكومة الولايات المتحدة الأميركية لأنني أبرم شراكات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟ بالطبع بلى،" قال ماكلور مؤكّداً أنّ "ذلك لا يعني أنّني سوف أتوقّف عن ذلك، فالفرصة الفعلية هي هنا الآن".
بدوره، قال روان أبو عشيرة، منسّق البرامج لدى برنامج "ديجيتال أنتربرونورشيب" Digital Entrepreneurship في "ليدرز" Leaders، إنّ "مجيء دايف ماكلور إلى منظمة ‘ليدرز‘ كان من أجمل التجارب بالنسبة لنا. فمن الجيد أن نسمع آراء خبراء في المجال، لأنّ ذلك يساعد البيئة الحاضنة على التطوّر بشكل أسرع. لقد ساهم كثيراً حتّى الآن في برامجنا وفي مسرّعات النموّ".