بعد عرض الفكرة على دايف ماكلور إليكم ما تعلمت
عندما سمعتُ أنّ دايف ماكلور آتٍ إلى رام الله وغزة، انتابني للوهلة الأولى شعورٌ بالذهول، فكنتُ متأكداً أنني سأنجح في القيام بشيءٍ هناك.
وعندما علمتُ أنّه تم اختياري لأكون من بين عشر شركات ناشئةٍ سوف تعرض مشاريعها على ماكلور، الشريك المؤسس لـ "500 ستارت أبس" 500 Startups والمستثمر التأسيسي الـ"مذهل"، انتابني القلق والحماس والارتباك، كلّهم في آنٍ واحد.
مؤسِّسا "كنز" Kenz كريستينا غانم ونيكولا كوكو يستمعان إلى تعليقات دايف ماكلور. (الصورة لـروان أبو عشيرة)
هل كنت جاهزةً لأعرض فكرتي على ماكلور؟
كنتُ أستعدّ لأطلق شركتي الناشئة، "كنز"، وهي عبارةٌ عن موقعٍ إلكترونيٍّ للتجارة الإلكترونية يبيع الثياب الداخلية للنساء في الشرق الأوسط.
فكّرتُ في البدء أنّني ربما لم أكن مستعدةً لأعرض فكرتي أمام ماكلور: ربما كان الوقتُ لا يزال مبكراً جدّاً حيث أنّ الموقع لم يكن شغّالاً بعد، ولم يكن لدينا ما يكفي من الأرقام والإحصاءات لنبرهن له أنّ الفكرة جيّدة وأنّ المنطقة بحاجةٍ فعلاً إلى "كنز"، أو حتّى لنبرّر له لِمَ يجب أن تثير الفكرة اهتمامه أصلاً.
ومن ثمّ استيقظتُ فجأةً من هذه الكوابيس وسرعان ما رميتُ هذه المخاوف والتردّدات جانباً، وبدأتُ العمل. فما أسوأ شيء قد يحصل؟ هل سيأكلنا أحياء؟ هل سيرمي فكرتنا في الهواء ويخبرنا أنّها ليست ثوريةً وأنّ ثمّة ما يكفي من الثياب الداخلية في السوق؟
بعد مشاهدة بضعة فيديوهات لماكلور وهو ينتقد شركاتٍ ناشئةً أخرى حول العالم، أدركتُ أنّنا كنّا نقف أمام تحدٍّ كبير.
ففي حين لم أكن قادرةً أن أعرض على ماكلور إحصائياتٍ وأرقاماً تبيّن نجاح "كنز" بعد، كان لا بدّ لي أن أبرهن له أنّ الفكرة جيدة وأنّ الوقت مثاليٌّ لتؤدي "كنز" دوراً بارزاً في سوق الملابس الحميمة في الشرق الأوسط.
وبذلك أعددتُ وشريكتي عرضاً صغيراً لنعرضه على ماكلور في يوم الفعالية. فقمنا أوّلاً بالبحث عن عروضٍ ناجحةٍ من شركاتٍ تمكّنت من الانضمام إلى "500 ستارت أبس".
أدركنا أنّ البساطة هي السرّ: فكان علينا أن نبيّن أولاً المشكلة التي نحاول حلّها، ومن ثم التكلّم عن أبرز الأرقام التي تبيّن لِمَ سيكون هذا الموقع فكرةً جيدة. وحرصنا على أن تكون شرائح العرض قصيرةً والنصّ مقتضباً، وأضفنا صوراً للملابس الداخلية التي سنبيعها لنستحوذ على انتباهه.
يوم العرض
طُلب منّا أن يدوم عرضنا خمس دقائق، على أن يعطينا ماكلور تعليقاته وآرائه بعدها.
بدأ التوتر يغلّب علينا عندما أدركنا أنّ سنعرض فكرتنا إلى جانب شركاتٍ ناشئةٍ أخرى باتت في مراحل أكثر تقدماً بكثير في عملها، أمثال "ماش فايزر" Mashvisor و"فضفض" FadFid و"إندي بوش" Indiepush و"ويب طب" WebTeb.
وعندما حان دورنا لنعرض فكرتنا، نهضنا وجهزنا شرائح عرضنا وخضنا المعركة فوراً.
بدأت بالتكلّم عن المشكلة التي تواجهها النساء عند محاولة شراء ملابس داخلية في المنطقة، مثل عدم توفّر المقاييس والشعور بالإحباط لدى التبضّع في متاجر يملكها رجال، وعدم قيام أحد في السوق الآن بتلبية احتياجات المستهلكات النساء لدى بحثهنّ عن صدرية جيّدة. وتكلّمنا عن أهمية "كنز" كونها من النساء وللنساء، في حين أنّ الشركات المنافسة الأخرى مثل "فيكتورياز سيكرت" Victoria’s Secret لا تُرضي سوى أذواق واحتياجات المستهلكين الذكور في الواقع.
ثمّ ناقشنا حجم السوق وعدد المستخدمين الذين يتسوقون عبر الإنترنت في المنطقة، وما هي الفئات العمرية التي نستهدفها، ومن سيكون شركاءنا الأساسيين فيما خصّ الشؤون اللوجستية والعلامات التجارية.
تفاجأنا أنّ دايف ماكلور لم يأكلنا أحياء، ولم يرمِ فكرتنا في الهواء ـ بل أعطانا تعليقاتٍ مذهلة! وبشكلٍ عام، كان صريحاً بشأن ما إذا كان الموقع مشروعاً تجارياً يهمّه الاستثمار فيه أو لا.
أخبرنا أنّنا أبلينا بلاءً حسناً، وأنّنا حسناً فعَلنا أن تطرقنا إلى المشكلة مباشرةً. وقال إنّنا كنّا واضحين، وإنّنا أدلينا بالأمور الأساسية، وهو أمرٌ هام بالنسبة إليه، كما وإنّه كان من الهامّ أنّنا ركّزنا على إلمامنا بالسوق وعلى ما لا يجعل من الرجال خبراء في هذا المجال. وبتعابير ماكلور: "أشعَرتُم الرجال المستثمِرين الموجودين في القاعة بالخزي".
لقد كان فحوى نقده أنّنا بما أنّنا نحن النساء فعلاً الخبيرات في هذا المجال ونعلم كلّ شيء عن الصدريات، علينا أن نركّز على ذلك في عروضنا القادمة وأن نبيّن فعلاً أنّنا متمكّنتان من هذه المعرفة.
وتعليقه العام للجميع، كان أنّه عندما يكون لدى الشركة الناشئة أيّ أرقامٍ حول عائداتها أو نجاحها، يجب أن تذكر هذه الأرقام فوراً، وأنّ الشريحة الأولى هي الأهمّ. وأذكر هنا أنّ الشرائح الفارغة التي بالكاد تضمّ القليل من الكلام، كما والشرائح التي تضمّ الكثير من الكلام، لن تنفعكم مع دايف ماكلور.
بالإضافة إلى ذلك، شرح أنّه من الهامّ التمييز بين عرض الفكرة على عملاء وبين عرضها على مستثمرين. فعند عرض الفكرة على عملاء، يجب عرض المنتَج وتوفير المزيد من التفاصيل حول ما يتمّ بيعه. أمّا أمام المستثمرين، فيجب التكلم عن العائدات والأرقام والقيمة العمرية للعميل LTV وخفض الكلام عن طريقة عمل المنتج.
أنا ممتنةٌ فعلاً لأنّني حظيتُ بفرصة عرض فكرتنا على ماكلور. كان الأمر برمّته غامراً، ولكن، بطريقةٍ إيجابية. وسواء حصلنا على ردٍّ من فريقه أو لا، بات لدينا الآن عرضٌ لا يمكن تفويته وأصبحنا أكثر عزماً من أيّ وقتٍ مضى لنبيّن للشرق الأوسط لِمَ الآن هو الوقت الأمثل لإطلاق "كنز".