إلى أي مدى ينتشر مفهوم التسويق بالعمولة في مصر؟
أثناء إلقاء الشركات لكلماتها في المؤتمر. (الصور من "فايسبوك")
أصبح مفهوم الربح من شبكة الإنترنت سائداً حول العالم، ولاسيّما مع تنوّع السبل المتاحة لذلك. وفي وقتٍ تصل فيه نسبة البطالة في مصر إلى 12.7%، تصبح الحاجة ماسّةً إلى تسليط الضوء على قنوات ربحيةٍ على الشبكة، تساهم في تقليص نسب البطالة تلك.
من هذا المنطلق، يرى كلٌّ من محمد خرطبيل ومحمود فتحي، مؤسّسَي "قمّة أفليت العرب" Arab Affiliate Summit، أنّ برامج التسويق بالعمولة لصالح مواقع التجارة الإلكترونية Affiliate Marketing قد تكون حلّاً يتصدّى للمشكلة.
انطلقت هذه القمّة في نسختها الأولى العام الماضي لتكون الأولى من نوعها في المنطقة، ثمّ عادت بنسختها الثانية مطلع الشهر الجاري لتسهم في المزيد من نشر الثقافة في مصر.
وخرطبيل الذي يعتبَر صاحب أوّل شبكة تسويقٍ بالعمولة في الشرق الأوسط، يحظى بأكثر من 8 سنواتٍ من الخبرة في مجال التسويق الإلكتروني. أمّا فتحي، مؤسّس شركة "عربي أدز" Arabyads، فيحظى بخبرة 5 سنواتٍ في مجال التسويق بالعمولة في العالم العربي.
في حوارٍ مع "ومضة"، يخبرنا خرطبيل عن بدايات الفكرة، فيقول: "قرّرنا بدء عملٍ نُفيد به الشباب في تحقيق استقلاليةٍ مالية، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء أوّل مؤتمرٍ عن التسويق بالعمولة في الشرق الأوسط. وكان أوّل مؤتمرٍ لنا في عام 2014، وكانت أكبر التحديّات التي واجهتنا هي محدودية خبرة الناس في هذا المجال، والخلط بينه وبين التسويق الشبكي Multi-level marketing."
هل يحلّ التسويق بالعمولة مشكلة البطالة في مصر؟ يبدو أنّ كثافة الحضور تجيب عن ذلك!
يتابع خرطبيل مضيفاً أنّ "الحال تغيّر الآن، بحيث بات لدينا 15 ألف طلب تسجيل في برامج ‘أفليت‘، بالإضافة إلى أكثر من مليونٍ و20 ألف متابع على صفحتنا على ‘فايسبوك‘، ما اعتبره نجاحاً مُرضياً بالنسبة إلى عامٍ واحد."
في هذا العام، شهدت القمّة طفرةً في نسبة المشاركات، ما يُعدّ مؤشّراً على انتشار ثقافة برامج التسويق بالعمولة في مصر، بين الشركات والشباب على حدٍّ سواء.
في هذا الصدد، يشرح خرطبيل أنّه "في العام الماضي، كان لدينا 3 رعاةٍ فقط بالإضافة إلى 17 متحدّثاً و650 من الحضور. أمّا هذا العام، فأصبح لدينا 20 راعياً و21 متحدّثاً، فيما تجاوز عدد الحضور 1500 شخص."
وتضمّنَت القمة محاضراتٍ تعريفيةً عن برامج التسويق بالعمولة من قبل الشركات المشاركة، وأبرزها مواقع التجارة الإلكترونية مثل "سوق دوت كوم"Souq.com، و"نمشي"Namshi، و"جوميا"Jumia، والمكتبة الرقمية "جملون"Jamalon، و"بيت دوت كوم" Bayt.com، و"ماركا في آي بي" MarkaVIP، وعددٍ من شركات السياحة والطيران، من بينها "هوتيلز كومبايند" Hotelscombined.
كما تنوّع الحضور بين شبابٍ يبحثون عن قنوات عملٍ جديدة أو فرص دخلٍ إضافي، ومسوّقين جاؤوا للتعرّف على أسرار قصص نجاح من سبقوهم، أو للبحث عن أساليب جديدة للتطوير من أساليبهم الإعلانية والتنقيب عن طُرق تسويقيةٍ فعّالة.
وبدورها، تبارت الشركات في تقديم المزايا وتسهيلات التعامل للشباب الراغبين في فتح مجالات عملٍ على شبكة الإنترنت، وتراوحت نسب العمولة بين 5% إلى 25%، بحسب كلّ قطاع.
وفيما أجمع مسؤولو التسويق في معظم الشركات الحاضرة على وجود عددٍ من التحديات في السوق المصرية والعربية، لم يفصح أيٌّ منهم عن حجم مبيعات شركته من وراء برامج التسويق بالعمولة.
في هذا السياق، يفصح مدير التسويق الرقمي في "سوق دوت كوم"، أحمد مصطفى، عن أنّ شركته بصدد تنظيم دوراتٍ تدريبيةٍ على برامجها للتسويق بالعمولة، مؤكداً أنّ "السوق المصرية لاتزال بحاجةٍ إلى الكثير من الجهد للوصول إلى مرحلة نضجٍ مُرضية فيما يتعلّق بنشر المفهوم."
من جهته، يتّفق مؤسّس "جملون"، علاء السلال، مع مصطفى في الرأي، مشيراً إلى ضرورة تزويد الشركات لمسوّقيها بالمعلومات الكاملة، مع الحرص على التواصل الدائم معهم لتوفير عنصر المصداقية والمتابعة.
في هذا الوقت، يؤكّد مدير التسويق الرقمي في "نمشي"، عمرو أبو العينين، أنّ شركته تحضّر الآن "لتدشين أكاديمية تدريبٍ في مصر خلال الشهر المقبل، بهدف توريد دفعاتٍ من المسوّقين بنظام التسويق بالعمولة إلى السوق كلّ 3 أشهر."
وفي حواره مع "ومضة"، أعلن أبو العينين عن برنامج تسويقٍ بالعمولة دشّنته "نمشي" لمسوّقيها في كلّ دول المنطقة، باسم "منشي دوت إنفو" Manshi.info، وهو عبارة عن لعبةٍ افتراضية من عدّة مستويات، يحصل كلّ مسوّقٍ فيها على مزايا مختلفة حسب حجم مبيعاته.
أمّا مدير التسويق في شبكة "زوار" Zwaar.net الإعلانية، أحمد إبراهيم، فيؤكّد أنّ "الشباب العربي بشكلٍ عام، ليس صبوراً بما يكفي على التعليم؛ وإذا لم يحقّق أرباحاً سريعةً، يتخلى عن المشروع برمّته؛ هذا ما دفعنا لإطلاق كوبونات مدفوعةٍ مسبقاً لحثّ الشباب على التجربة والمثابرة."
ورغم شغف معظم الشباب من الحضور ببرامج التسويق بالعمولة التي أعلنت عنها الشركات المتواجدة، وبالأخصّ تلك المتوفرة باللغة العربية، إلا أنّهم أجمعوا على عدم توفّر عنصر الثقة بسهولة، "وخاصّةً بعد إغلاق شبكة ‘ايكو‘ Ikoo الإعلانية، وضياع أموالنا،" حسبما يقول كلٌّ من محمد حسن (محاسب)، وعبد الرحمن الهادي (مترجم حرّ).
وبنظرةٍ على الأرقام العالمية التي حققتها برامج التسويق بالعمولة عالمياً، يؤكد تقرير عن مؤشّرات عام 2014 أنّه بالرغم من هيمنة المرأة على الشبكة، إلّا أنّ نسبة 73% من المسوّقين بالعمولة لصالح مواقع التجارة الإلكترونية تذهب للذكور، و31.9% منهم ضمن الفئة العمرية من 25 إلى 34 عاماً.
كما ويشير التقرير إلى أنّ الملايين ينضمون إلى برامج التسويق بالعمولة يوميّاً من مختلف دول العالم، علمًا بأنّ أكثر من 25% من المسوّقين بالعمولة يعملون بتلك الوظيفة بنظامٍ الكامل، ويعتمدون عليها كمصدر دخلهم الوحيد.
أمّا الشريحة الكبرى من المسوّقين بالعمولة فيعتبرون المسألة قناة دخلٍ إضافي، إذ تدرّ بالفعل على 57.7% منهم أقلّ من 10 آلاف دولار شهرياً، و9% منهم ما بين 10 و25 ألف دولار شهريّاً.
تعتمد الشريحة الكبرى من المسوّقين (وفقًا للتقرير) على تعدّد المدوّنات وقنوات البيع، التي يتصدّرها "فايسبوك"، و"تويتر" و"جوجل" وتحسين الامتثال لمحرّكات البحث SEO والتسويق بلبريد الإلكترونيّ، والإعلانات.
يقول التقرير إنّ طفرة التسويق بنظام التسويق بالعمولة بدأت تبلغ ذروتها عالميّاً منذ عامَين فقط؛ فهل نتوقّع لدولةٍ كثيفةٍ التعداد السكاني مثل مصر أن تستغرق المدّة نفسها لتحقيق الطفرة ذاتها؟ مع الإشارة إلى أنّ شركات التجارة الإلكترونية، من مختلف القطاعات، تبدي اهتمامها بإنشاء ركائز تسويقيةٍ رقميةٍ لها في بلد الـ95 مليون نسمة.