لا شيء يخفى: روّاد أعمال في دبي يتحدّثون عن فشلهم
الشريك المؤسّس لـ"أورجانيك برس جوس"، دانيا فاهانيان، يتحدّث عن فشله مع مؤسّس "موتي روتي"، طاهر شاه. (الصورة لـ جاكلين صوفيا)
وسط رائحة القهوة التي تعمّ المكان وتختلط مع أصوات المجتمعين، شهدَت دبي أوّل فعاليةٍ للحديث عن الفشل باسْمِ "فَن دبي" FUN Dubai [أي "ليالي الفشل" FuckUp Nights]، حيث اجتمع الناس في مقهى "كافيه رايدر" Café Rider لسماع قصص فشل الشركات الناشئة: ما الذي قامَت به وكيف تعاملت مع الأمر.
بدأت فكرة فعالية "ليالي الفشل في دبي" مع جاي مينوركا، مالك شركة تنظيم الفعاليات "أبريجانا" Abregana، بعد سماعه بهذا المفهوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وعن تجربته الأولى كرائد أعمال، وقال مينوركا إنّه "في السنة ونصف السنة الأولى في مجال الأعمال، كان الأمر صعباً عليّ، وكنتُ أبحث عن شخصٍ لأحدّثه [عن ذلك]... عن مجموعةٍ من الأشخاص في الإمارات يمكنني أن أثق بهم وأنفّس عن الإحباط الذي يراودني قبل البدء بنهار آخر جديد."
ثمّ بعد فترةٍ، وبعدما وصلته رسالةٌ عبر البريد الإلكتروني سُئل فيها عمّا إذا كان يرغب في تنظيم فعالية "فاك اب نايتس" FuckUp Nights في دبي، أطلق الفعالية مع مجموعةٍ من أصدقائه ولكن باسمٍ مختلفٍ هو "فَن دبي" FUN Dubai، كون الاسم الأجنبي لا يتلاءم مع المجتمع المحلّي.
و"فاك اب نايتس" هي امتيازٌ عالميّ وتجمّعٌ لروّاد الأعمال الذين يريدون تشارك قصص فشلهم، بدأ في المكسيك عام 2012 ثمّ انتشر في أنحاء العالم.
أمّا عن الفعالية المحلية في دبي، أشار مينوركا إلى أنّها لم تكن تناسب الجميع، "فبعدما وافق متحدّثان أو ثلاثة على الحضور عادوا وقالوا ‘إنّ هذه الفعالية لن تقدّم صورةٍ جيدةً عن شركتنا، ولذلك لن نشارك فيها‘،" مضيفاً أنّ الفعالية تحتاج أشخاصاً مستعدّين لكشف كلّ شيءٍ أمام الجمهور.
إظهار الروح الريادية
حضر في ذاك المساء كلٌّ من ندى زجالاي الرئيسة التنفيذية لـ"جلام بوكس" GlamBox، وأسامة الرمح من "ديجيتال لابز" Digital Labs، وطاهر شاه من "موتي روتي" Moti Roti، ودانيال وكريس فاهانيان من "أورجانيك برس جوس" Organic Press Juice (في الصورة أدناه، من اليسار إلى اليمين. الصورة من "إنستجرام".)
قبل اعتلاء المنصّة للكشف عن مكنوناتهما، سارع الأخوان فاهانيان إلى القول بأنّ شركتهما الناجحة الآن لم تصل إلى هذه المرحلة بهذه البساطة.
فبينما صرّح كريس بأنّهم أنفقوا 24 ألف درهماً إماراتياً (6500 دولار) على موقعٍ إلكترونيّ لم يستعملوه قط، أشار دانيال إلى أنّ السنوات التي قضاها في العمل في قطاع البناء ساهمَت في جعل مستوى التوتّر عنده يرتفع كلّما واجه مشكلةً ما، قائلاً: "لقد عملتُ في قطاع البناء لعشر سنوات، حيث كان التوتّر سيود على مدار الساعة وكلّ أيّام الأسبوع."
من جهتها كشفت زجالاي من "جلام بوكس" عن ميلها للإدارة التفصيلية micromanagement، كما وعن إغلاق أوّل موقعٍ للتصميم عبر الإنترنت "صدى شوب" SadaShop.com.
ففي عام 2009، وعندما كان الشراء عبر الإنترنت غير معروفٍ كثيراً في الشرق الأوسط، قادها طموحها الجامح للاستمرار بمفهوم الإدارة التفصيلية من دون الاعتماد على أيّ قاعدةٍ معرفيةٍ أو خبرةٍ خارجيةٍ. "لم يكن لديّ فكرةٌ عمّا كنتُ أفعله معظم الوقت، ولكنّني شعرتُ بأنّني مضطرّةٌ للقيام به في كلّ الأحوال،" حسبما قالت.
ولدى سؤالها عمّا كان يلزم القيام به عكس ذلك، أجابت باّنه يجب على الناس أن يتعلّموا "قول الأمور مهما كانت العواقب... أن يدقّوا نواقيس الخطر [كلّما استدعَت الحاجة]."
بدوره، تذكّر أسامة الرمح، مؤسِّس شركة "ديجيتال لابز" التي أغلقت أبوابها، عودته إلى المربّع الأوّل بعد الخطأ الذي اقترفه بإعطاء حصّة الأغلبية لمستثمِرٍ آخر فشل في الحفاظ على مصلة الشركة، لافتاً إلى أنّه "توجّب عليّ التخلّي عن فريق عملٍ كامل خلال اجتماعٍ واحد."
أمّا طاهر شاه، مؤسِّس "موتي روتي" ورئيسها التنفيذي، فتحدّث عن التحوّل الذي قام به في مسيرته المهنية، من العمل في مجال تكنولوجيا المعلومات لدى "نوكيا" Nokia إلى افتتاح مطعم باكستاني في دبي، ذاكراً الكثير من تجاربه مع كلفة إطلاق عملٍ تجاريّ في الإمارات.
ومنها مع شركته التي بدأت كواحدةٍ من أوائل شركات عرَبات بيع الطعام في البلاد، حيث ذكر أنّه أدرك سريعاً "صعوبة الأمر أيضاً فيما يتعلّق ببيع الطعام في العربات"، لأنّ بيع الطعام بهذه الطريقة في دبي يتطلّب الحصول على تراخيص وموافقة من البلدية وهذا ما يمكن أن يكلّف بين 136 ألفاً و545 ألف دولار.
وعن هذه التجربة قال شاه إنّ "في تلك الأيام لم يبقَ لديّ أيّ موارد، والأمر كلّه كان يتوقّف على النشاط والجهد المبذول وحسب."
وبالرغم من أنّه ما زال يكافح في عمله، أكّد أنّ "موتي روتي" لم تكن لتنمو إلى ما هي عليه الآن لولا أن مرّت بتجارب الفشل، داعياً إلى فهم الفشل كجزءٍ من الإنسانية.
"هكذا نتعلّم، فالفشل هو حجر الأساس."
الفشل يمكن أن يقودنا إلى مستقبلٍ أكثر إشراقاً
في ختام الأحاديث، أجمَع روّاد الأعمال إلى أنّ تجارب الفشل التي مرّوا بها قادَتهم إلى ما هو أفضل.
وفي هذا السياق ذكرَت زجالاي أنّه عند تصفية "صدى شوب" بعد ثلاث سنوات على عملها ظنّت بأنّ هذه ستكون النهاية، إذ كانت تشعر "بالحيرة والألم يعتصرانها."
ولكن بعد ذلك، تواصل معها الشركاء المؤسِّسون لـ"جلام بوكس" بعدما رأوا "قيمةً هائلةً في تجربة الفشل" التي مرّت بها حسب قولها، فدخلَت معهم وأصبحَت اليوم الرئيسة التنفيذية.
وفي حديثٍ مع "ومضة" بعد الفعالية، قالت إنّ "‘جلام بوكس‘ كانت بمثابة خشبة الخلاص بالنسبة لي،" مشيرةً إلى أنّ الشركة تتوسّع وتبني انطلاقتها في المكان المفضّل لديها، السعودية.
وبينما شدّدَت على أنّ النموّ يشبه الانطلاق مرّةً أخرى حيث الخوف من الفشل موجودٌ دائماً، لفتَت إلى أنّهم "الآن في الهاوية وعلينا أن نخرج منها."