اتفاقيات المساهمين: من الأطر العامة إلى التفاصيل الصغيرة [دليل]
يمكن أن تستغرق عمليّة التفاوض على اتفاقيّة المساهمين أشهراً طويلة، والهدف هو المحافظة على مصالح كافة الأطراف المعنية. (الصورة من "إيفولوشن" Evolllution.com)
اتفاقيات المساهمين shareholders’ agreements هي اتفاقيات خطيّة تحفظ حقوق وواجبات المساهمين فيما يتعلّق بإدارة الشركة وتشغيلها والإشراف عليها وتحويلات الأسهم فيها.
وبينما تتراوح فترة التفاوض من أسابيع إلى عدّة أشهر، غالباً ما تشمل هذه الاتفاقيات أحكاماً تحمي مصالح المستثمر الجديد. لذلك، على مؤسِّسي الشركات الناشئة أن يتوخوا الحذر الشديد فيما يتعلّق بهذه البنود.
فمن جهةٍ يحتاج المؤسِّسون إلى التمويل ليتابعوا نشاطات الشركة الناشئة، ومن جهةٍ أخرى عليهم التخلّي عن جزءٍ كبيرٍ من سيطرتهم على شؤون الشركة. أمّا دور المحامي هنا فيكمن في التوفيق بين هذه المصالح المتضاربةـ والتوّصل إلى تسويةٍ ترضي الطرفين وتخدم مصالح كلٍّ من المؤسِّسين والمستثمرين.
في غضون ذلك، يجدر التمييز بين اتفاقيّة المساهِمين والنظام الأساسي للشركة articles of association، أو ما يُعرف بالنظام الداخلي by-laws. فاتفاقيّة المساهمين تكمّل النظام الأساسي للشركة، وعليها أن تحترم أحكامه وبنوده كما عليها أن تخضع للقوانين.
وفي هذا الإطار، نقدّم فيما يلي مقارنةً صغيرةً تساعد على التفريق بين هذَين المستندَين:
أوّلا، إنّ اتفاقية الشركاء لا تُسجّل في السجِلّ التجاري Register of Commerce، لذلك تكون نافذة المفعول تجاه موقّعيها وغير نافذةٍ تجاه طرف ثالث، كما لا يجوز إعلام طرف ثالث ببنودها التي تبقى سريّة.
أمّا النظام الأساسي للشركة فيُعلن عنه من خلال تسجيله في السجلّ التجاري، وبالتالي يمكن لطرفٍ ثالثٍ الاعتماد عليه. وهذا هو السبب الذي يدفع المستثمرين إلى الإصرار على تعديل النظام الأساسي للشركة الناشئة بعد استحواذهم على أسهمٍ فيها، وذلك لكي يعكس أحكام اتفاقيّة المساهمين.
ثانياً، يمكن أن توقّع اتفاقية المساهِمين من قبل بعض المساهمين وليس جميعهم بالضرورة.
لكنّ النظام الأساسي للشركة يحب أن يوقّعه كافة مؤسّسيها وبذلك يكون مفعوله نافذاً تجاه المساهمين الحاليين والمستقبليين وعليهم الالتزام بأحكامه.
ثالثاً، لا يمكن تعديل اتفاقيات المساهمين من دون موافقة جميع الموقّعين عليها.
أمّا النظام الأساسي للشركة فيمكن تعديله عملاً بأحكام القانون التجاري، وذلك بقرارٍ من الجمعيّة العامة غير العادية.
تنتقل اتفاقيات المساهمين بين المؤسّسين والمستثمرين إلى حين التوصّل إلى تسوية تحمي مصالح الأطراف كلّها. (الصورة من "بلون كامبوس" Bloncampus.com)
رابعاً، غالباً ما تتضمّن اتفاقيات المساهمين أحكاماً مرتبطة بعمليات الشركة وإدارتها، بما في ذلك التواريخ الأساسيّة، والتزامات الإبلاغ، وخطط العمل، والبنود السريّة، وشروط الحصريّة، والبنود المرتبطة بحقوق الملكية الفكريّة، والبنود المرتبطة بفضّ النزاعات للتأكيد على استمرارية عمل الشركة، بالإضافة إلى بنودٍ أخرى.
في المقابل، يتضمّن النظام الأساسي للشركة أحكاماً عامة تعالج المسائل البسيطة، مثل اسم الشركة، وعنوانها المعتمد، وهدفها، وصلاحيات الهيئات المختلفة فيها، واجتماعات الهيئات وغيرها. ولا يتمّ الدخول في التفاصيل المرتبطة بعمليّات الشركة.
غالباً ما يسأل المؤسّسون: "لماذا علينا توقيع اتفاقية المساهمين بالإضافة إلى النظام الأساسي للشركة؟"
في أغلب الأحيان، عندما يدخل مستثمرٌ جديد إلى الشركة، سواء عن طريق انتقال أسهم إليه أو زيادة في رأس المال، فإنّه يشعر بالحاجة إلى ضمان استثماره والاحتفاظ بقدرٍ من السيطرة على شؤون الشركة، وذلك لتأمين خروجه (عبر صفقة بيع أو استحواذ) والاستفادة من بعض حقوق الأولوية وغيرها، بخاصّةٍ عندما لا يمتلك أغلبية أسهم الشركة. لهذه الأسباب، يصبح نصّ اتفاقية المساهمين والتوقيع عليها أمراً ضرورياً.
عادةً، تشمل اتفاقية المساهمين بنوداً عدّة حول إدارة الشركة، يمكن أن تشمل تعيين أعضاء مجلس الإدارة واستقالاتهم، وإنشاء لجان معيّنة، والتزامات الإبلاغ، والأمور المحفوظة reserved matters وهي المسائل من الأعمال والقرارات التي تحتاج إلى موافقة الأغلبيّة غير البسيطة من المجلس أو موافقة أفراد معينين غالباً ما يكونون المستثمر. كذلك، تشمل هذه الاتفاقيات بنوداً تفرض السريّة وتمنع المنافسة بين المساهمين، بالإضافة إلى بنود المساهَمة (حقّ الشراء المسبق Pre-emption، والتفضيل Preferential، وحقوق الإلزام بالبيع Drag-along، وحقوق الارتباط عند البيع Tag-along، وبنود عدم بيع السهم بسعر أدنى من السعر الذي دفعه المستثمر anti-dilution، وغيرها)، والبنود التي تعطي حقوق الأولويّة لبعض المساهمين خصوصاً المستثمِرين منهم (كالأولويّة عند تصفية الشركة أو الأولوية عند توزيع الأرباح).
في الإجمال، قد تستغرق المفاوضات أسابيع وحتى أشهراً، تتنقّل فيها نسخ عدّة من اتفاقيّة المساهمين بين الفريقين ومحاميهم. وفي أفضل الحالات، ينتج عن اتفاقيّة المساهمين هذه علاقة مهنيّة تعود بالنفع على جميع الأطراف المعنية.