هل انتهى شهر عسل 'كريم' و'أوبر' في مصر؟
الزيادة في أسعار خدمات "أوبر" وكريم" فاجأت المصريين. (الصورة من "كريم")
قد يكون شهر العسل الذي عاشته "كريم" Careem و"أوبر" Uber في مصر قد انتهى، فهاتان الشركتان تُتَهمان بزيادة متواصلة في الأسعار لكنّهما تقولان إنّ الزيادة في أسعار التعرفة تعود إلى الحملات الدعائية التي تقومان بها.
لجأ المصريون إلى شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحليّة ليعبّروا عن خيبة أملهم من الشركتين اللتين تسيئان استخدام قوّة السوق المتزايدة من خلال زيادة تعرفة الأجرة، في أغلب الأحيان.
في الوقت الحالي، "أصبحت ‘الأسعار المرتفعة‘ معيار التسعير [الجديد]" حسبما ذكر إسماعيل البحار على منصّة التواصل الاجتماعي "فايسبوك" Facebook متّهماً "أوبر" بالاستفادة من "حاجات الناس بالحصول على خدمة تنقّل لائقة من أجل فرض أسعار باهظة وظالمة، وهذا هو مفهوم الاستغلال بعينه." لاقى تعليق البحار هذا تفاعلات كثيرة، فحصل على ألفي إعجاب وأكثر من ألف مشاركة.
ويرمز "التسعير المرتفع" surge pricing إلى الزيادة الأوتوماتيكيّة في أجرة التنقّل عندما يفوق الطلب عدد السائقين في الجوار.
بعض المستخدمين يتّهمون هؤلاء العمالقة بإساءة استخدام قوّة السوق. (الصورة لـ إسماعيل البحار)
كذلك، كتبت الشابة الأخرى، دينا حشيش، في إحدى وسائل الإعلام المحليّة باسم "سكوب إبماير" Scoop Empire، أنّه "في كلّ مرّةٍ أطلب سيّارة ’أوبر‘ أو ’كريم‘ لا أحظى أبداً بالأسعار العاديّة. عندما بدأتُم، لم يكن لديكم عددٌ هائلٌ من السائقين والأسعار كانت جيّدة."
على سبيل المثال وبسبب الزيادة في الأسعار، تشير الكاتبة إلى أنّ كلفة الانتقال في ساعات الزحمة من المعادي في ضواحي القاهرة إلى التجمّع الخامس وصلت إلى 76 جنيهاً مصرياً (8.56 دولارات أميركية)، بعدما كانت تكلّف عادةً حوالي 50 جنيه مصري (5.63 دولارات).
ليس استغلالاً بل تسعيراً ديناميكياً
تقول الشركتان في المقابل إنّ الزيادة في الأسعار تعود إلى الدعاية الهائلة وبعد أن تظاهر سائقو سيارات الأجرة ضدّها، وبالتالي إلى الزيادة في الطلب.
في شباط/فبراير وآذار/مارس، أقام سائقو سيارات الأجرة سلسلة مظاهرات ضدّ هاتين الشركتين طالبين منها إغلاق أبوابها، لأنّ الخدمات التي تقدّمها تجعل المنافسة غير منصفةٍ وتؤدّي إلى خسارة عملهم.
في هذا السياق، يقول أبو أحمد، وهو سائق سيارة أجرة في أواخر العقد الخامس من عمره، إنّه عانى "بعد انطلاق هذه الخدمات؛ فأنا لا أملك السيارة التي أقودها طوال اليوم، وعليّ أن أجني الأموال لأدفع الأجرة لمالكها ولنفسي، ولكنّ هذا الأمر بات صعباً منذ أن أخذت [’كريم‘ و’أوبر‘] زبائننا."
لسوء حظّ السائقين المتظاهرين، لم يتعاطف عددٌ كبيرٌ من المصريين مع وضعهم بسبب سنوات طويلة من الخدمة السيّئة. (الصورة من "شروق" Shorouk.net)
في حديثه مع "ومضة"، يشير المدير العام والشريك المؤسّس لـ"كريم"، مدثر شيخة، إلى أنّ "التظاهرات قدّمت ’كريم‘ لعددٍ كبيرٍ من الناس لم يكونوا يعرفونها من قبل."
ويضيف أنّه "في حين لم تكن ’كريم‘ مشهورةً للغاية في مصر، فإنّها مع بدء التظاهرات حصلت على تغطيةٍ إعلاميةٍ في الأخبار وعلى الراديوهات؛ وبالتالي ذاع صيتها."
بسبب ذلك، شهد الطلب على خدمات "كريم" زيادةً هائلة وسجّل نموّاً من 30 إلى 40 % أسبوعياً، حسبما يلفت شيخة، معللاً الزيادة في الأسعار بأنّها تعود إلى معادلةٍ اقتصاديةٍ ترتبط بالعرض والطلب. ويذكر أيضاً أنّ الشركة "اضطرّت بأسفٍ شديد للوصول إلى ذروة التسعير" في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي.
"لا يمكن لأسطول السيارات أن يكبر بهذه السرعة، لذلك عانينا من نقصٍ في السيارات وبدأت الخدمة تفقد ثقة الناس،" يقول شيخة.
من جهته، يقول المدير العام لـ"أوبر"، أنطوني خوري، إنّ سائقي هذه الشركة يأخذون الحصّة الأكبر من التعرفة ’80%‘ فيما لا تزال ’أوبر‘ تأخذ نسبة 20% من التعرفة كعمولة".
وفي حين يلفت إلى أنّه من المرجّح أن يتشجّع السائقون على القيادة إذا كانت التعرفة أعلى، يشرح أنّه "إذا كان السائق يشاهد التلفاز وارتفعت الأسعار، فهو سيتشجّع على قيادة السيارة أكثر."
هل تتدخّل الحكومة؟
بعدما أغلقت التظاهرات أجزاءً من القاهرة لساعات عدّة، جاء ردّ الحكومة في 9 آذار/مارس بتشكيل لجنةٍ تهدف إلى تخفيف التوتّرات.
ولكن، هذه الصعوبات لا تقتصر على مصر فحسب، إذ أنّ الحكومات حول العالم تعاني في سبيل تحسين إدارة ظاهرة طلب السيارات هذه: فرنسا منعَت الخيار الأقلّ كلفة (وهو أن يستخدم السائقون سياراتهم الخاصة)، في حين وضع عددٌ كبير من الولايات الأستراليّة أنظمةً خاصّةً بهذه الخدمة.
أمّا في مصر، تقدّم "أوبر" خدمتَي "أوبر أكس" UberX و"أوبر سيليكت"Uber Select التي تديرها شركات سيارات محترفة تستخدم التطبيق للحصول على التعرفة.
يوافق شيخة وخوري على أنّ الحكومة كانت متعاونةً معهما، فيقول هذا الأخير إنّ "الحكومة تتحرّك بسرعةٍ وقد شكّلت لجنةً لمعالجة المشكلة"، مضيفاً أنّ "أوبر" والحكومة المصرية قد أقاما حواراً علنياً.
بدورهم، التقى مستثمرو "كريم" وزيرة التضامن الاجتماعي، غادة والي، ووزير التنمية المحليّة، أحمد زكي بدر.
لم يفصح خوري وشيخة عمّا إذا كان المحادثات ستؤدّي إلى نتائج إيجابية. وبالرغم من التلميح إلى أنّ الحكومة تميل لقبول وجودهما في السوق، يبدو أنّه مع خمود تظاهرات سائقي سيارات الأجرة لم تعد هذه المحادثات ملحّة.
التذمّر يضرّ أحياناً
عوضاً عن إيقاف الشركات في مصر، قدّمت التظاهرات عملاء جدد لهذه الخدمات، إذ أنّ عدداً كبيراً من الأشخاص دافع عن الخدمة شارحاً أنّها أكثر نظافة وأماناً وفيها مكيّف هوائي، وبالتالي فهي خدمة أفضل بكثير مقابل زيادة قليلة في السعر.
على سبيل المثال، تقول علا عزّ التي تبلغ 30 عاماً وتعمل في المعادي، إنّ "هذه الخدمة مثاليّة بالنسبة إليّ"، مبديةً استعدادها لدفع تعرفةٍ أعلى قليلاً مقابل خدمة جيّدة ورحلة هادئة.
وتذكر عزّ أنّ "سائقي سيارات الأجرة غير جديرين بالثقة؛ يمكنك أن تقف في الشارع لعدّة دقائق فيما يرفض سائقو سيارات أجرة عدّة إيصالك بهزّ رؤوسهم عندما تقول لهم وجهتك"، ولكن مع "كريم" و"أوبر" لن يرفض السائقون إيصالها إلى وجهتها أبداً.
سائقو سيارات الأجرة يحسّنون خدماتهم
في حين تظاهر بعض سائقي الأجرة، قرّر البعض الآخر تحسين خدماتهم وإيجاد مدخولٍ ثابت لهم.
تجوّلت "ومضة" بين ضواحي القاهرة من الزمالك إلى الدقّي مع أستاذ هشام، وهو سائق سيارة أجرة يبلغ 37 عاماً، حيث عرض طرقاتٍ عدّة توصلنا إلى وجهتنا وطلب منّا اختيار الطريق التي تناسبنا.
يقول هشام: "دوّنتُ الملاحظات عمّا سمعتُه حول هذه الخدمات [’كريم‘ و’أوبر‘]"، ويشرح أنّه يركّز على بناء "لائحةٍ من العملاء" بفضل تعرفةٍ ثابتةٍ أقلّ من تعرفة هذه الخدمات، بالإضافة إلى "خدمةٍ محسّنة".
وفيما يلفت هذا السائق إلى عدم مشاركته في التظاهرات لأنّه في المقابل يفضّل "تقديم خدمة أفضل"، يؤكّد ذلك عبر تقديم ميزة اختيار الطريق المفضّلة لكافة عملائه كما يحرص على تشغيل العدّاد.