الجزائر والدار البيضاء وتونس معاً لدعم ريادة الأعمال الاجتماعيّة
ماذا لو تعاون كلّ من الجزائر والمغرب وتونس في حلّ المشاكل الاجتماعيّة؟
تقوم بذرة هذه الفكرة على أنّ مجموعة صغيرة من الشباب المغاربة يؤمنون بقدرتهم على حلّ المشاكل الاجتماعيّة في بلادهم وربط البيئة الريادية الإقليميّة وتقوية العلاقة بين عناصرها.
فكرة الوحدة المغاربيّة هذه جذبَت الشريك المؤسس لأكاديميّة "موروكو ليدرشيب" Morocco Leadership Academy و"تيبو" TIBU لكرة السلّة من الدار البيضاء، أيوب عمّار.
وبحسب عمّار، فإنّ الفعاليات التي تجمع أشخاصاً من كلّ من البلدان تقوّي البيئة الريادية إذ تسمح للأعضاء بلقاء "أشخاص يعملون في السياق الثقافي الذي نعمل فيه، ويواجهون التحديات نفسها التي نواجهها".
خلال فعاليّة عرض الأفكار التي جرت الأسبوع الماضي، أعرب رائد الأعمال التونسي البالغ من العمر 26 عاماً، إلياس، عن رغبته في "التعرّف على المشاكل الاجتماعيّة في الجزائر والمغرب واكتشاف التحدّيات الفريدة التي يواجهها روّاد الأعمال هناك، وذلك بالإضافة إلى المساهمة في تطوير الحلول".
فعاليّة واحدة، ثلاثة بلدان
فعاليّة عرض الأفكار التي حملت اسم تحدّي "ذا مغرب سوشيال نايت" Maghreb Social Night Challenge، وأقيمت في 17 و18 حزيران/يونيو، جمعَت المغاربة لاكتشاف الحلول الرياديّة لمشاكل اجتماعيّة مختلفة في مدينة الجزائر والدار البيضاء وتونس.
استضافت هذه الفعاليّة مشاركين مختلفين جاء كلّ 30 منهم من بلدٍ، وساهمت في نشر التوعية حيال مشاكل مختلفة منها بطالة الشباب وصعوبة الحصول على العناية الصحيّة والتعليم وتهميش بعض المجتمعات أيضاً.
قدّم كلّ بلد مشكلةً لجيرانه طالباً المساعدة في حلّها: التونسيون اختاروا إعادة إشراك المساجين السابقين في الحياة الاجتماعيّة؛ أمّا الجزائريون، فاختاروا نقص الفرص الاقتصاديّة للمرأة في المناطق الريفيّة؛ في حين طلب المغرب العمل على نسب ترك الدراسة في المناطق الريفيّة.
"تكمن الفكرة من هذا التحدّي في تحديد أسس التعاون واتخاذ إجراءات ملموسة بين بلداننا،" حسبما شرحت إيناس بن محمّد، مديرة "إيسباس بداية" Espace Bidaya في المغرب، التي شاركت في تنظيم هذه الفعاليّة بالتعاون مع "الجيريان ستارتب إينيشياتيف" Algerian Startup Initiative من الجزائر و"لاب إيس" Lab’ess من تونس.
وأضافت قائلةً: "جميعنا نريد العمل سويّاً و[إنشاء] مغرب [عربيّ] متّصل وموحّد بين الجميع".
رغم بعض المشاكل التقنيّة، تمكّن المشتركون من طرح الأسئلة على نظرائهم في بلدان أخرى لحسن فهم التحدّيات والظروف المحليّة وتبادل المعلومات مع الفرق الأخرى.
إيجابيّات مغرب موحّد
أرادت المستشارة المغربية المستقلّة في التنمية الاجتماعيّة، رقيّة، التي رفضت الإدلاء باسمها الكامل، معرفة المزيد عن ريادة الأعمال الاجتماعيّة، كما أرادت مشاركة خبرتها في العمل مع المنظّمات غير الحكوميّة على مدى 10 سنوات.
في حديثها مع "ومضة"، ذكرت أنّ "الفضول ساورها لمعرفة المزيد عن مفهوم [ريادة الأعمال الاجتماعية] واكتشاف الأدوات الجديدة والتعرّف إلى أشخاص جدد".
شاركها في هذا التمنّي مؤسس تطبيق التبرع بالدمّ في الدار البيضاء "بلانكي" Blanky، ياسر، الذي لم يفصح عن اسمه الكامل أيضاً، والذي قال بدوره إنّه "لليلةٍ واحدة، نضع أنفسنا مكان أخوتنا وأخواتنا في تونس والجزائر، ونؤسس حلولاً لمشاكلنا سويّاً. وتقوم النتيجة الأساسيّة على هذا التبادل، وهذه الصداقة وهذه المشاعر الإيجابيّة التي تُزيل كلّ القيود والحدود السياسيّة والاجتماعيّة وتتخطّاها".
الحاجة للتنفيذ والاستدامة
فكرة إنشاء شبكة رياديّة مغربيّة موحّدة ليست بجديدة. ففي عام 2012، وفي "مؤتمر ريادة الأعمال بين المغرب العربي والولايات المتحدة" US-Maghreb Entrepreneurship Conference، ناقش قادة الأعمال والمسؤولون الحكوميون كيفية تحقيق العلاقات التجاريّة من خلال ريادة الأعمال.
وبالتالي من المرجّح لهذه العلاقات أن تنمو تركيز من خلال الجهود على المستوى المجتمعي، وتتوجه نحو قضايا ومشاكل يهتمّ بها روّاد الأعمال وهم في مكانةٍ مناسبةٍ للتأثير عليها وإحداث تغيير فيها.
وبالعودة إلى المسابقة، فقد فاز حلّ "باص ماجيك" bus magic بالتحدّي المغربي بعد أن قدّمه فريق من الفريقَين التونسيّين بهدف مساعدة الطلاب في المناطق الريفية على التنقّل.
فاز الفريق التونسي الآخر بالتحدّي الجزائري بعد أن طوّر مشروعاً لتدريب وإرشاد للنساء في تصنيع وبيع المنتجات الإقليمية والحرف اليدويّة.
أمّا في التحدي التونسي، ففاز فريق جزائري عن فكرة رقعة "صنع في السجن" إذ أنّ الفريق أراد تسويق المنتَجات التي يصنّعها السجناء بهدف تعليمهم صنعة ومساعدتهم على ادّخار الأموال لإعادة الاندماج بالمجتمع.
تأمل الحاضنات الثلاثة أن تتحوّل هذه الأفكار إلى مبادرات حقيقية. ومن أجل تحفيز ومساعدة المشاركين، سوف تقدّم هذه المنظّمات حضانة أعمال مجانية.
وحتّى لو لم تتحوّل هذه الأفكار إلى مشاريع ملموسة، فقد شكّلت الفعاليّة نجاحا ًبارزاً لأنّها وضعَت ركيزةً لمجتمع من روّاد الأعمال الطموحين والحاليين في المغرب العربي، ونشرت الوعي وسهّلت تبادل المهارات بين البلدان الثلاثة.